تشترك دول العالم اليوم في مواجهة عدو لم يكن حدوثه مستحيلًا. وباتت أزمة تفشي فيروس كورونا جائحة تلتف حول عنق الجميع مسببة خسائر في الأرواح ناهيك عن الخسائر المادية. لكن العديد من هذه الدول سقطت أمام الفيروس في ظل غياب القدرة على إدارة الأزمة استراتيجيًا. إذ لم تكن لديها بنية تحتية قادرة على الصمود، ولم تبن أنظمة صحية متقدمة تتبنى من خلالها سياسات صحية لجميع شرائح المجتمع دون استثناء، وفضلت تخصيص الميزانيات الكبرى للتسليح والاقتصاد.
ربما تشكل ردود الفعل السريعة التي اتخذتها كوريا الجنوبية للتعامل مع هذه الأزمة نموذجًا يُحتذى به، على صعيد إظهار مبادئ الإدارة الفعالة للأزمات. فقد نجحت كوريا الجنوبية في تعزيز البنية التحتية اللازمة للتعرف على طبيعة الأزمة التي تواجهها، وبدأت وقبل وقت طويل من تفشي الوباء في أراضيها تخزين الأدوات اللازمة لإجراء الاختبارات الخاصة بالكشف عن الإصابة بالفيروس بعد التجربة السابقة للبلاد في التعامل مع متلازمة الشرق الأوسط التنفسية لتمكنها من التعامل السريع مع أي تفشي وبائي مستقبلي. وسمح ذلك بأن تشهد الفترة التي بدأت فيها معدلات الإصابة في التزايد بشدة، إخضاع 10 آلاف شخص لتلك الاختبارات يوميًا. فضلا عن ذلك، أبقت السلطات مواطنيها على إطلاع مستمر على مستجدات الموقف المتغير طوال الوقت، عبر تطبيق يُثبت على الهواتف الذكية.
من الواضح أن طريق الخروج من هذه الأزمة طريق محفوف بالمخاطر، إذ يتوجب على قادة الدول أولا اختيار الاستراتيجية الأمثل للتعامل مع الوباء وهو أمر ليس باليسير من جهة، كما يتحملون في الوقت نفسه مهمة هائلة تتمثل في بث الطمأنينة في نفوس مواطنيهم وإقناعهم بإتباع أوامر السلطات والتي ستترتب عليها تكاليف باهظة وآثار جانبية. لذا، يحب أن تعيد الدول النظر في النظم والسياسات العامة التي تتبناها قبل أن تنضم إلى بؤر جديدة لهذا المرض، فالثمن هذه المرة تخطى المال والأسواق والسلع، وقفز إلى تهديد حياة الناس.
في البداية، نود التعرف على مفهوم السياسة العامة. حيث يعرفها جيمس أندرسون في كتابه صنع السياسات العامة أنها "برنامج عمل هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي لمشكلة أو لمواجهة قضية أو موضوع". إذا تعبر السياسات عن مجموعة من الخطط والبرامج التي تستخدم كل المتغيرات والظروف الاقتصادية والاجتماعية وتطورها الحكومة عبر سعيها إلى حل المشكلات العامة والاستجابة لمطالب شعوبها حيث يتم صبغها بصيغة قرار قانوني صادر من سلطة تشريعية ليتم تفعيلها رسميًا بإجراءات تنفيذية إدارية تلامس أرض الواقع وتسد الاحتياجات العامة. ومن المهم اتباع جهد شامل وتشاركي في حل المشاكل وصنع القرارات وتخصيص الموارد، وذلك من خلال تحقيق التكامل اللازم بين السياسات العامة ومبادئ الحكم الجيد، والتحول عن وضع سياسات قطاعية منفصلة، والاستناد إلى الترابط الأفقي بين القطاعات والصلات العمودية للعمل بين مختلف مستويات الحكومة وصنع القرار.
هنا يظهر مفهوم الحوكمة القائم أساسًا على معيار تحسين الأداء والفعالية من خلال الأسلوب الأمثل في ممارسة السلطة عبر استثمار الموارد المختلفة في مواجهة أي مشكلة عامة أو قضية مجتمعية. حيث يهدف الحكم الجيد في إنفاذ السياسات العامة في ضمان الانضباط السلوكي والتوازن لدى كل من الدولة وباقي الفواعل التي تشارك في صناعة القرار، وتغليب المصلحة العامة
أولًا، وتعبئة الموارد الوطنية واستخدامها بصورة فعالة، على أساس مبدأ رشيد يحقق وفرة مادية ومعنوية. وغياب هذا المبادئ وتطبيقاتها أصبح من المسلمات التي تترك ورائها العشوائية والارتجالية والتخبط وعدم الوضوح بالرؤية وانتاج المشكلات وبروز أزمات متعددة تواجه المجتمع والدولة. يجب أن تتضمن أي "استجابة فعالة" للأزمات أولًا الإدارك السريع للخطر الذي يواجه الأفراد وجمع البيانات الخاصة بالأزمة بمجرد وقوعها دون تأخير وهو ما يستند إلى أحد مبادئ الحكم الجيد في تحقيق مبدأ التجاوب.
ثانيًا توفير البنية التحتية اللازمة للتعرف على طبيعة الأزمة واتخاذ كافة الإجراءات العملية الدقيقة التي يجب أن تتم بناء على مبادئ مشاركة المواطنين وكافة الأطراف الفاعلة، إلى جانب توظيف كافة الموارد للتعامل مع الأزمة، واتخاذ القدر الكاقي من الحيطة والحذر لتقليص حجم الضرر الناجم عن هذه الأزمة.
وعلى قادة الدول التحلي بالشفافية في الحديث إلى مواطنيهم بشأن الطبيعة المتفاقمة للأزمات التي تواجههم. انطلاقًا من واجبنا كطلاب دراسات عليا في جامعة القدس أبو ديس أن نساهم في محاربة هذا الوباء من خلال تقديم بعض مقترحات السياسات العامة في مختلف القطاعات لمواجهة فيروس كورونا في إطار مبادئ الحوكمة.
أولًا: قطاع الصحة لا شك أن القطاع الصحي يقع عليه النصيب الأكبر في مواجهة هذه الأزمة. إذ يتعين على الأنظمة الصحية حماية صحة جميع المواطنين كونهم خط الدفاع الأول ومواجهة هذه الفيروس الذي لا يحترم الحدود عبر اتخاذ سياسات وإجراءات مضادة سواء طبية وغير طبية لمواجهة الأزمة ومرحلة ما بعد الأزمة بكفاءة وفعالية:
1. تفعيل خطة إدارة مخاطر من خلال اتخاذ اجراءات استباقية وتقييم مدى جهوزية واستعداد النقاط الطبية وأقسام الطورئ والعناية المركزة، والقدرة على البناء السريع لمستشفيات جديدة، وتخصيص مناطق للحجر الصحي وعزل المصابين، بالتوازي مع امتلاك مؤسسات متقدمة للبحوث والتطوير للعمل عى تطوير لقاح لمواجهة انتشار الفروس مستقبلاً، مما يساعد على زيادة طمأنة الرأي العام تجاه تحمل الجهات الفاعلة مسئولياتها في مواجهة الأزمة.
2. رفع كفاءة نظام الرعاية الصحية ويُقصد بذلك قدرة المؤسسات الصحية على الكشف عن الإصابات بسرعة وإجراء اختبارات العدوى للمخالطين للحالات المؤكدة، وتنفيذ فحوصات عشوائية في المناطق التي بدأ ينتشر فيها الوباء والتركيز على توفير ما يكفي من عينات الاختبار، وامتلاك الطاقة الاستيعابية للتعامل مع الأعداد الكبيرة من المصابين.
3. إصدار بروتوكول وطني للتعامل مع مرضى كوفيد-19 للإجراءات التشخيصية والعلاجية للوباء بما يتماشى مع أخر المستجدات العلمية والطبية لمنظمة الصحة العالمية وبناء على خبرات الدول الأخرى في مواجهة الوباء. ليساهم في بناء قدرات الطواقم الطبية بصورة فعالة، ويضعها على إطلاع بآخر مستجدات بروتكولات العلاج والتشخيص المتبعة في كل البلدان التي أصابها الفيروس. إلى جانب أنه يضمن مبدأ تكافؤ الفرص وحصول كافة المرضى على نفس الرعاية الطبية.
4. توظيف الموارد المتاحة وخاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي واستخدام نظام تتبع المواقع في الهواتف الذكية لتتبع الحالات المصابة وتحديد المخالطين وإبلاغهم بالمصابين وفحصهم في مراحل مبكرة.
5. الرجوع إلى مخزون المهارات واستدعاء كافة الطواقم الطبية غير الفاعلة وتوزيعهم على جميع النقاط الطبية وتحديد أدوارهم ومسئولياتهم، وتعيين طواقم طبية (أطباء وممرضين) جدد لمساندة الطواقم الحالية وتعزيز قدرة المستشفيات على استقبال عدد كبير من الإصابات. وتقديم كافة سبل الحماية والوقاية التي تضمن صحة هذه الطواقم وأسرهم من خطر الوباء إذ أن هذه الطواقم تشكل خط الدفاع الأول في مواجهة الوباء.
6. سرعة تبنّي إجراءات المواجهة حيث ترتبط الفاعلية في مواجهة انتشار فروس كورونا بسرعة تبني إجراءات مشددة، مثل اغلاق الحدود، وحظر الرحلات الجوية للدول المصابة، ووقف الدراسة، وإغلاق أماكن العبادة ومنع التجمعات.
7. الاستجابة لاحتياجات المستشفيات والنقاط الطبية وأماكن العزل بسرعة وتوفير كافة المستلزمات الطبية ووحدات العناية المكثفة وأجهزة التنفس اللازمة لتشخيص وعلاج المرضى بشكل آمن.
8. رفع وعي الأفراد بضرورة التباعد الاجتماعي واجراءات التعقيم وممارسات النظافة المتبعة من خلال بث قنوات التليفزيون والإذاعات وصفحات الانترنت وتطبيقات الهواتف الذكية بشكل منتظم إرشادات حول هذا الموضوع، وتذكير المواطنين بالخطر المحدق بهم جراء الوباء. وتخصيص قاعدة بيانات الكترونية متاحة للجميع فيها كل المعلومات عن الفيروس وكيفية انتشاره وسبل الوقاية منه وآلية التواصل مع الجهات الطبية عند الشعور بالأعراض.
9. تقديم تقرير يومي دقيق للرأي العالم يتضمن رسم بياني حول مدى انتشار الفيروس، وآخر المستجدات فيما يتعلق بعدد المصابين وعدد الوفيات وعدد المتعافين من الإصابة والحالات الخطرة التي تحتاج إلى رعاية مكثفة. بما يعزز مبدأ الشفافية والوضوح، حتى لا يشعر الأفراد بأنهم بتعرضون للخداع فتتقلص مصداقية الحكومة وثقة المواطنين في سياساتها.
ثانيًا: قطاع الاقتصاد لا شك أن العالم اليوم يعاني بسبب تفشي وباء كورونا من أزمة اقتصادية معقدة. حيث تتحدث منظمة العمل الدولية عن أن أكثر من 195 مليون فرصة عمل ستفقد في العالم، كما أن الأمن الغذائي سيشكل هاجس قلق للمواطنين. لذلك يتوجب على الحكومة أن تتحمل مسئوليتها تجاه مواطنيها والفئات المتضررة من هذه الأزمة بالمشاركة مع جهات فاعلة أخرى من القطاع الخاص والمجتمع المدني للوصول لاستجابة فاعلة للأزمة الاقتصادية، وأن تضع معايير رقابة فعالة لمحاسبة كل من يستغل هذه الأزمة لتحقيق مصالح شخصية.
1. العمل كأولوية قصوى على الاكتفاء الغذائي ووقف الهدر من خلال استغلال الأيدي العاملة للعمل في مصانع انتاجية محلية وفي القطاع الزراعي مع التأكيد على أخذ الاحتياطات الصحية للعمال.
2. وضع خطة طوارئ للتخفيف من آثار الأزمة واجراءات الإغلاق على الاقتصاد وبحث سبل تحويل المخاطر إلى فرص من خلال تشجيع المصانع على زيادة انتاج المواد المطهرة والمعقمات والتعاون مع زارة الصحة لمراقبة جودة المنتجات ومطابقتها للمعايير.
3. تفعيل شبكة أمان لحماية التجار الذين تضرروا بسبب الإغلاق، وتشكيل لجان حصر أضرار لكافة الفئات التي تضررت جراء هذه الأزمة بالمشاركة مع أطراف مختلفة ولجان الأحياء في كل منطقة.
4. تقديم تسهيلات والاعفاء الضريبي واعفاء المصانع المحلية من الترخيص الصتاعي.
5. توسيع أنشطة مكاتب حماية المستهلك ولجان التفتيش ومراقبة السلع والأسعار وعرض نتائج ذلك بشكل يومي. وذلك حرصًا على الصحة العامة للمجتمع وحماية المواطنين من أساليب الغش والخداع، ومحاربة الاحتكار واستغلال الظروف لتحقيق مصالح شخصية. واســتحداث الوســائل الكفيلــة بتحقيــق المتابعــة الحثيثــة والرقابة والمساءلة وهذا يصب في إطار محاربة الحوكمة للفساد بكافة أشكاله.
6. إنشاء صندوق للتبرعات لدعم الفئات المتضررة والفقراء والعاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود تعزيزًا لمبدأ المسئولية الاجتماعية.
7. التواصل الفعال مع المواطنين وتخصيص رقم ساخن لتلقي الاستفسارات والشكاوي والاقتراحات. فوجود قنوات إتصال واضحة يضمن المحاسبة وتشجع المشاركة بالرأى والإستشارات.
ثالثًا: قطاع التعليم يعد التعليم من بين القطاعات الحيوية في المجتمع، واستمرارية عمله يشكل صمام الأمان لاستمرار مسيرة المجتمع نحو المستقبل بنجاح، لكن يجب تقديم سلامة وصحة المواطنين. فالسياسات المحوكمة تضع المصلحة العامة الأساس الذي يجب أن يحتكم إليه في كافة الظروف وتحويل ظروف الأزمة إلى فرص يمكن الاستفادة منها، ويمكن أن تتعاون الحكومة مع القطاعات الأخرى في اقتراح آليات لتعويض الطلاب عن فترة الأزمة وفترة ما بعد الأزمة.
1. اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية الطلاب والمعلمين في المؤسسات التعليمية من تفشي الفيروس، وتعطيل العملية الدراسية كنوع من الإجراءات الاحترازية لحماية الطلبة.
2. تطوير استراتيجيات لإدارة الازمة وتعويض الطلبة عن فترة الإغلاق وضمان استمرارية العملية التعليمية من خلال التعليم الالكتروني واستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي مما يضمن الوصول إلى كفاءة وفعالية العملية التعليمية من خلال استخدام الموارد المتاحة بالطريقة المثلى، إلى جانب المبادرة في تحويل التهديدات والمخاطر إلى فرص يمكن أن تسهم في تغيير الرؤية المستقبلية للعملية التعليمية وتطويرها.
3. رفع وعي الطلاب من خلال معلميهم عن طبيعة هذه الأزمة، وأهمية المكوث في المنزل، واعطاؤهم النصائح الواجب اتباعها للوقاية والسلامة، وكيفية استثمار أوقاتهم.
4. في حال تخطي الأزمة، يمكن البدء بالعام الدراسي الجديد في وقت مبكر، ومحاولة تعويض الطلاب عن المهارات الأساسية التي لم يتمكنوا منها خلال العام السابق.
رابعًا: الأمن الداخلي يتم التعامل مع تفشي فيروس كورونا باعتباره تهديداً أمنياً، حيث تكررت عبارة "نحن في حالة حرب" ضمن خطابات قادة دول العالم. ووصف كورونا بأنه "العدو الخفي". وتأتي "أمننة" خطاب القيادات بالسعي لحشد الدعم الشعبي لمواجهة الفيروس وإلزام المواطنين بالتعليمات الصحية. ويقترح أن تتضمن سياسات الأمن:
1. إعداد خطة طوارئ مرحلية بالتنسيق مع جميع الجهات تصنف الإجراءات التي يجب اتخاذها وفق خطورة الموقف في البلاد، ورفع درجة الاستعداد القصوى وتشديد الإجراءات الاحترازية والوقائية للحيلولة دون انتشار المرض، وتطبيق إجراءات الحجر الصحي الإجباري أو المنزلي وفقًا لإجرءات وزارة الصحة، واتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة لغير الملتزمين. فهذا يساهم بشكل كبير في ضمان السلامة العامة وتحمل المسئولية تجاه الجمهور وحماية المصالح العامة.
2. نشر قوات الأمن لتأمين مراكز الحجر الصحي باعتبارها أماكن مغلقة لا يمكن الدخول إليها أو الخروج منها.
3. اغلاق المعابر والمنافذ الحدودية وفق ما تتطلبه تطورات الأزمة وقرارات وزارة الصحة.
4. القضاء على مروجي الشائعات واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم. فالهدف من الشائعات أن تضلل المجتمع وتصيبه بالذعر والإحباط لما تهدف إليه من إثارة البلبلة وزعزعة الأمن والاستقرار. وتكذيب هذه الإشاعات إعلاميًا وملاحقة مروجيها واتخاذ الإجراءات القانونية والعقابية بحقهم.
5. رصد المخالفات التي تضر بالمصلحة والسلامة العامة ومنع التجمعات واغلاق المقاهي والأندية وصالات الأفراح ومتابعة حظر التجول في مناطق تفشي الوباء، واتخاذ الإجراءات القانونية العادلة ومحاسبة كافة المخالفين والتحلي بدرجة عالية من النزاهة والعمل من أجل المصلحة العامة.
خامسًا: الإعلام على قادة الدول التحلي بالشفافية في الحديث إلى مواطنيهم بشأن الطبيعة المتحورة والمتفاقمة للأزمات التي تواجههم. وقد يفضي عدم التحلي بالوضوح والشفافية، إلى أن يشعر الناس بسرعة بأنهم يتعرضون للخداع، وأن تتقلص مصداقية الحكومة وثقة المواطنين في سياساتها، ويقترح أن تضم السياسات الإعلامية في هذه المرحلة ما يلي:
1. صياغة رسائل اتصالية للمواطنين تتسم بالاتساق والشفافية والوضوح تستنهض فيهم القيم الجماعية التي يلتف حولها المواطنون، وتركز على وضع مصلحة الجماعة في الصدارة.
2. عقد مؤتمر صحفي يومي للحكومة تعرض فيه آخر القرارات والإجراءات والمستجدات، وإظهار التعاطف مع الضحايا، وتفهم الموقف الطارئ الذي يواجهه الجميع، فضلا عن بعث الأمل في امكانية إدارة الأزمة بمشاركة جميع الأطراف مما يساهم في كسب ثقة المواطنين بالحكومة ومدى نجاعة اجراءاتها وقدرتها على مسك زمام الأمور.
3. بث قنوات التليفزيون والإذاعات ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل منتظم إرشادات حول التدابير الاحترازية، وتذكير المواطنين بالخطر المحدق بهم جراء الوباء.
4. ابقاء المواطنين على إطلاع أولًا بأول بالسياسات والإجراءات من خلال استخدام تطبيقات تثبت على الهواتف الذكية. التجربة الفلسطينية في إدارة الأزمة: بدأت إدارة الأزمة مبكرًا بالإدارك للخطر الذي سيواجهه المواطنون وأخذ الوباء على محمل الجد حتى قبل انتشاره.
وتجلت الحوكمة في أبهى صورها بتفويض السيد الرئيس محمود عباس بمنح الصلاحيات لمجلس الوزراء باتخاذ كافة التدابير اللازمة عبر تكاملية القطاعات خاصة بين القطاعين الحكومي والخاص لمنع تفشي الوباء مما جعل التجربة الفلسطينية تتفوق على عديد من دول العالم في احتواء الفيروس ومحاصرته. حيث قام مجلس الوزراء بوضع خطة استراتيجية التي حددت أهدافها من خلال الحد من تأثير الوباء على فلسطين، وضمان سير حياة المواطنين بصورة طبيعية إلى أقصى درجة، وشملت جميع قطاعات الدولة. قبولت هذه السياسات بالالتزام الكامل من المواطنين الذين كانوا خط الدفاع الاول في محاربه هذا الوباء.
كما عززت هذه السياسات العامة مبدأ الشفافية والإفصاح من خلال العرض اليومي لآخر المستجدات فيا يتعلق بفيروس كورونا ونشر هذا التحديث على صفحتها على الانترنت يوميًا، مما ساهم في طمأنة المواطنين وثقتهم بنجاعة هذه الإجراءات، وزاد من مستوى التزامهم بتطبيق هذه السياسات.
الخاتمة ومن هنا يمكن القول أن الدول التي ستتمكن من استيعاب أزمة كورونا وتقليص حجم الخسائر وتحمل تكلفة انتشار الفيروس اقتصادياً ومجتمعياً هي دول تتبنى سياسات عامة تضمن أن تكون على أتم الجهوزية بخططها بمشاركة الجهات الفاعلة المختلفة في تلك الخطط، وبناء أجهزتها الحكومية وإعطائها الصلاحيات الكافية ووضع المعايير الرقابية، وتتحلى بالمسئولية تجاه المجتمعات، وتتسم بالشفافية والوضوح بهدف بث الطمأنينة لديهم، إلى جانب وجود قيادة فعالة تحتكم إلى مصلحة العامة والقيم الإنسانية والأخلاقية.
بقلم: آلاء الشوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت