أنهى فريق خبراء صيني مهمة ناجحة بالعراق، دامت 50 يوما على خط المواجهة أمام مرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) عزز فيها قدرات البلد العربي ونقل إليه التجربة الصينية الرائدة في مكافحة المرض من خلال إنجاز مهام عديدة حظيت بتقدير وإشادة عاليين من قبل السلطات والشعب العراقي.
وغادر فريق الخبراء الصيني يوم الأحد العاصمة العراقية، متوجها إلى بلاده بعد عمل شاق على الخطوط الأمامية لمجابهة مرض فيروس كورونا.
-- عمل دؤوب وإنجازات كثيرة
في السابع من مارس الماضي، وصل الفريق الطبي الصيني المؤلف من سبعة خبراء إلى بغداد مع مساعدات وأجهزة طبية لمساعدة العراق في مجابهة مرض (كوفيد-19).
ومنذ وصوله، حقق فريق الخبراء، الذي أرسلته جمعية الصليب الأحمر الصينية، الكثير من الإنجازات والأعمال، التي ساعدت العراق على مجابهة مرض (كوفيد- 19) والحد من انتشاره من خلال زيادة قدراته المختبرية والتشخيصية وغيرها.
فخلال سبعة أيام، أنشأ فريق الخبراء المختبر البايلوجي الجزيئي (P C R)، الذي يمكنه إجراء أكثر من ألف فحص يوميا للحالات المشتبه بإصابتها بمرض (كوفيد-19) في مدينة الطب وسط بغداد، الأمر الذي زاد من قدرات العراق في الكشف عن المصابين بهذا المرض.
وقال وزير الصحة العراقى جعفر صادق علاوى لوكالة أنباء ((شينخوا)) "نحن مسرورون جدا بأن الخبراء الصينيين كانوا داعمين للغاية للعراق فى مكافحة الوباء، ونقلوا تجربتهم، ودربوا موظفينا الطبيين، وبنوا معمل اختبار الحمض النووى، ونصبوا جهاز تصوير مقطعي محوسب (C T)، وأجهزة الأشعة السينية المتنقلة في العراق".
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة العراقية سيف البدر، لـ(شينخوا) "ساهم الفريق في إنشاء المختبر الجديد في مدينة الطب، وأيضا ساهم في دعم المختبرات في البصرة جنوبي العراق".
وأضاف "أطلع الفريق على مشروع المختبر في محافظة ميسان، الذي سيعتمد خلال الأيام المقبلة، وقام بعدة جولات في بغداد وخارجها، وبذل جهودا في تدريب ملاكاتنا الطبية وزيادة قدرة العمل لدى مؤسسات وزارة الصحة، وأنشأ المختبر الفرعي في مدينة الطب"، وهي من أقدم المؤسسات الصحية العراقية.
وأكد البدر أن جهود فريق الخبراء والأجهزة الصينية المتطورة مكنت العراق من تطبيق المسح الميداني الفعال للبحث عن المصابين بالمرض، ما ساعده على اكتشاف المزيد من الإصابات من خلال أخذ عينات للمواطنين بالمناطق الشعبية.
وأعرب المسؤول العراقي عن شكره وتقديره لجهود الفريق الصيني، قائلا "الفريق، مشكورا، بقي في العراق لأسابيع وساهم باستحداث المختبرات الجديدة، وزيادة القدرة التشخيصية للمختبرات الموجودة، وكان له دور فعال وجولات في عدة مؤسسات صحية داخل وخارج بغداد، وساهم في تقييم مؤسسات وزارة الصحة الخاصة بالعزل والحجر، وساعدنا في كثير من التفاصيل".
كما ساعد الفريق الصيني السلطات العراقية في تشكيل لجنة الخبراء العراقية لمجابهة (كوفيد-19) ممن لديهم خبرة بمعالجة فيروس إنفلونزا الطيور، الذي ظهر عام 2014 في العراق، وفق ما أعلن وزير الصحة العراقي.
وكان لدى العراق مختبر واحد يستطيع إجراء الفحوص المختبرية للحالات المشتبه بإصابتها بالمرض، لكن بعد وصول المساعدات الصينية تمكنت السلطات من فتح عدة مختبرات في بغداد وبعض المحافظات.
-- مساعدات مهمة وتعليم
لم يقتصر دور فريق الخبراء الصيني على تقديم المساعدات وإنشاء المختبر، لكنه حرص على تعليم العاملين الطبيين في العراق ونقل التجربة الصينية في مواجهة مرض فيروس كورونا إليهم.
ويضم الفريق الصيني خبراء بمجالات الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها، وعلم الأوبئة، والعلاج الطبي المكثف، واختبار الحمض النووي.
وزار الفريق تسع محافظات عراقية، ونظم 27 ورشة تدريبية للعاملين العراقيين، ودرب أكثر من ألف طبيب وموظف صحي، ونقل لهم التجربة الصينية الرائدة.
وقال خبراء بوزارة الصحة العراقية كانوا على تواصل دائم مع فريق الخبراء إنهم تعلموا منه الكثير واطلعوا من خلاله على التجربة الصينية بمجابهة مرض (كوفيد-19)، ما زاد من قدراتهم وقابليتهم على التعامل مع هذا المرض وطرق علاجه.
وقالت مديرة مركز السيطرة على الأمراض الانتقالية بوزارة الصحة الدكتورة سنان غازي لـ (شينخوا) "إن زيارة الفريق الصيني تبين إمكانيات الحكومة الصينية الكبيرة بالسيطرة على الوباء، وتعطي دافعا قويا بوجود وسائل علمية تمكننا من تنفيذ إجراءات السيطرة، وكذلك تبادل الخبرات والتجارب، التي تمكننا من تطوير وسائل وخطط السيطرة على المرض بشكل مدروس ونابع من تجربة واقعية ناجحة".
وأضافت "منذ حدوث الوباء، نحن نستفيد من الإجراءات التي تنفذها الملاكات الطبية الصينية، وخصوصا إجراءات الحظر والبروتوكول العلاجي الذي استخدم هناك، بالإضافة إلي طرق التعامل مع عوامل الخطورة في المجتمع".
وشددت على أن ما تم توفيره من مساعدات من قبل الحكومة الصينية أسهم بشكل كبير في دعم القدرات الوطنية الصحية العراقية لمجابهة تفشي مرض (كوفيد-19).
وأشارت غازي أيضا إلى أنها "تعلمت الكثير" من الفريق الصيني، قائلة "من خلال لقائي مع الفريق الصيني، أنا أتعلم منهم كثيرا، أتعلم من التزامهم بالمواعيد واحترامهم لمكان العمل وأسلوب تعاملهم في الوقاية من التلوث، وتواضعهم، وأسلوب طرح المادة العلمية،،، تعلمنا منهم الكثير".
بدوره، قال مدير المركز الوطني للمختبرات التعليمية بمدينة الطب الدكتور محمد غانم، "إن المساعدات التي قدمها الجانب الصيني للعراق ذات قيمة عالية في مساعدة العراق لترصين قدرته التشخيصية من ناحية الكم والنوع... وقد عززت المساعدات الصينية من قدراتنا في مجابهة مرض (كوفيد-19)".
وأعرب غانم المسؤول عن المختبر الذي أنشأه الفريق الصيني، عن أمنياته باستمرار التعاون مع فريق الخبراء والجانب الصيني في المستقبل لزيادة كفاءة وقدرات العراق الصحية.
وأوضح قائلا "كنا على تماس بشكل شبه يومي مع الفريق الصيني، وكان وجودهم معنا دوما مفعما بالاستفادة العلمية والتقنية، وأعطونا كل الدعم المعنوي والعلمي طيلة الفترة الماضية".
-- درع وشهادة تقدير وباقات ورد
حظيت جهود الفريق الصيني بتقدير وإشادة كبيرة من المسؤولين العراقيين، خاصة وزير الصحة جعفر صادق علاوي، الذي قال "لن أنسى ووزارة الصحة العراقية أبدا الجهود الكبيرة التي قدمتها الصين للعراق والوقوف معه".
وجرى توديع رسمي للفريق في صالة كبار الزوار الأحد بمطار بغداد الدولي، بحضور وزير النقل العراقي عبدالله لعيبي، والسفير الصيني في العراق تشانغ تاو، بجانب مدير عام الخطوط الجوية العراقية، وممثل عن وزارة الصحة.
ونقل لعيبي تحيات وشكر رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي، للفريق الصيني، ولجهود الصين في مساعدة العراق في التصدي لمرض (كوفيد-19).
وقدم الوزير العراقي "باقات ورد" لأعضاء الفريق الصيني تعبيرا عن تقديره واحترامه وشكره للجهود المضنية التي بذلوها لمساندة العراق والوقوف معه في الظروف الصعبة.
وكرمت مدينة الطب أعضاء الفريق بشهادة تقدير، جاء فيها "تتقدم دائرة مدينة الطب بالشكر والتقدير والثناء لجهودكم المميزة في محاربة جائحة كورونا، من خلال تواجدكم ومساهمتكم الفعالة في تقديم الدعم والإسناد، آملين المزيد من التعاون لتحقيق الانتصار والقضاء على هذه الجائحة".
وقدم المدير العام لمدينة الطب حسن التميمي، هدية لأعضاء الفريق عبارة عن مجسم مصغر مصنوع من الكريستال لمبنى مدينة الطب، وهي من أقدم المؤسسات الصحية العراقية، وتتبع لها عدة مستشفيات ومختبرات ومراكز بحثية وتأسست عام 1895.
كما كرمت جمعية الصداقة العراقية الصينية الفريق لجهوده الحثيثة في دفع المرض عن العراقيين، بـ"درع" عبارة عن خريطة العراق عليها العلمين الصيني والعراقي، وقد طليت بعض أجزائه بالذهب، وشهادة فخرية جاء فيها "بحضوركم من بلدكم الصين الشقيق إلى أصدقائكم العراقيين مدافعين عن الإنسانية (..) أثبتم للعالم أجمع معنى الصداقة بين الشعوب".
وقال رئيس الجمعية حيدر الربيعي، لـ (شينخوا) "ألف تحية للصين العظيمة ووفدها، الذي أمضى قرابة شهرين بين المحافظات العراقية وبذل الغالي والنفيس في سبيل شفاء المواطن العراقي (..) رافعين شعار الصديق وقت الضيق".