أكملت النكبة الفلسطينية عامها الـ72 من عمرها الطويل، واقترب كيان العدو خطوة أخرى من نهاية عمره القصير.
بعد إثنان وسبعون عاما لم ولن وينسى شعبنا الفلسطيني يوم الخامس عشر من أيار 1948، عندما أقدمت قوات العدو الغاشمة على طرده من وطنه ومن دياره، من بيوته ومن مزارعه، من جنة أحلامه ومن مهد استقراره، وما زال شعبنا يعمل من أجل العودة، لايمانه المطلق بحتمية العودة، الى أرض الآباء والأجداد، وليقينه أن زوال كيان العدو قادم لا محالة.
صحيح أن حواجز وجدران العدو حالت دون وصولنا الى بيوتنا في يافا وعكا حيفا وصفد وبيسان، إلا أن قوة في العالم لا تستطيع أن تمنع مداعبة حقيقة العودة لمخيلاتنا التي تناظرها من هناك من بعيد من خلف الحدود وهي تتلألأ في الليل كما تتلألأ النجوم.
وليس من الغريب أن يزيدنا طول البعد مزيداً من الشوق، وأن يزيدنا الألم والحصار مزيداً من الاصرار، ويزيدنا تنكر الغريب والقريب لنا تمسكاً وعزيمة، وأن تزيد ظلمة الليل الحالك يقيننا بقرب عودتنا، وبإقامة دولتنا على أرض المسرى وعاصمتها القدس.
سخر مشركوا قريش من النبي صلى الله عليه وسلم عندما بشر صحابته الكرام بفتح بلاد كسرى وقيصر بينما هو محاصر في المدينة في غزوة الخندق، وما هي إلا بضع سنين حتى اعتلى المسلمين عروشها، ونجد اليوم من يسخر منا عندما نبشرهم بقرب عودتنا إلى فلسطين، فالحق ابلج والباطل لجلج، مهما علا وانتفش وانتفخ فسيجعله الحق تبارك وتعالى كثيبا مهيلا.
اثنان وسبعون عاما من النكبة أثبتت كم أن هذا العدو وكل من يقف خلفه من قوى الاستعمار كم هم ضعفاء أمام فيروس لا يرى بالعين المجردة، فكيف بمن يؤمن بحقه ويستعين بالله رب الفيروس ورب الفيل ورب الريح الصرصر والطير الأبابيل.
حري بنا وحكومة العدو تسابق الزمن لتكريس احتلالها وسيطرتها على الأرض الفلسطينية لتنفيذ خطة صفقة القرن عبر مصادرة وبناء المغتصبات، التوحد في خندق المقاومة لتجسيد وحدة شعبنا الراسخة في كافة اماكن تواجده في هذه الذكرى الأليمة.
وسيظل شعبنا يثبت تمسكه بحقوقه الوطنية وفي المقدمة منها حقه في العودة إلى كل شبر من فلسطين.
ومن هنا نوجه التحية للشعب الفلسطيني الذي يحارب العدو بسلاحه الديموغرافي الفعال فقد تضاعف عدده تسع مرات منذ نكبة عام 1948 ليصل في نهاية 2019 إلى اكثر من 13.4 مليون نسمة، ليصل عدد اللاجئين الفلسطينيين وفق البيانات الرسمية اكثر من ستة ملايين لاجئ ووفق بيانات غير رسمية تقريبا 10 ملايين.
وتحية إلى شعبنا الفلسطيني الذي تم تشريده من ما يربو على 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1300 قرية ومدينة فلسطينية.
وتحية للشعب الفلسطيني الذي سطر ملاحم البطولة بدمه خلال مرحلة النكبة قبل أن تسيطر العصابات الصهيونية على 774 قرية ومدينة فلسطينية، حيث تم تدمير 531 منها بالكامل وما تبقى تم إخضاعه إلى كيان الاحتلال وقوانينه.
وكل التحية للشعب الفلسطيني الذي صمد في وجه عمليات التطهير التي اقترافتها العصابات الصهيونية حيث ارتكب العدو أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني .
وتحية لشعبنا الفلسيني الذي ما زال حوالي 28.4 % من لاجئيه يعيشون في 58 مخيما رسميا تابعا لوكالة الغوث الدولية تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 مخيما في لبنان، و19 مخيما في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة .
وتحية لشعبنا الفلسطيني الذي ما زال صامدا رغم ان العدو قتل منذ توقيع اتفاقية اوسلو المشؤومة في العام 1993 أكثر من 10 الالف فلسطيني واصاب ما يزيد عن 40 الف واعتقلت حوالي 50 الف ، يضاف اليهم ما يزيد عن 7 الالف شهيد عربي منذ العام 1993.
وكل التحية لشسعبنا الفلسطيني الذي قدم على طريق الحرية والتحرر منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم (داخل وخارج فلسطين) أكثر من 100 ألف شهيد.
وتحية لشعبنا الفلسطيني الذي بلغ عدد الذين اعتقلتهم قوات العدو منذ العام 1967 حوالي مليون معتقل.
وأبلغ تحية للشعب الفلسطيني الذي سيشكل بعد عشر سنوات الأغلبية مطلقة داخل الحدود التاريخية لفلسطين .
وبعد 72 عام على النكبة نحن إلى العودة اقرب، ولن يضيع حق وراءه مطالب.
كتب: عماد عفانة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت