يثير الاتفاق الموقع بين بنيامين نتنياهو وبني غانتس بغاية تشكيل حكومة طوارئ وطنية في إسرائيل لمدة ثلاثة سنوات هواجس الفلسطينيين بمسألة جوهرية تتعلق بالبندين 28 و29 من الاتفاق الخاصة بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية في إطار تطبيق مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أعلنها بداية هذا العام 2020. وعلى الرغم من عدم تحديد التركيبة النهائية للائتلاف الحكومي؛ أي الأحزاب الأخرى المحتمل مشاركتها في الحكومة مثل حزب يمينا الذي يشترط الضم من حيث المبدأ أو الأحزاب الدينية "شاس ويهودت هتوارة"، ونظر المحكمة العليا الإسرائيلية في الالتماسات المتعلقة بعدم أهلية نتنياهو تشكيل الحكومة بسبب الاتهامات بقضايا فساد، الا أن مخاطر الضم تبقى قائمة في تهديد خطير للعملية السياسية واية أفاق لحلول في المنطقة قائمة على أساس خيار حل الدواتين على حدود الرابع من حزيران 1967 وقرارات الشرعية الدولية واسس عملية السلام.
إن خطورة بنود هذا الاتفاق تتعلق بأن الأطراف المركزية في إسرائيل متفقة تماما على عملية ضم أراضي واسعة من الضفة الغربية كمناطق الاغوار والمستوطنات، وان الاختلافات بين حزبي الليكود وازرق ابيض على الشكل أو الطريقة؛ فنتنياهو يريد عملية الضم والتسريع بها وفقا للمبادرة الامريكية انطلاقا من الفكر الإيديولوجي لليمين الإسرائيلي ودون النظر الى موافقة دولية أو الاخذ بعين الاعتبار المطالبات الدولية ومصالح أطراف الصراع. فيما غانتس ينظر الى عملية الضم من بعد عسكري أمني ويسعى للحصول على قبول دولي أو ضمان عدم المعارضة من الأطراف الدولية والحفاظ على اتفاق السلام مع الأردن ومصر، ويفضل أن تأتي عملية الضم في إطار عملية سياسية مع الفلسطينيين إذا ما توفرت.
كما تظهر صياغة البند 28 من الاتفاق بين الطرفين المحددات الشائكة لعملية الضم المطروحة التي تضمن لكل طرف تأكيد طريقته وتوجهاته لهذا الضم "بالنسبة لكل ما يتعلق بإعلان الرئيس ترامب، فإن رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل سيعملان بتوافق تام مع الولايات المتحدة، بما في ذلك في مسألة الخرائط مقابل الأميركيين، ومن خلال الحوار الدولي حول الموضوع، وكل ذلك وسط السعي للحفاظ على المصالح الأمنية والاستراتيجية لدولة إسرائيل ومن ضمنها الحاجة للحفاظ على استقرار إقليمي، والمحافظة على اتفاقيات السلام والسعي لاتفاقيات سلام مستقبلية".
فيما ضمن نتنياهو في البند 29 هامش حركة أكبر لتجاوز البند 28 من خلال النص على "على الرغم مما ورد في البند 3، والبند 20، والبند 21 والبند 28 أعلاه، وبعد إجراء مداولات ومشاورات بين رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل حول المبادئ المذكورة أعلاه، بمقدور رئيس الحكومة أن يعرض الاتفاق الذي يتم التوصل إليه مع الولايات المتحدة بشأن فرض السيادة الإسرائيلية بدءاً من يوم 1-7-2020 للبحث أمام الكابينيت والحكومة والمصادقة عليه في الحكومة و/ أو في الكنيست. وفي حال رغب رئيس الحكومة بعرض اقتراحه على الكنيست، يستطيع القيام بذلك أيضاً من خلال عضو كنيست، بشرط أن يكون من كتلة الليكود، بحيث يلتزم عند التصويت على الاقتراح بالقراءة التمهيدية أن التشريع سيعدل بما يوافق النص الذي عرضه رئيس الحكومة أمام الكابينيت والحكومة. بعد القراءة التمهيدية، وفي حال كان مقترح القانون هو قانون من الحكومة بعد القراءة الأولى، يتم تشريع القانون بأسرع وقت وبشكل لا يشوش أو يعرقل العملية من قبل رئيس لجنة الكنيست ولجنة الكنيست لمناقشته في لجنة الخارجية والأمن".
إن اعلان الرئيس الفلسطيني أثناء ترأسه جلسة مجلس الوزراء الاثنين الماضي جاء بصيغة حاسمة بالتحلل من الاتفاقيات الموقعة منذ عام 1993 وانهاء العلاقة القائمة وفق صيغة اتفاق أوسلو. وهي تحظى بتأييد واسع من الجمهور الفلسطيني، وفقا لنتائج استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شباط/فبراير 2020، حيث قالت نسبة من 84% أنها تؤيد سحب الاعتراف بدولة إسرائيل وقالت نسبة من 77% أنها تؤيد وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وقالت نسبة من 69% أنها تؤيد إيقاف العمل باتفاق أوسلو،
في ظني هي الخطوة الأخيرة التي تمتلكها القيادة الفلسطينية خاصة أن نتائج الاستطلاع تظهر أن غالبية عظمى من 82% تقول إنه على ضوء خطة الإدارة الأمريكية فإن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي قد عاد ليصبح صراعاً على الوجود. كما قالت نسبة من 85% أنها تؤيد محاربة إسرائيل دبلوماسياً في المنظمات الدولية للرد على صفقة القرن التي تتضمن عملية ضم أراضي من الضفة الغربية، وقالت نسبة من 84% أنها تؤيد سحب الاعتراف بدولة إسرائيل وقالت نسبة من 78% أنها تؤيد اللجوء لمظاهرات شعبية سلمية، وقالت نسبة من 77% أنها تؤيد وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وقالت نسبة من 69% أنها تؤيد إيقاف العمل باتفاق أوسلو، وقالت نسبة من 64% أنها تؤيد اللجوء للعمل المسلح أو العودة لانتفاضة مسلحة.
يبدو أن فقدان الامل في الوصول لحل سياسي يقوم على خيار حل الدولتين، حيث تعتقد نسبة من 61% من الجمهور الفلسطيني أن حل الدولتين لم يعد عملياً بسبب التوسع الاستيطاني. كذلك، تقول نسبة من 76% أن فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل خلال السنوات الخمس القادمة ضئيلة أو ضئيلة جداً، بالإضافة الى تمادي الحكومة الإسرائيلية في إجراءاتها التعسفية بحق الفلسطينيين والخشية من إمكانية استغلال إسرائيل للازمة الدولية بسبب جائحة فيروس كورونا لضم أجزاء من الأراضي الفلسطيني سيكون سببا في انفجار العنف مما يهدد السلم والامن في منطقة الشرق الأوسط وهو الخيار الأكثر احتمالا في هذه الاوقات.
جهاد حرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت