في الضفة.."كورونا" وضم وهم وغم

الكاتب خالد معالي

حال الشعب الفلسطيني لا يشبه اي حال آخر، لاي شعب أو دولة او منطقة على وجه الارض، ف"كورونا" خطر، والاستيطان خطر، واخيرا جاء تحالف "نتنياهو" "غانتس"، على حساب ما تبقى من حقوق فلسطينية، بقرارهما واتفاقهما على ضم الاغوار والمستوطنات، وكان الارض ملك لهما، وورثموها عن آبائهم، ليزيدوا من هم وغم الشعب الفلسطيني.

صيرورة التاريخ، والسنن الكونية، تقول ان علاقات القوى ببعضها، هي من تحدد شكل اي بقعة في العالم او ماهيتها، وان اي طرف يحوز على اكبر  قدر من القوة ويجيد استخدامها، فانه يفوز في النهاية ويحدد شكل المنطقة لسنوات طوال، تطول او تقصر حسب قدرة هذه القوة على فهم العلاقات المعقدة بين قوى الانتاج المختلفة التي تزيد من قوة اطراف صراع بعينها كلما قويت، وتصاعدت وراكمت قواها.

حل عيد العمال العالمي على شريحة واسعة من عمال الضفة الغربية وغزة، فجاء "كورونا" ليزيد من معاناتهم، ويزيد من نسب الفقر والبطالة، ولا حل سوى  مزيد من الصبر، فالشعب الفلسطيني لا يعرف اصلا سوى الصبر والتضحية منذ احتلال فلسطين واعلان دولة الاحتلال عام 1948، ولاحقا احتلال ما تبقى عام 1967.

ضم الضفة الغربية، او مناطق واجزاء منها، هو مخطط احتلالي قديم وواضح، والاحتلال يستغل  "كورونا" وانشغال العالم به ليضم ما تبقى من الارض ويجهز على ما تبقى من حقوق فلسطينية، في ظل صمت دولي مريب، او بعض من عبارات وبيانات الشجب والاستنكار لرفع الملامة ورفع العتب.

ما يؤسف له ان العرب والمجتمع الدولي، يكتفون في كل مرة بالشجب والاستنكار، مع ان هناك الكثير من الامور التي يمكن ان يقوموا بها ويؤثروا في قرارات الاحتلال ويجبروه ان يتراجع عن الكثير منها، فنقاط ضعف الاحتلال كثيرة ولا تعد ولا تحصى ان استغلت بشكل جيد واخترقت من قبل المخلصين.

ضمّ أجزاء مهمة من الضفة الغربية والاغوار، سيعمل على ضرب حقوق الانسان الفلسطيني، ويعتبر ضربة قاصمة للقانون الدولي الذي يمنع الاستيلاء بالقوة على الاراضي المحتلة او اقامة مستوطنات فوقها.

حال الضفة بعد الضم سيكون عبارة عن أرخبيل  وسجون كبيرة، من جزر منفصلة مقسّمة، تحيطها ما يسمى بدولة "إسرائيل" بشكل كامل، وغير متصلة مع العالم الخارجي، ويتحكم في مفاصلها جنود وحواجز متنقلة وثابتة.

معروف ان مجلس الأمن الدولي والامم المتحدة والقرارات الدولية دائما تشدد وتقول على انه لا يجوز  الاستيلاء على الأراضي بالقوة أو خلال الحرب في مناسبات عديدة مع الإشارة بالتحديد إلى الاحتلال، ولكن دون جدوى.

ما صرح به أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن إقدام الحكومة "الإسرائيلية " على ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة جزئيا أو كلياً، سيقضي على إمكانية تحقيق اتفاق سلام مستقبلاً، ياتي في سياق محاولة منع الاحتلال من القيام بعملية الضم، لكن الاحتلال وحسب المعطيات على الارض سينفذ ما يريده مستغلا ضعف الحالة العربية والفلسطينية، وصمت المجتمع الدولي كالعادة.

كل ما سبق يرينا ان الاحتلال ليس بالقوة التي يروجها لنفسه، وان الشعب الفلسطيني اتضح له من خلال "كورونا" اكثر فاكثر، ان الاحتلال يمكن هزيمته ان توحدت الجهود وخلصت النوايا، فقوي الامس، ليس قوي اليوم، ولا قوي الغد، فهل اتعظنا واغتنمنا الفرصة التي قد لا تعود، ولا تعوض؟!

د. خالد معالي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت