بالخبز وحده يحيا الإنسان

بقلم: صلاح صبحية

صلاح صبحية

في ظل وباء الكورونا تراجعت القضايا السياسية العالمية عن دائرة الاهتمام لتحتل قضية الصحة العامة المرتبة الأولى في الاهتمام العالمي ، وما الاجراءات التي تم اتخاذها في معظم دول العالم إلا بناءً على تعليلمات او نصائح من منظمة الصحة العالمية ، فتصدرت منظمةالصحة العالمية الدور الرئيس في قيادة العالم بينما هو مرعوب خائف من فايروس الكورونا .
هذا الفايروس الذي ما زالت الدراسات والتحليلات تختلف في توصيفه التوصيف الحقيقي ، هل هو مخلوق طبيعي لابتلاء البشر واعادة تقييم سلوكهم الفردي والجماعي بعد أن فسدت حياتهم وساءت أخلاقهم ، أم هل هو كائن بيولوجي من صناعة البشر ليكون سلاح الحرب القائمة الآن بين قوى متصارعة على زعامة العالم سياسياً واقتصادياً .
لم تعد العديد من مواقع الصراع وخاصة في العديد من الدول العربية محل اهتمام محلي واقليمي ودولي ، وتراجع الاهتمام بالشأن الفلسطيني فلم تعد مشكلة الانقسام الداخلي الفلسطيني على سلم الأولويات ، كما لم تعد قضية ضم المستوطنات تحظى بأي اهتمام عربي و اقليمي ودولي ، فالعدو الصهيوني الأمريكي ماضٍ في ترتيب اجراءات الضم دون اعتبار لأي موقف فلسطيني وعربي ، فهو في ظل سيطرة فايروس الكورونا على دول العالم جعلت الاهتمام بالشأن الفلسطيني يتراجع حتى بات الأمر كأنه اسدال الستارة الأخيرة على القضية الفلسطينية وجعلها بحكم المنتهية بسيطرة الصهاينةعلى نحو ٨٥% من أرض فلسطين التاريخية وتقاسم الباقي بين حكم اداري في الضفة الغربية وامارة اسلامية في غزة وكل منهما لا يملك السيادة على الأرض وفي الجو وفي البحر ، إنها صفقة ترامب - نتن ياهو يتم تنفيذها بشكل هادىء ومريح للجانب الصهيوني .
فقد سيطر فايروس كورونا على امكانات ومقدرات الدول فقد فقدَ نفط تكساس قيمته امام امتلاء خزانات النفط في الولايات المتحدة الأمريكية وقيام كل من السعودية وروسيا باغراق السوق العالمي بالنفط ، وهذا يعني الدخول الفعلي إلى دائرة الكساد العالمي .
 لم تستطع مئات المحاولات ومئات مراكز الأبحاث أن تتوصل إلى الترياق الذي يقضي على هذا الفايروس ولا أن تتوصل إلى تصنيع لقاح ضد هذا الفايروس ، وهذا يعني أن شهوراً عدة أمامنا للتخلص من هذا الوباء إن تم تصنيع اللقاح المضاد له ، وإن لم يتم الوصول إلى ذلك فهذا يعني أن العالم أمام حالة من الدمار والفناء أمام فشله في الوصول للحد من انتشار هذا الوباء. فالدخول في حرب بيولوجية لم يعد أمراً مخفياً على أحد ، وتدمير اقتصاديات الدول وبفعل ذاتي من خلال توقف الحياة الصناعية والتجارية فيها أصبح أمراً تعاني منه الشعوب والدول ، فالحكومات لم تعد قادرة على معالجة تفشي البطالة ومواجهة جيوش العاطلين عن العمل ، حيث أصبحت مقولة ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان مقولة لا معنى ولا قيمة لها ، فالخبز هو الحاجة اليومية الملحة الآن ، لذلك فأن العودة إلى طبيعة الحياة كما كانت قبل غزو فايروس كورونا لها تصبح أمراً ملحاً لتأمين متطلبات الحياة اليومية ، ولكن هذه العودة التي لا بدّ منها تشكل خطراً جائحاً لا يمكن تفاديه بأي شكل كان ، فالحظر المنزلي كوقاية يعني انهيار الدول ، كما أنّ الرجوع إلى الوضع الطبيعي للحياة يعني الخضوع الإرادي لفايروس كورونا للسيطرة على الحاضر والمستقبل وبالتالي عدم قدرة الدول على مواحهة هذا الفايروس ،
فلا يمكن لأي منظومة اجراءات يمكن اتخاذها إلا أن تعكس الجانب السلبي لها ، فحبس الشعوب في البيوت يعني شلل الحياة العامة وانعدام الدخل الفردي والقومي ، والانطلاق في الحياة من جديد مهما كانت وسائل الوقاية يعني تفشي الوباء ليجد العالم نفسه أمام مئات الملايين من البشر يسقطون ضحايا هذا الفايروس وذلك خلال الأشهر القادمة . فما العمل أمام هذا الانهيار في بنية الفرد والمجتمع والدولة؟ فالبخبز وحده يحيا الإنسان .
 ٢٠٢٠/٤/٢٣ صلاح صبحية

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت