كيف استغل الاحتلال "كورونا"

بقلم: خالد معالي

الكاتب خالد معالي

في الوقت الذي انشغل العرب والعالم والفلسطينين في البحث عن طرق واساليب واجراءات وتعليمات لتخطي أزمة "كورونا" ومنعه من الانتشار والحد منه، كان الاحتلال يقوم بنفس الشيئ، ولكنه اعمل عقله وفكره في كيفية الاستفادة من الازمة واعد ونفذ خطط لذلك على وجه السرعة ضاربا بعرض الحائط كعادته للابعاد الانسانية.

المسجد الاقصى تم اخلاؤه من المرابطين واستفرد فيه الاحتلال  تحت حجة "كورونا" مع ان "كورونا" ذاهب والاقصى باق حتى يوم القيامة، وصلاة الفجر العظيم تم انهاؤها، واحكم الاحتلال اغلاقه للقدس وعزلها امام مواطني الضفة الغربية.

حاليا يفكر "نتنياهو" و"غانتس " بضم الضفة وهم يدركون ان انشغال العالم ب"كورونا" يعطيهم فرصة ذهبية، فلا مجلس الامن سيجتمع ولا الامم المتحدة، ولا المجتمع الدولي سيتخرك لوقف قرارات الاحتلال، وكل ما سيحصل هو بعض بيانات الشجب والاستنكار فلسطينيا وعربيا، وبعضها من مؤسسات دولية.

اربع بؤر استيطانية تم اقامتها في بيت لحم والاغوار  ورام الله، واعمال البناء والتمدد في المستوطنات تواصلت رغم المخاوف من انتشار "كورونا"، فالاستيطان بنظر الاحتلال باق، و"كورونا" عابر.

من يدقق النظر ويتفكر يرى ان الاحتلال ومنذ بدء أزمة انتشار وباء" كورونا" في فلسطين المحتلة، حاول استخدامه بأشكال متعددة وتوظيفه لصالحة، واتخذ عدة خطوات وقرارات لتنفيذ ذلك، وانتقل من مرحلة التفكير والتخطيط لمرحلة التطبيق بسرعة كبيرة.

لم يمنع اعتبار فيروس كورونا وباءً عالميًا من قبل منظمة الصحة العالمية وجميع دول العالم،  الاحتلال من مواصلة ممارستها القمعية ضد الفلسطينيين، بل استغلت ذلك هذه المرة لملاحقة ومراقبة  الفلسطينيين بشكل - شرعي وقانوني- من خلال تتبع حركة العمال في الداخل المحتل بحجة الوقاية من  "كورونا".

سياسيا استغل "نتنياهو " ازمة "كورونا" ورتب اوضاعه الداخلية، امام خصومه السياسيين، فحالة الخوف من "كورونا" لدى الاحتلال جعلت "نتنياهو" كعادته في الازمات وفي توظيفها، ان يجعلها لصالحه.

صحيح ان الفلسطينيين حذروا من استغلال "نتنياهو" للازمة، لكن لم يعدوا الخطط والبرامج لمواجهة الاحتلال الذي من المتعارف عليه انه يستغل اي شيئ لصالح ان استطاع الى ذلك سبيلا.

التهويل من أزمة "كورونا" او التقليل منها لا يصح، فخير الامور الوسط، ويجب فلسطينيا ان لا ننشغل به وكأنه كل شيئ، وينسينا الاحتلال، فهو "كورونا" أزمة عابرة، لكن مقاومة الاحتلال متواصلة بعد "كورونا"، ولذلك يجب الخروج من مربع تلقي الحدث والاستجداء، والانتقال الى مربع صنع الحدث باقتدار، والا فان مصيبة "كورونا" ومعه مصيبة الاحتلال لن تبقي لنا شيئا مما تبقى.

سيرحل غدا" كورونا" لا محالة، ولكن ان يرحل الاحتلال فهذا بحاجة لخطط وبرامج سياسية وامنية واقتصادية، وما ثبت فشله ما قبل "كورونا" لا يصح ان يبقى هو نفسه فلسطينيا ما بعد "كورونا"، والا فان الزمن لن يرحمنا، ولا يلتفت لمن عقبوا بالخلف.

 د. خالد معالي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت