المقالة الثامنة والأخيرة: *
(25) آخاب ملك إسرائيل يسجد لـ " بعل" الإله الوثني:
أ - يقول سِفر الملوك الأول: أن عُمري بن زِمري قد مَلَكَ على إسرائيل بعد موت أبيه. وقام الملك عُمري" واشترى جبل السامرة من " شامر" بوزنتين من الفضة، وبنى على الجبل. ودعا اسم المدينة التي بناها باسم " شامر" صاحب الجبل "السامرة". وعمل عُمري الشر في عيني الرب، وأساء أكثر من جميع الذين قبله. مل1 صح 16 : 24 – 25 .( يعني: أن جميع ملوك إسرائيل الذين سبقوه– والذين لحقوا به فيما بعد كما سنرى- قد عملوا على إغاظة الرب ، فأغضبوا الرب عليهم حين أساءوا إليه وعملوا الشر في عينيه). ومات عُمري في السامرة حسب التوراة، ومَلَك أخاب بن عُمري على إسرائبل في السامرة عِوضاً عن أبيه. " وعمل أخاب بن عُمري الشر في عيني الرب أكثر من جميع الذين قبله.( أيضا لاحظ أن كل ملك من ملوك إسرائيل تقول عنه التوراة إنه عمل الشر في عيني الرب أكثر من سابقيه) (......) حتى اتخذ الملك آخاب" إيزابل" ابنة " أَثْبَعل" ملك الصيدونيين امرأة له( وكانت وثنيِّة)، وسار وعَبَدَ البعل وسجد له. وأقام مذبحاً للبعل في بيت البعل الذي بناه في السامرة. وعمل أخاب سَواري، وزاد أخاب في العمل لإغاظة الرب إله إسرائيل أكثر من جميع ملوك إسرائيل الذين كانوا قبله " . مل1 صح16 : 30 – 33 .
ب – الملك " أخاب" وزوجه " إيزابل" يغتصبان بالكذب والتزوير كرم " نابوت اليَزْرَعِيليّ":
قصة عجيبة، ولكنها ليست غريبة على بني إسرائيل. فيُحكى أن رجلا في قرية يزراعيل اسمه " نابوت اليزراعيلي" كان له كرم بجانب قصر "آخاب" ملك السامرة (إسرائيل)، فسال لعاب الطمع في قلب هذا الملك على هذا الكرم، فأرسل لصاحبه يساومه عليه، " وكلم آخاب نابوت قائلا: أعطني كرمك فيكون لي بستان بُقُول لأنه قريب بجانب بيتي، أُعطيك عِوَضَه كرماً أحسنَ منه، أو إذا حَسُنَ في عينيك أُعطيك ثمنه فضة " . مل1 صح 21 : 2 . رفض نابوت العرض الملكي ولم يقبل مبادلة أرضه بأرض، ولم يقبل أن يبيع الأرض بما امتلأت كنوز الملك بالمال والفضة، وردَّ عليه قولاً صريحاً قاطعاً يؤكد فيه عدم تفريطه بأرض الكرم الذي ورثه عن آبائه. " فقال نابوت لأخاب: حاشا لي مِن قِبَل الرب أن أُعطيك ميراث آبائي. مل1 صح 21 : 3. رجع أخاب إلى بيته مغموماً مهموماً كئيباً، لم يأكل لم يشرب لم يتحدث. فلما رأته زوجه "إيزابل" على هذه الحال، سألته عن السبب الذي يُكدِّره، فأخبرها بِرَدِّ نابوت اليزرعيلي السلبي حين طلب منه كَرمَه إمَّا مبادلتة بكرم آخر، أو شراءه بفضة مقبوضة. فسخِرتْ منه زوجُه، وهَدَّأَتْ من روعه، وطمأنته قائلة: " قُمْ كُلْ خبزاً، وليَطِبْ قلبُك. أنا أعطيكَ كرم نابوت اليزرعيلي " . مل1 صح21 : 7 . وقامت فكتبتْ رسائل باسم الملَك " أخاب" إلى الشيوخ والكهان والأشراف وختمتْها بخاتم الملك، وطلبت منهم تنفيذ خُطَّتِها الشيطانية للإيقاع بنابوت والتخلص منه. وحسب خُطتها فعلوا، فجمعوا الشعب وأجلسوا نابوت أمامهم، ونطقوا بالتُّهمة الموجَّهة إليه وهي الكفر وعصيان الرب والتحدث بسوء بحق الملك، وجاءوا برجليْن شاهدَيْ زُور وأجلسوهما في مواجهة نابوت، وحين استشهدوهما شهدا قائليْن:" قد جدَّف نابوت على الله وعلى الملك. فأخرجوه من خارج المدينة ورجموه بحجارة فمات. وأرسلوا إلى إيزابل يقولون: قد رُجِم نابوت ومات. ولما سمعت إيزابل أن نابوت قد رُجِم ومات، قالت إيزابل لأخاب: قُمْ رِث كَرْم نابوت اليزرعيلي الذي أبى أن يعطيك إياه بفضة، لأن نابوت ليس حياً بل هو ميت". مل1 صح21: 13– 15. هذه قصة التزوير واختلاق الكذب والتعدي على أملاك الآخرين، إنه منهج اليهود منذ نشأتهم حتى اليوم في تزوير التاريخ والوقائع والمستندات وسلْب الحقوق والاستيلاء على الأرض التي ليست لهم، وكان منهجهم التنفيذي لتحقيق أغراضهم، هو هدم البيوت وتشريد أهلها وإقامة المستوطنات، والادعاء باطلا أن الأرض أرضهم وحدهم لا شريك لهم فيها. وإنهم سيجنون يوماً–لامحالةَ آتٍ– عاقبة أفعالهم. وستتحقق نبوءة أنبيائهم بخراب دولتهم، وسيؤول أمرهم السيئ كما تنبأ إيلياء النبي لأخاب وإيزابل ولشاهديْ الزُّور على جرائمهما. وما كانت نبوءة إيليا إلا بوحي من الله، فقد طلب منه أن يُكَلِّم أخاب. " وكَلَّمَه قائلاً: هكذا قال الرب: هل قتلتَ وورثتَ أيضاً ؟ ثُم كَلَّمَه قائلاً: هكذا قال الرب: في المكان الذي لحستْ فيه الكلابُ دمَ نابوت تلحس الكلابُ دمَك أنتَ أيضا......هأنذا أجلب عليك شراً ، وأبيد نسلك ...." مل1 صح21 : 19- 21. أما إيزابل فلم تنجُ من العقاب لشراكتها في فعل الشر وإغاظة الرب. " وتكلم الرب عن إيزابل أيضاً قائلاً: إنَّ الكلاب تأكل إيزابل عند مِتْرَسَة يزرعيل. مَن مات لأخاب في المدينة تأكله الكلاب، ومَن مات في الحقل تأكله طيور السماء، ولم يكن كأخاب الذي باع نفسه لعمل الشر في عيني الرب، الذي أغوته إيزابل امرأته". مل1صح21: 23- 25. فمات الملك آخاب ، وحسب قول الرب " فمات الملك وأُدخِلَ السامرة فدفنوا الملك في السامرة ، وغُسِّلت المركبة في بِركة السامرة ، فلحست الكلاب دمَه ، وغسلوا سلاحه. حسب كلام الرب الذي تكلَّم به" مل1 صح 22: 37-38.
وبعد : فليسمح لي القارئ العزيز أن أضع بين يديه فقرة قصيرة من كتاب ضخم يُبيِّن فيه مؤلفه أن يهوذا والسامرة ليستا في فلسطين، وإنما هما في أرض اليمن، الكتاب هو بعنوان(يهوذا والسامرة)، وهو بحث عن جغرافية مملكة حِمْيَر اليهودية، للباحث المؤرخ " فاضل الربيعي"، يقول: " سأضع التاريخ الإسرائيلي القديم ضمن تاريخ مملكة سبأ وحِمْيَر، وتبيان الحقيقة المُغَيَّبَة والمُتلاعَب بها، وهي أنَّ ما يُعرَف في التوراة باسم مملكة يهوذا، قُصِد به مملكة حِمْيَر اليهودية الجنوبية التي استولت على جبل شمير(المسمى السامرة)، وأنَّ ما يُدعَى مملكة إسرائيل، قُصِد به مملكة سبأ الشمالية التي انفصلت بمملكة خاصة بها في الشمال، بعد انهيار المملكة السبئية- الحِميرية الموحَّدة. ومن وجهة نظر هذا الكتاب، فإن التوراة تتحدث بدقة مُذهلة عن جغرافية أخرى، تخص تاريخ مملكة كبرى ظهرت ذات يوم، ثم انقسمت إلى مملكتيْن في الشمال والجنوب . ليست هذه المملكة سوى مملكة سبأ الموحَّدة التي ظهرت فعلياً عام 700-650 ق.م مع الملك السبئي كرب إيل وتر بن ذمر سمع علي(إسماعيلي)، ثم انهارت وانقسمت بفعل الغزو الآشوري والصراعات الدينية بين الإسرائيليين واليهود". ص 16 ، وبحسب تصورات التوراة التي صاغها كهنة أورشليم، فقد حدث انقسام المملكة إثر وفاة الملك الأسطوري سليمان، وصعود ابنه رحبعام(رحب عم) للعرش الداوودي، وأن مملكة/مخلاف الشمال، عُرِفَت باسم (مملكة بني إسرائيل)، وكانت عاصمتها السامرة التي سقطت سنة 722 ق.م بينما دُعِيَتْ مملكة/ مخلاف الجنوب باسم (مملكة يهوذا) وعاصمتها أورشليم التي سقطت نهائياً سنة 586 ق.م على يد نبوخذنصر". ص 17 . ا.هـ (انتهت مقالات قبائح التوراة).*
للكاتب الصحفي/عبدالحليم أبوحجاج
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت