مع تسارع انتشار كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم، حيث بلغ عدد الحالات المؤكدة به أكثر من 1.13 مليون، صار التأثير الاقتصادي للوباء أكثر وأكثر وضوحا، مما يؤثر بشكل كامل على الإنتاج والطلب العالميين.
وفي مواجهة "الوباء الاقتصادي" المحتمل، فإن اتخاذ إجراءات سياسية قوية ومنسقة على المستويات متعددة الأطراف وتشكيل تآزر دولي للتحوط من تأثير "الوباء" هو المفتاح لحل الأزمة الاقتصادية العالمية المحتملة.
في عصر العولمة، تجاوز تأثير كوفيد-19 مستوى الصحة العامة إلى حد كبير. وتشكل بلا شك كيفية استجابة البلدان للوباء مع مراعاة التنمية الاقتصادية والاجتماعية تحديا كبيرا لقدراتها على الحوكمة.
وفي الواقع، بدأت العديد من الاقتصادات في اتخاذ تدابير على مستوى السياسات النقدية والمالية للتحوط من المخاطر التي قد يشكلها الوباء على الاقتصاد والتمويل.
فيما يتعلق بالسياسة النقدية، خفضت البنوك المركزية في الكثير من البلدان أسعار الفائدة مجددا. وبعد الأزمة المالية الدولية في عام 2008، عادت لتقدم مرة أخرى سياسات جديدة بشأن التخفيف الكمي وإطلاق السيولة في السوق.
وقام الاحتياطي الفيدرالي، البنك المركزي الأمريكي، بتخفيض أسعار الفائدة مرتين على التوالي في مارس الماضي كما أعلن عن سياسة التخفيف كمي" غير محدودة". وأعلن البنك المركزي الأوروبي خطط لشراء مزيد من السندات بقيمة تصل إلى 750 مليار يورو.
ومن حيث السياسة المالية، اعتمدت حكومات عدة سياسات مالية استباقية مستهدفة تخفيف تأثير الوباء على الحياة الاقتصادية. وفي الآونة الأخيرة، أقرت الولايات المتحدة خطة تحفيز مالي بقيمة تريليوني دولار أمريكي، وأعلنت ألمانيا عن أكبر خطة مساعدة للشركات منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية بقيمة 550 مليار يورو، واقترحت كل من بريطانيا وفرنسا حزمة تحفيز اقتصادية بعشرات المليارات من الدولارات ومئات المليارات من الدولارات من القروض الحكومية.
مع ذلك، فإن الاستجابة الاقتصادية القائمة على نطاق كل بلد لها حدودها. وبدون تنسيق السياسات، لن يكون من الصعب تحقيق تأثيرات عالمية واسعة النطاق فحسب، بل سيؤدي ذلك أيضا إلى تقلبات في أسعار الصرف وربما تفاقم الأزمة.
ولذلك، فإن مواجهة "الوباء الاقتصادي" تتطلب من جميع الأطراف تعزيز تنسيق سياسات الاقتصاد الكلي على الصعيد الدولي، وتوحيد الجهود من أجل زيادة تحوط سياسات الاقتصاد الكلي، ومنع الاقتصاد العالمي من الوقوع في حالة من الركود، واتخاذ تدابير مشتركة لتخفيف الرسوم الجمركية، وإزالة الحواجز، وإفساح المجال أمام التجارة، وإرسال إشارات قوية لتعزيز معنويات الانتعاش الاقتصادي العالمي.
يشار إلى أنه خلال الأزمة المالية الدولية عام 2008، خففت البلدان من تأثير الأزمة المالية والاقتصادية قدر الإمكان من خلال اعتماد تدابير مثل تبادل المعلومات، وتوسيع نطاق وحجم مقايضات العملات، وتنسيق تخفيضات مشتركة في أسعار الفائدة للبنوك المركزية.
وفي مواجهة هذا "الوباء الاقتصادي"، يتعين على جميع الأطراف أن تتعلم من التجارب المفيدة وتواجه التحدي مرة أخرى بموقف مشترك.
ففي أوقات الأزمات، تُختبر الحكمة الجماعية والمرونة في الإدارة الاقتصادية العالمية. وقد دعا قادة الصين في القمة الاستثنائية لقادة مجموعة العشرين في يوم 26 مارس إلى استجابة منسقة للتهديد المشترك.
وبينما لا تزال حالة الوقاية من الوباء ومكافحته في الصين تتحسن، بدأ نظام الإنتاج في التعافي ومن شأن تعافي القوة الصناعية الهائلة للصين بشكل كامل أن يحافظ على استقرار سلسلة التوريد العالمية، فالصين تدعم مفهوم مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية وتقدم المساعدة للبلدان الأخرى في حدود قدرتها مساهمة منها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي وتعزيز بناء الثقة.
إن هذه الأزمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سياق تطور التاريخ البشري. وطالما تم تعزيز الثقة المتبادلة والتعاون المشترك، ستتغلب البشرية بالتأكيد على هذه الأزمة مثل غيرها وتعود التنمية الصحية للاقتصاد العالمي.