■تحتفل الطبقة العاملة الفلسطينية وعمال العالم، في الأول من أيار بعيد العمال العالمي، فألف تحية للعمال والعاملات في عيدهم وفي نضالهم الاجتماعي العادل، ولا سيما عمال فلسطين الذين سيبقون على الدوام هم الكتلة النضالية الأكثر تماسكاً والأكثر استعداداً للتضحية، وهم يتقدمون الصفوف في سنوات النضال وميادينها المختلفة ضد الاحتلال والاستيطان والقوانين العنصرية والفاشية والسياسات الاقتصادية الخاطئة.
يا عمالنا البواسل اتحدوا، ليس أمامكم متسعاً من الوقت لتحقيق أهدافكم المشروعة عبر نضالاتكم الاجتماعية العادلة، فشعار «يا عمال العالم اتحدوا» سيبقى من أكثر الشعارات نبلاً، لما يحمله في طياته من دعوات لوقف كل أشكال الاستغلال والاستبداد والنهب، وتوفير العدالة الاجتماعية للشعوب، بما يكفل ويضمن لها حقوقها في العمل والعلم، والرعاية الصحية والسكن والضمان الاجتماعي والتقاعد لكبار السن.
مطالب العمال بالعالم أجمع في يومهم السنوي كثيرة ولا سيما العمال الفلسطينيون الذين يكافحون لإجبار الاحتلال على وقف تدمير مؤسساتهم الاقتصادية وحماية أدوات الإنتاج الفلسطيني دون النظر أن مؤسساتنا الوطنية لم تعد إنتاجية، نظراً لأن قطاع الخدمات يشكل 66% من إجمالي الناتج المحلي على حساب القطاعات الإنتاجية، في حين أن قطاع الزراعة لا يزيد عن 3% والصناعة عن 13% والإنشاءات عن 8% مما زاد التشوهات الاقتصادية، والتي أدت لإغلاق مؤسسات اقتصادية بكاملها وهجرة عمالها لسوق البطالة والفقر والعوز الاجتماعي، جراء عوامل كثيرة أبرزها القيود التي كبلها اتفاق باريس الاقتصادي إلى جانب السياسات الحكومية الفاشلة للسلطة الفلسطينية وسلطة الأمر الواقع في قطاع غزة.
فالباب ما زال مفتوحاً أمام تساؤلات كثيرة، أبرزها، أين حقوق عمالنا في أراضي الـ48 والتي تقدر بمليارات الشواكل؟، ولماذا تواصل السلطة الفلسطينية الصمت على ذلك؟، لماذا لا ننظر ونجري مراجعة لواقع مؤسساتنا الاقتصادية وأسباب هروب رأس المال الفلسطيني إلى الخارج؟، ولماذا لا نجري مراجعة للشركات الكبرى كمجموعة الاتصالات والبنوك وسواها والتي أرباحها السنوية في تزايد وتقدر بعشرات بل ومئات الملايين من الدولارات؟، فيما اقتصادنا في تراجع دائم والبطالة تتفاقم وتصل إلى نسب لا مثيل لها!.
قطاع غزة يعيش على صفيح ساخن والاقتصاد المنهار يتجه نحو الهاوية بفعل وباء كورونا ووباء الحصار الإسرائيلي، بالتزامن مع استمرار الإجراءات العقابية لعامها الثالث، وارتفاع نسبة البطالة التي تخطت عتبة الـ 50% في صفوف من هم في سن العمل و69% في صفوف الخريجين، ويُطارد صغار الكسبة والكادحين في قوتهم اليومي فيما مئات الفنادق والمنتجعات والشاليهات والمولات الضخمة تفتح أبوابها وتعج بأصحاب الدخول العالية، فيا لها من مفارقة غريبة.
ويقف النضال الوطني الفلسطيني على مفترق طرق أيضاً في الوقت الذي تُسقط الإدارة الأميركية عبر خطتها «صفقة ترامب-نتنياهو» الحقوق الوطنية من القدس للاجئين والأونروا وسواها كأوراق الشجر واحدة تلو الأخرى، فيما الاقتصاد الوطني الذي يعاني ويلات الاحتلال والانقسام أصبح على مفترق طرق مع سرقة الاحتلال لأموال المقاصة الفلسطينية، فيما القيادة الرسمية والسلطة الفلسطينية ما زالت تراوح مكانها دون استخدام عناصر القوة وفي مقدمتها، التحرر من قيود اتفاق باريس الاقتصادي وتبعيته لاقتصاد دولة الاحتلال، لفتح الطريق أمام تنمية مستدامة وبناء اقتصاد وطني فلسطيني قادر على النمو والتطور وفق شروط وطنية يوفر فرص عمل كريمة للعمالة الفلسطينية في القطاعين العام والخاص.
أمام الواقع المرير الذي يعيشه المواطن الفلسطيني، بات مطلوباً من حكومة السلطة الفلسطينية إصدار قانون الضمان الاجتماعي، والأخذ بعين الاعتبار مصالح الفئات الدنيا من الطبقات الفقيرة والوسطى، من أجل العدالة الاجتماعية ووضع حد لسياسات الاستغلال والنهب التي يتعرض لها عمالنا وأبناء شعبنا الفلسطيني.
قوانين كثيرة أقرتها حكومة السلطة الفلسطينية لم تجد طريقها نحو التنفيذ، كـ«قانون الحد الأدنى للأجور» والذي لم تضع خططاً لإلزام أرباب العمل لتطبيقه وخصوصاً القطاع الخاص، فيما لم تُفعّل الصندوق الوطني للتشغيل والحماية الاجتماعية للمساهمة في الحد من معدلات الفقر والبطالة في صفوف العمال لمواصلة دورهم النضالي والاجتماعي، كما لم تُعدل «قانون العمل الفلسطيني» لضمان الحماية لحقوق العمال والعاملات في سوق العمل الفلسطيني، وإنشاء المحاكم العمالية المتخصصة لفض النزاعات العمالية وحلها بين العمال وأرباب العمل بعيداً عن التسويف والمماطلة.
وللأسف لم يترك أصحاب المصالح الضيقة في غزة والضفة شيئاً لعمالنا وشبابنا ولأجيالنا القادمة إلا وأغلقوها في وجوههم دون ترك أي بصيص أمل لمستقبلهم. لذا بات على السلطة وصناع القرار في الضفة وغزة الاعتراف بخطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ورفض شروط المؤسسات المالية الدولية التي تزيد من إفقار الفئات الفقيرة، وتعمق تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، بالعمل على معالجتها قبل فوات الأوان بتبني سياسات اجتماعية واقتصادية تعزز صمود المواطنين وحقوق الطبقة العاملة في مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة لتركيع شعبنا وتصفية حقوقه الوطنية وضرب كافة مرتكزاته الاجتماعية والاقتصادية.
واقعنا مؤلم والانفجار قادم لا محالة، والحالة الفلسطينية في تيه وضياع سياسي، فيما الانقسام باقٍ رغم ما ضيّع على الشعب الفلسطيني من فرصٍ كثيرة، فأصبحنا سلطة بلا سلطة وضحايا للتوحش الرأسمالي، وأصبحت الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية تعيش تحت سطوة الهياكل البيروقراطية والمصالح الطبقية والاجتماعية الفئوية بل وأصبح الاحتلال بلا كلفة.
بقلم: وسام زغبر
- عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت