حذرت منظمة كير العالمية فلسطين (الضفة الغربية وغزة) من كارثة كبيرة وعواقب وخيمة محتملة تنتظر مليوني فلسطيني في غزة في اعقاب ظهور فيروس كورونا.
ودعت المنظمة في بيان صدر عنها الحكومة الاسرائيلية الى اتخاذ إجراءات فورية لرفع الحصار للأغراض الطبية، عملاً بالقانون الدولي الذي يصون حق المواطنين في الحياة والبقاء والصحة، وتخفيف القيود المفروضة على استيراد وتدفق المواد الاساسية الى غزة، بما فيها الغذاء، والدواء، والمواد والمعدات الطبية الهامة ذات الصلة للاستجابة لهذه الازمة. إضافة الى تسهيل عمل الوكالات الانسانية التي تواصل تقديم الخدمات الانسانية الضرورية بما فيها الرعاية الصحية، والمأوى، والمياه، والمرافق الصحية والغذاء والتعليم والحماية[1] .
وقالت " أما السلطة الوطنية في غزة، فعليها ضمان الاستجابة مع هذه الجائحة بما يتماثل مع أعلى معايير الرعاية الصحية النفسية والجسدية، وان تضمن بأن احتواء المرض لا يزال ممكناً، من خلال بذل كافة الجهود لبناء منشئات حجر صحي وفرض إجراءات صارمة لضمان عدم انتشار الوباء."
نص البيان:
يشكل الانتشار السريع لفيروس كورونا عالمياً ومحلياً، مصدر قلقٍ بالغ وخاصة في قطاع غزة، باعتباره أكثر مناطق العالم من ناحية الكثافة السكانية، وبسبب المعاناة نتيجة عزل القطاع عن باقي المناطق الفلسطينية، والصعوبة الشديدة في توفير خدمات صحية من نظام رعاية صحي متهاوي أصلاً، ومحدودية الإمدادات الطبية، وتلوث المصادر الطبيعية للمياه بشكل كبير، وارتفاع معدلات سوء التغذية. مجمل هذه الظروف الصعبة قد تشكل أزمة إنسانية شديدة وما قد ينتج عن ذلك من عواقب وخيمة محتملة.
إن الظروف المعيشية للغزيين متداعية بشدة ويظهر ذلك جلياً من نسب البطالة المرتفعة، والفقر، وانعدام الأمن الغذائي. حيث أًجبر 80% من السكان على الاعتماد بشكل دائم على المساعدات الانسانية، وتجاوزت نسبة العاطلين عن العمل 50%، وهي من أعلى النسب على مستوى العالم، بنسبة 72% للنساء و70% من فئة الشباب[2]. لقد دفعت هذه الظروف المعيشية الهشة الكثيرين لتبني استراتيجيات سلبية للتكيف مع الوضع الراهن كانخفاض استهلاك الأغذية وتنوعها، مما تسبب في سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي حيث بلغت نسبته 40% في العام 2019[3]. واستناداً لتقرير الاحتياجات الانسانية الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، فإن واحد من كل شخصين، أي إن ما يزيد عن مليون شخص في القطاع يعد فقيراً، من بينهم ما يزيد على 400,000 طفل.
وحتى قبل تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، فقد كان النظام الصحي في غزة على مشارف الانهيار، وقد سارع من وتيرته ارتفاع حصيلة الضحايا خلال العامين المنصرمين بسبب الأحداث الدائرة في المنطقة ومسيرات العودة الكبرى. كما أن الشعور السائد باليأس وانعدام الأمل فاقم من أزمة الصحة النفسية. إضافة الى ذلك، فإن ما يزيد على 95% من السكان غير قادرين على الحصول على مياه نظيفة، إذ ان 97% من أبار المياه الجوفية الساحلية غير صالحة للاستهلاك الادمي أو الاغراض الزراعية[4] . وانقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر، إذ ساهمت جميعها في إضعاف وضع الغزيين، مما جعلهم أكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن تفشي الأمراض المزمنة، ومحدودية الانتفاع من خدمات الرعاية الصحية وشح المياه النقية الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي الاساسية والنظافة. وعلى الرغم من انخفاض عدد الاصابات بفيروس كورونا (كوفيد-19) في الوقت الراهن، إلا أن خطر الانتشار السريع للمرض كبير للغاية بسبب الحصار ونقص الإمدادات الطبية؛ بما فيها الادوية والمعدات الطبية، والاطباء وتأهيلهم.
الى جانب ذلك، فإن النقص في الموارد ذات الصلة (بما فيها أسرة الرعاية الحرجة وأجهزة التنفس الصناعي) يرفع بشكل كبير معدل الوفيات بسبب فيروس كورونا. وفي حيث أن كبار السن هم الاكثر عرضة للخطر، حسب خطة الاستجابة للفريق القطري للعمل الإنساني(HCT)[5] ، إلا أن هنالك شريحة كبيرة من المجموعات المعرضة للخطر الذين يعانون من امراض سارية، فهنالك ما يقارب 1,300 حالة طبية لا يمكن احالتها الى المستشفيات خارج غزة بسبب اغلاق المعابر، و ما يزيد على 4,000 شخص بانتظار دورهم للجراحات الانتقائية (عدا عن الـ 8,000 حالة القائمة اصلاً) في غزة والتي من المرجح تأجيلها نظراً لإجراءات الاستعداد للتعامل مع حالات الإصابة بفيروس كورونا.
ويندرج اللاجئين الفلسطينيين، وعددهم 1.4 مليون لاجئ في غزة، الذين يعيشون في أكثر المخيمات الثمانية اكتظاظاً، ضمن المجموعات الاكثر عرضةً للخطر. كما انقطعت فرص توظيف ما يقارب على 6,000-5,000 عامل مياوم وتاجر في اسرائيل منذ اغلاق الحدود، لتواجه عائلاتهم انعداما إضافياً للأمن الغذائي، كما يندرج تحت المجموعة الأكثر عرضة للخطر كل من الأشخاص الذين تم وضعهم في مباني لأغراض الحجر الصحي بما يتزامن مع شح المعدات الطبية، والنساء الحوامل والمرضعات غير القادرات على تلقي الرعاية الصحية الضرورية بسبب إعادة ترتيب اولويات الخدمات الصحية.
وتجدر الإشارة إلى أن تأثير الأزمة يتفاوت على كل من النساء والفتيات، والمجموعات المهمشة كالأشخاص ذوي الاعاقة، إذ أنها تميل الى تعزيز عدم المساواة الموجود أصلاً، والعنف على أساس النوع الاجتماعي، والتمييز، وبالتالي رفع مخاطر حماية هذه الفئات. وتترابط كل من الصراعات، والفقر، وقضايا النوع الاجتماعي وقضايا ذوي الاعاقة معاً بشكل وثيق، وخصوصاً في غزة، إذ أن سوء الظروف المعيشية ومحدودية قدرة الاستفادة من الخدمات الاساسية تُفاقم من حالة تلك الفئات الأكثر ضعفاً [6] ، ومع ازدياد الاصابات بفيروس كورونا، فإن حدة المخاطر التي سيتعرضن لها سوف تتفاقم، فالنساء على سبيل المثال، هن عاملات الصحة على خط المواجهة والقائمات على الرعاية الصحية لكبار السن، وهم ضمن الفئات الاكثر عرضة للخطر، إلا أن النساء ايضا يعرضن انفسهن لخطر الاصابة بالفيروس.
كما تمثل النساء ما نسبته 55.3% من إجمالي مرضى السرطان في غزة، حيث يعد سرطان الثدي الأكثر شيوعاً. ويظهر التقييم الحالي للنساء المرضى بالسرطان في غزة وجود حاجة ملحة للحصول على الادوية ومستلزمات النظافة. إن قدرة مستشفيات غزة على تقديم تشخيص وعلاج كافيين لمرضى السرطان، حتى قبل تفشي فيروس كورونا، يعد محدودا للغاية نظراً للنقص الحاد في الادوية والمعدات الطبية، والمسح النووي التي تحتاجها المستشفيات لتحديد مرحلة السرطان، ومعدات العلاج الاشعاعي. فالعديد من المرضى يسعون للحصول على العلاج في مكان اخر في الضفة الغربية أو في الخارج، وهي عملية ذات إجراءات طويلة الامد وغير مؤكدة النتيجة، حيث ان الحصول على تصاريح للخروج من غزة مسألة غير مضمونة، وفي الوقت الراهن، وخلال أزمة كورونا، فإن الخدمات الصحية المثقلة أصلاً بالإضافة الى القيود المفروضة على التنقل، تعيق حصول النساء على الخدمات الصحية، بما فيها الصحة الجنسية والإنجابية، ورعاية الناجيات من العنف على اساس النوع الاجتماعي، وعمليات الولادة وغيرها من الخدمات ذات الصلة بالولادة وخدمات الامومة.[7]
ونظراً للضعف المتزايد لهذه الفئات في اعقاب ظهور فيروس كورونا، فإن منظمة كير العالمية تُقر بكامل مخاطر الحماية الملحة لكافة أعضاء المجتمع، وبالتالي ندعو الحكومة الاسرائيلية الى اتخاذ إجراءات فورية لرفع الحصار للأغراض الطبية، عملاً بالقانون الدولي الذي يصون حق المواطنين في الحياة والبقاء والصحة، وتخفيف القيود المفروضة على استيراد وتدفق المواد الاساسية الى غزة، بما فيها الغذاء، والدواء، والمواد والمعدات الطبية الهامة ذات الصلة للاستجابة لهذه الازمة. إضافة الى تسهيل عمل الوكالات الانسانية التي تواصل تقديم الخدمات الانسانية الضرورية بما فيها الرعاية الصحية، والمأوى، والمياه، والمرافق الصحية والغذاء والتعليم والحماية[8] .
أما السلطة الوطنية في غزة، فعليها ضمان الاستجابة مع هذه الجائحة بما يتماثل مع أعلى معايير الرعاية الصحية النفسية والجسدية، وان تضمن بأن احتواء المرض لا يزال ممكناً، من خلال بذل كافة الجهود لبناء منشئات حجر صحي وفرض إجراءات صارمة لضمان عدم انتشار الوباء.
انتهى