مررنا في حياتنا النضالية الطويلة بمنحنيات ومنعطفات كثيرة ، كان بعضها غاية في الصعوبة والقسوة ، مع اشتداد الهجمات علينا من الأصدقاء والأعداء، وكانت دائما وأبداً اقسى الاوقات ، تلك التي ينتابنا فيها "فقدان الأمل" ، و "انعدام الرؤية" ، و "الخوف الشديد من المستقبل" ، وهذه هي بالفعل سنة الحياة ، وأكدها الله سبحانه وتعالى وذكرها في القرآن الكريم في سورة يوسف – الاية 87 : بسم الله الرحمن الرحيم "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" صدق الله العظيم.
وكان الأمل ينبعث دائما من احد أولئك الذين كتب لهم الله سبحانه وتعالى ان يكونوا من القادة الذين يبعثون الأمل فيمن حولهم ، وخاصة في احلك الظروف، ولعلنا جميعا نتذكر الرئيس الخالد ياسر عرفات اثناء خروجه مع قوات الثورة الفلسطينية بعد معركة بيروت ، عندما قال كلمته المشهورة ردا على سؤال احد الصحفيين إلى أين انتم ذاهبون ؟ فكان الرد الحاسم ..: "إلى فلسطين" .. للتحول هذه الكلمات من وسط المحنة والأزمة إلى مبعث الأمل والتحدي والإصرار على صناعة الغد المشرق.
ولقد تابعنا بقلق مؤخرا، التطورات المتسارعة في إسرائيل في اعقاب تشكيل حكومة الطوارئ ، التي من أهم أهدافها تنفيذ خطة ترامب وضم مناطق الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية ، ضاربين بعرض الحائط بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتضحيات ابناءه على مدار سنوات طويلة ، غير عابئين بالقوانين الدولية والشرعية الدولية، معتبرين أن الوضع الدولي ، والإقليمي ، والعربي ، والفلسطيني .. بات مشجعا على تنفيذ هذه المخططات ، التي من المفترض انها ستغلق ملف الصراع وملف القضية الفلسطينية الى الأبد - وفق تصوراتهم.
وللآسف وبالتزامن مع تلك المخططات الامريكية - الاسرائيلية ، تصاعدت الاتهامات للقيادة الفلسطينية ، بالمسؤولية عن ضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة هذه المؤامرة، وتجرأت أصوات ناعقة أخرى باتهامها بالمشاركة في تمرير وتنفيذ خيوط هذه المؤامرة أيضا.
وفجأة وبدون أية مقدمات يخرج علينا الرئيس القائد محمود عباس ، ليعلنها مدوية ، وبدون أي مواربة، اننا في حل من جميع الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي والأمريكي، وعلى رأسها اتفاق اسلو ، وكافة ملحقاته. ليؤكد الرئيس أبو مازن ان هذا الجيل المؤسس للثورة الفلسطينية المعاصرة لا يمكن ان يسلم بالامر الواقع ولا يمكن ان يسلم الراية الفلسطينية الا وهي مرفوعة خفاقة فوق رؤس الجميع، فالهزيمة أبدا لم ولن تكون في قاموس هذه القيادة ، فقد قالها الرئيس أبو مازن وعلى مسمع الجميع، وعلى منابر الأمم المتحدة : "لن اسمح أن يسجل التاريخ أنني قد فرطت في حقوق شعبنا".
نعم هذه هي قيادة حركة فتح التي عاهدت الله وعاهدت شعبها ان تستمر المسيرة حتى النصر وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، وليرتفع علم فلسطين خفاقا فوق مآذن القدس وكنائس القدس ، شاء من شاء وأبى من أبى.
وإنني وفي هذه اللحظة التاريخية الحاسمة ، التي يرد فيها الرئيس أبو مازن على كل الأبواق الناعقة ، وعلى كل أولئك الذين يعتقدون ان بإمكانهم ان يفرضوا أمراً واقعا على الشعب الفلسطيني، وعلى كل المتآمرين ، مؤكدا ان لفلسطين قائدا يحميها ويدافع عن ثوابتها وحقوقها.
ولذلك فإنني اردد وكل شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات ، في القدس ، والضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة المحاصر ، والمنافي ومخيمات اللجوء ، نردد جميعا ، كلنا محمود عباس، كلنا فلسطين.
وإنني أوجه الدعوة الصادقة لكل أبناء شعبنا للخروج دعما لهذا الموقف البطولي والتاريخي لهذا القائد الذي ظلم كثيرا وحان الوقت الذي يجب علينا ان نوفيه حقه، بعد ان اكد انه ثابتا وراسخا ، رسوخ جبال فلسطين، في المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني غير منقوصة ودفاعا عن ثوابت شعبنا وثورتنا وقضيتنا .
اللواء محمود الناطور "ابو الطيب"
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت