مطر عبد الرحيم، صاحب كتاب (ادفنوني هناك)، المشهور باسمه المتداول بمخيم اليرموك (أبو حسين مطر)، "أشهر من نارٍ على علم". فقد ولد في (بلدة نحف)، قضاء عكا في فلسطين، سنوات ثلاثينات القرن الماضي. وقضى سنوات طفولته وفتوته على أرض فلسطين، قبل أن تخرج عائلة والده من فلسطين الى ديار الشتات بفعل نكبة العام 1948. بلدة نحف التي لجأ نصف مواطنيه تقريباً عام النكبة، واقام معظمنهم في مخيم الرشيدية قرب مدينة صور وعلى تخوم الوطن الفلسطيني، والجزء الأخر في سوريا.
أبو حسين مطر، عمل في سوريا، بداية مرحلة عطاءه في سلك الشرطة متطوعاً، لكنه التحق بالوقت نفسه بتنظيم حركة القوميين العرب، التنظيم الذي اسسه ثلة من رجالات البلاد العربية على مقاعد الدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت، في الفترة الزمنية التي أعقبت النكبة بقليل، حيث تركت النكبة نتائج بالغة الدلالة على المُفكرين العرب، الذين أيقظوا روح الإنتباه من الخطر الصهيوني وصلته بمصير القومية العربية وعموم المنطقة بأسرها، وكان منهم : الدكتور قسطنطين زريق، الدكتور جورج حبش، هاني الهندي، أحمد الخطيب، الدكتور وديع حداد، صالح شبل، الحكم دروزة، حامد جبوري، جهاد ضاحي، ثابت المهايني، محسن ابراهيم، حمد الفرحان ...
أبو حسين مطر، من الرعيل الأول الذي التحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نهاية العام 1967، باعتبارها جائت من رحم حركة القوميين العرب، وبائتلافها مع عدة قوى في الساحة الفلسطينية في حينها. والتحق بقواعدها في الأغوار الأردنية، ومن ثم في لبنان.
وبعد حصول، بعض التباينات في الجبهة الشعبية بعد المرحلة الأردنية، خرج أبو حسين مطر وأخرين من الجبهة الشعبية، وبقيادة العراقي (أحمد الفرحان/أبو شهاب) من الجبهة الشعبية، تحت عنوان الجبهة الشعبية الثورية في مخيمات سوريا ولبنان، (غازي الخليلي، نمر نصار، سالم دردونة، هدى حموده، أبو عيسى فارس، أبو العبد السردي، أبو الفهود، أبو الخلود جمال، الشهيد إبراهيم زاير/أبو خولة، أحمد الحسين/أبو رياض، وصبحي جابر/أبو خالد الشمال، حميدي العبد الله/أبو علي إربد، طارق علي/أبو اليسار، أبو أحمد حميدة ... لكنها لم تعمر طويلاً، وتلاشت عام 1974 حيث إلتحق أعضاؤها بباقي الفصائل الفلسطينية اليسارية والقومية التوجه، ومن المفارقات بأن المُنشقين وسموا أنفسهم بالجذريين واتهموا قيادة الجبهة الشعبية بالتذيل نحو خط المهادنة، فيما أصبحت غالبية القيادات التي إنشقت في واد آخر فكرياً وسياسياً بعد زمن قليل من الإنشقاق. لكنها لم تُعمر طويلاً، فعاد واندمج من خرج من الجبهة الشعبية الى صفوف الجبهة والى صفوف بعض القوى الفلسطينية، لكن انتماؤهم واخلاصهم، اعادهم الى حنين التنظيم الذي نشؤوا في صفوفه.
عمل أبو حسن مطر، بعد مشواره الطويل، وبعد سنوات من العمل العسكري، في المجال المهني، في متجره العادي، والواقع منتصف شارع اليرموك. ذلك المتجر الذي تخصص ببيع الآثاث المنزلي وكان برعاية أحد أبنائه، فيما كانت احدى زوايا المتجر، مكاناً للعم أبو حسين مطر، ولجلوس الأصدقاء، من رعيل المناضلين وباجيالهم المختلفة.
أبو حسين مطر، البشوش دوماً، وصاحب النكتة الحاضرة، في مجالسه التي ضمت الكثيرين من رجالات اليرموك، ومنهم المرحوم الحاج عاطف موعد، والمرحوم ابو هشام موعد، وأبو ابراهيم قاسم نجمة، والدكتور محمود موعد، والمرحوم المترجم (أبو علي عودة)، وابو أحمد موعد، والناقد (يوسف سامي اليوسف)، وأبو عزيز العجرمي، وأحمد قنديل/أبو شادي، وأبو ايمن، وشقيقه أبو مسبل، وعوض ... وجميع قيادات وكوادر الفصائل الفلسطينية.
وربطتني معه علاقات المودة الصادقة، بالرغم من الفارق الكبير في العمر. لكنني اكتسبت منه جوانب هامة في قراءة مراحل النضال الوطني الفلسطيني المتعاقبة. رحمه الله، توفي عام 2005، واستشهد ابنه البكر حسين في محنة الأزمة السورية.
ويبقى أبو حسين مطر، علامة من علامات مخيم اليرموك، والعمل الوطني الفلسطيني.
بقلم علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت