الشهيد الجامعي محمد صافي شمّا

بقلم: علي بدوان

علي بدوان

الشهيد محمد صافي شما


 

لا استطيع، بل من المستحيل، بالنسبة لي الكتابة عن كل شهداء شعبنا في مخيم اليرموك، وعموم المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية، لسببٍ بسيط، أن اعدادهم كبيرة، وأن وراء كل شهيد حكاية والف حكاية، في تراجيديا المأساة والنكبة، او بالأحرى النكبات الفلسطينية، منذ النكبة الكبرى الأولى عام 1948 وحتى الآن.

ومع هذا، اجد انفس احياناً، اتناول سيرة بعضاً منهم لعدة اسباب ايضاً، واليوم أتناول سيرة الشهيد الجامعي (محمد صافي شمّا)، فمنذ أن ولجت الى كلية العلوم، جامعة دمشق عام 1978، كان اسم (الشهيد محمد صافي شمّا) يتردد على مسامعي، وقد حملت خلية التنظيم الذي كنت انتمي اليه اسمه باعتباره كان من طلبة كلية العلوم ذاتها.

الشهيد محمد صافي شما، ابن مخيم اليرموك، من عائلة صفدية (قُح) معروفة، ومنزله قريب من منزلنا، يقع عند شارع فلسطين، خلف مسجد الرجولة، ويكبرني بنحو خمس أو ست سنوات، كان في مُقتبل شبابه عندما ترك مقاعد الجامعة والتحق بالعمل الفدائي الفلسطيني مع اندلاع حرب تشرين الأول/اكتوبر عام 1973، فاستشهد على سفوح جبل الشيخ، وورى الثرى في مثوى الشهداء في مخيم اليرموك.

تعرّفت خلال العمل الوطني، على شقيقه الأكبر أبو ايمن، الذي كان يعمل في الإدارة العسكرية في بيروت في لبنان، ثم في سوريا، كما تعرّفت أثناء الدراسة الجامعية على شقيقه الطالب في كلية الطب البشري بجامعة دمشق، الدكتور الجراح مصطفى شما، والمقيم خارج سوريا منذ سنواتٍ طويلة.

وفي السياق، ذاته، واثناء الغزو "الإسرائيلي" لجنوب لبنان العام 1978، كان طلبة كلية العلوم، ومن خلية الشهيد (محمد صافي شمّا) في مقدمة من ذهب لمشاركة القوات الفدائية الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية (القوات المشتركة) في الجنوب، فاستشهد من بين الطلاب الصديق المرحوم الشهيد الدمشقي محمد جهاد القدسي، وكان طالباً في السنة الرابعة من كلية العلوم. أما المسؤول السابق للمكتب الطلابي للتنظيم الذي كنت انتمي اليه، في جامعة دمشق في تلك الفترة، فاستشهد بدورة في الجنوب في تلك المعارك، الشهيد بشير عوض زقوت، ابن بلدة (اسدود) المحتلة عام 1948، والطالب في كلية الهندسة الكهربائية.

واذكر في حينها، تابين الشهداء، الشهداء الجامعيين، بعد غزو 1978 (الغزو الذي اسمته دولته الإحتلال بـــ "عملية الليطاني")، التأبين الأول في مبنى الإتحاد العام لطلبة فلسطين في مقره الأساسي الأول في منطقة عرنوس بدمشق وكنت عريف التأبين فيه، والتأبين الثاني على احدى مدرجات كلية الحقوق بالجامعة، وكان من بين الكلمات القوية التي القيت في حينها كلمة الصديق (معز أبو جيش) الذي كان مسؤولاً للمكتب الطلابي، وانتهى التأبين الأول والثاني باغنيات وطنية، كان منها اغنية من أنت من انت من أنت مع تلحينها المعروف.

 تاريخ مجيد، صنعه شعبنا، لايستطيع أحد القفز عنه، او تجاهله، مهما اغبرّت الأيام، وساد كحلها القاتم، فالفجر ينبثق في النهاية، ويسطع نور الشمس. 

من انت من انت من انت ؟

فلسطيني

لم تقتلني أنقاض الأكواخ

ولم تأكلني أرض الغربة

من انت من انت من انت ؟

فلسطيني

لم يذبحني السيف المُشرع

وهو يغوص عميقاً

في لحم الرقبة

من انت من انت من انت ؟

فلسطيني

فخذوا حذراً من قــــ نــــ بــ ل تي

من قـ ـنــــ بـــ لـــ تـــ ي من أحـــ زمــــ تـــ ي

من أحـــ زمـــــ تــــ ي

فأنا الشرر، وأنا القدر، وأنا الشجر، وانا الحجر ...

فانتظروا ... انتظروا ... انتظروا..

بقلم علي بدوان

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت