منذ بداية تشكيل حكومة حركة فتح بقيادة د. محمد اشتية، كنت أفضل تسمية رئيس الحكومة بالوزير الأول والوزراء بكتاب الحكومة، بالنظر للفارق بين د. اشتية ووزراءه من أصحاب الخلفية الأكاديمية وضعف التجربة التي لا تناسب حكومة تحيط بها براكين سياسية واقتصادية، وينتظر منها قيادة تحولات كبرى ومواجهة أزمة المقاصة ووباء فتاك.
ولعل المتحدث باسم الحكومة يعد أوفر حظا لدى المواطنين والمتابعين من الكثير من الوزراء، مما يستدعي تقييم حقيقي تفرضه اللحظة الراهنة بكل أعباءها، تقييم يقودنا لتقويم يستدعي اجراء تعديل وزاري ضروري يحمل مهام ادارة الأزمة الحالية دون اغفال المشروع الأساسي بتعزيز الانفكاك من كل قيود الاحتلال والإسراع نحو المصالحة.
التعديل الوزاري المقترح قد يستدرك الملاحظات السابقة السياسية والأساسية المُسجلة على تشكيل الحكومة، خاصة ونحن نرى ابتعاد خصوم حركة فتح وفي مقدمتهم حركة حماس عن انتقاد د. اشتية على عكس ما حدث مع سابقيه د. سلام فياض ود. رامي الحمد الله.
الضرورة لإجراء تغيير وزاري متوسط أو واسع لا تستدعي موافقة الفصائل المعارضة، لكن التوليفة الجديدة يمكن أن تزيد مساحة التّفهم والقبول عبر اختيار كفاءات وطنية قادرة على إحداث تنوع في الأداء، وفتح ورشات عمل عميقة ومتعددة ومتناسقة في كل القطاعات بما يخدم الخطوط العريضة لسياسية د. اشتية بدلا من الورشة الوحيدة لرئيس الوزراء الذي يمتلك وقت محدود ومقومات مالية ضعيفة ويتعرض لإجهاد كبير على المستوى التنفيذي والشخصي.
اننا بحاجة لحكومة ادارة أزمات تضم خبرات وازنة تصب في مجرى حكومي واحد، خاصة أن المرحلة السابقة فرضت على د. اشتية والرئيس محمود عباس أن يتقدم الأول نحو مربعات سياسية جديدة لم تكن في الحسبان حين تشكيل حكومة تعمل مع الناس، وليس مع المحاور السياسية المحلية والدولية، فضلا عن مستجدات كبيرة فرضتها أزمة كورونا بتأثيراتها الهامة المتوقعة والمنتظرة.
لا يعيب الرئيس ومنظمة التحرير اجراء تعديل وزاري في هذا الوقت، ولا يعد ذما للوزراء الحاليين، بل نقدا وتصحيحا لمسار حكومي قدم أداء متواضع لا يتناسب مع طموح الشعب ولا القيادة ولا المرحلة الفاصلة التي يعيشها العالم في مواجهة الوباء وتداعياته والاحتلال وأشراره.
إن التغيير الوزاري المنشود يجب ألا يخرج عن السياق الخدماتي بمعنى الادارة المحلية مع دعم الحكومة بوزير خارجية يخرج من الدور الاداري الى الاندفاع في مواجهة متطلبات الوباء والتصدي للتحالف الاسرائيلي اليميني الجديد وزيادة الترابط مع المغتربين ومكونات الشتات.
أقترح أيضا وزير جديد للعلاقات مع الفصائل والأحزاب مهمته الرئيسية تخفيف حدة التوتر بعيدا عن العلاقة الفصائلية بالمعنى السياسي البحت، مطلوب منه ايجاد مساحات تعاون تمهد لإنهاء الانقسام في الاطار المؤسساتي، فلدينا الكثير من المشاكل التي لا مبرر لاستمرارها، ومطلوب ايضا نائب رئيس وزراء مهمته التشبيك والتكامل بين الوزراء في مسار التنمية وتعزيز سبل الاكتفاء الذاتي من المنتجات والسلع والخدمات.
كما أرى ان لدينا اجماع في محافظات غزة على ضعف اداء وحضور الوزراء من غزة، الامر الذي يتطلب بحث عن شخصيات غزية تشكل اثراء لعمل الحكومة وتعبر بشكل جاد عن تطلعات غزة وتمتلك القدرة على اختراق الجدار العازل الذي شيده الانقسام والحصار.
لقد تمكن د. اشتية من ملئ فراغ سياسي – اقتصادي على رأس الحكومة، وأعتقد انه قادر على اضافة بُعد اداري يتسم بالمركزية والخفة والسرعة مع ضبط ايقاع ادارة الازمة الحالية ضمن التوجهات الوطنية الكبرى.
اخيرا مطلوب من صندوق الاستثمار الفلسطيني والقطاع الخاص والشركاء الدوليين الاندماج في دعم مسار حكومي فعال وشفاف يحمل رؤية إبداعية تعزز الفرص الفلسطينية وتحد من المخاطر الوطنية بجرأة واتزان.
بقلم: عامر أبو شباب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت