من الصعب جداً تناول جميع الحالات الكفاحية الوطنية لرجالات اليرموك، خاصة أولئك ممن عاش مرحلة ماقبل النكبة، ومابعدها، في العمل الوطني، وخاصة الكفاح المسلح، لكننا سنتناول بعض الحالات، علها تفي بالغرض.
الفدائي المجاهد حسن محمد جيّاب (ابوسليم)، عماد من أعمدة الكفاح الفلسطيني قبل وبعد النكبة، ومن رجالات مخيم اليرموك، الذين لم يذخروا جهداً في مسار العملية الوطنية الكفاحية للشعب العربي الفلسطيني. فهو من مواليد البلاد، التي عاش على ترابها وتحت شمسها، في بلدة (اجزم) قضاء حيفا عام 1918، وتزوج عام 1940 في فلسطين، من جواهر بنت عبد الرحمن جيّاب، وأنجب منها ثلاثة أولاد. وتوفي باليرموك عام 2004، حاملاً في فؤاده الأمل الكبير بالعودة، وعودة أحفاد وكل ابناء شعبه الى وطنه الفلسطيني.
نهل العلم في فلسطين، في بلدته (اجزم) على يدي الشيخ الجليل توفيق البجيرمي، وقد نهل العلم منه بغزارة، ليصبح متكلم .. ومتحدث .. وحافظ للقرآن الكريم .. لذلك لُقِبَ بالشيخ حسن لكثرة مجالسته لأهل العلم والدين ولحسن أخلاقه.
يُعتبر حسن محمد جيّاب (أبو سليم) من المناضلين المعروفين في قرية (اجزم) وسائر قرى قضاء حيفا, إذ كان من رجالات الشيخ عز الدين القسّام حيث انضم لمجموعات القسام الفدائية مع الشيخ عطية في منطقة جنين القريبة من قضاء حيفا، وقد اودع في سجن عكا سنة 1938 زمن الإنتداب البريطاني اللئيم على فلسطين، بتهمة الإشتراك بقتل قائد سلاح الطيار البريطاني في فلسطين (أندرسن) وحُكم بالإعدام, ولكن أطلق سراحه بعد صدور عفو بريطاني عنه لعدم وجود أدلة عنه في حينها. وكان من رفاقه في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 وحتى العام 1948 عدد كبير من رجالات قرى قضاء حيفا، منهم : أبو محمد الصفوري. الشيخ سليمان أبو علي. الشيخ سعيد العاصي. الشيخ عبد الرحيم حاج محمد (أبو كمال). الشيخ حسن سلامة. الشيخ يوسف أبو درة. علي فارس. توفيق مشينش. سليم الحسن. أحمد العبد الله الأبرص. أنس الحاج أبو رشيد. أحمد عبد المعطي حسن. عبد القادر الفايز. العبد إسماعيل الخواجة. العبد أبو حمده وابنه علي. خضر أبو شقير. سعد محمد العيسى. ذيب عبد القادر. عبد أبو زرد. حسونة أبو شقير..... فاشترك في كثير من المعارك والكمائن التي كانت تهاجم وتعرقل الإمدادات والدوريات العسكرية الإنجليزية والصهيونية وكان أهمها : معركة أم الفحم، معركة كفر لام، معركة الشلالة، معركة الزراعة (مستعمرة في غور بيسان)، معركة عين حوض. كما قام بتنفيذ عددٍ من المهمات الخاصة للثورة الفلسطينية وكان منها أسر مهندس يهودي في منطقة السوامر التابعة لبلدة (عين غزال) قضاء حيفا. وكان أحد المدافعين عن القرى (اجزم وجبع وعين غزال) بعد سقوط منطقة حيفا وضواحيها, هذه القرى صمدت ثلاثة أشهر بعد سقوط المنطقة, حيث سقطت (اجزم) بيد مجموعات الهاغاناه بتاريخ 27 تموز 1948 بعد أن تم قصفها بحراً وجواً، فضلاً عن قصف المدفعية الأرضية.
بقي المجاهد حسن الجياّب في الضفة الغربية ثلاثة شهور بعد سقوط اجزم وبعدها لحق بعائلته التي هاجرت قسراً إلى العراق، فاقام في الموصل، وتوفيت زوجته جواهر فيها, وفي بداية عام 1950 عاد إلى الأردن ليعمل بالعمل الفدائي فيها وبقي أولاده الثلاثة عند جدهم محمد جيّاب. فأقام في مخيم إربد بالأردن وأصبح مختار المخيم, وفي عام 1950 تزوج من (حِسن) بنت ذيب الشيخ حسين, وفي نفس العام انضم إلى الكتيبة الفدائية الفلسطينية في الجيش العربي السوري، المعروفة بالكتيبة (68)، ليسهم في العمل الفدائي المسلح باتجاه فلسطين، واصبحت عائلته تقيم في مخيم اليرموك حتى الآن في منزلها الملاصق لمنزل الشقيق الأكبر للشهيد ناجي العلي، مقابل ثانوية اليرموك للبنات.
رحل من الدنيا، رحمه الله، وقلبه معلقاً بوطنه فلسطين، وله من الأولاد والبنات ثلاثة عشر : سليم ضابط متقاعد في حركة فتح. سليمة ربة منزل. عربي متقاعد (شغل رئيس قسم في وزارة الإعلام العراقية). محمد مهندس مدني. شاكر دبلوماسي. أحمد مدرس مخبري. عبد الناصر مهندس مدني. عبد الوهاب تاجر. أسامة هندسة مدني. بثينة خريجة علوم وربة بيت. خولة خريجة رياضيات وموظفة. معن طبيب. سامية خريجة أدب انجليزي و ربة منزل.
بقلم علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت