كتب وكيل وزارة التنمية الاجتماعية بالحكومة الفلسطينية داوود الديك ، يوم الجمعة، تحت عنوان : قانون حماية الأسرة من العنف مطلب وطني وإنساني :
ردا على مسلسل الأكاذيب والافتراءات التي طفحت بها صفحات التواصل الاجتماعي بشأن مشروع قانون حماية الأسرة من العنف، ووصلت حدّ الترهيب والتكفير والردّة، والتحريض والتهديد وبث السموم، واتهامات ولغو وإفتاء من غير علم:
أولا: مشروع القانون ليس وليد جائحة كورونا، ولم يتم استغلال الجائحة لتمرير القانون. فكرة هذا القانون بدأت عام 2005، وتم تطوير عدة نسخ منه وتداوله في اروقة الحكومات المتعاقبة. وفي عهد الحكومة الحالية وومنذ أكثر من عام، تم استئناف العمل على مراجعة وتطوير القانون وصولا الى النسخة الحالية التي تم نقاشها آخر مرة مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية في شباط 2020 تمهيدا لرفعه الى مجلس الوزراء. بمنعى آخر لا علاقة للتوقيت بالجائحة.
ثانيا: دعونا نعترف أن العنف مستشري في المجتمع ويطال العديد من أفراد الأسر(نساء، أطفال، فتيات، أشخاص ذوي اعاقة، كبار سن)، والأكثر تعرضا للعنف بكافة أشكاله هن النساء والفتيات. واكبر مصدر للعنف ضد النساء يأتي من داخل الأسرة وليس من خارجها.
ثالثا: دعونا نعترف أننا لسنا مجتمعا مثاليا، ولسنا استثناء ولسنا بعمومنا فاضلين وأتقياء وأنقياء. لدينا قدر لا يستهان به من ظواهر العنف النفسي، والجسدي، والجنسي، والتحرش، وسفاح القربى، والاستغلال الاقتصادي، والاستغلال الجنسي، وعمالة الأطفال، والتسول، والحرمان من الميراث، وكل ما قد يخطر ببالكم وصولا الى قتل النساء.
رابعا: فلسفة القانون تتمحور حول احترام وحدة الأسرة وحمايتها وتصليبها، واحترام الخصوصية ومراعاة السرية، ويقدم معالجات نفسية واجتماعية وقانونية واقتصادية للضحية، وينص على أهمية تأهيل الجاني، ويكرس حيزا محترما للوساطة وللتدابير الاجتماعية والعائلية.
خامسا: الذي يهدد ويدمر الأسر هو العنف والجهل والفقر والتفكك والادمان على المخدرات، والتطرف، والانغلاق، وليس مشروع القانون.
سادسا: كل ما لدينا من تجارب وحالات وسجلات وحقائق ومعطيات بشأن العنف ضد النساء، تشير إلى وجود استسهال وتواطؤ وخوف من الابلاغ عن العنفغ، بمعنى آخر تواطؤ مع الجاني ضد الضحية. وتعمل الأسرة ومحيطها الاجتماعي كل ما يخطر ببالكم للضغط علينا لاغلاق الملف أو لاخراج الضحايا المعنفات من مراكز الحماية وتسليمهن الى أسرهن. وفي أحيان كثيرة يكون المخطط هو الغدر والقتل.
سابعا: أين هي النصوص و المواد والاحكام في القانون التي تخالف الشريعة الاسلامية، أو تخالف المنظومة القيمية للمجتمع؟ أين هي؟ لا يوجد طبعا. لكن سأخبركم بأنه يوجد مواد تهز وتخلخل منظومة الجبروت الذكوري، واستغلال النساء وحرمانهن من الميراث وإكراهن على الزواج وإكراههن على العمل، وفي أحيان أخرى منعهن من العمل. لقد صدم هؤلاء بأن القانون يتحدث عن هذه الظواهر بجرأة.
ثامنا: يتهموننا بأن القانون يشجع الرذيلة والانحراف. كيف وأين؟ وما هي المواد التي تشجع على ذلك؟ العكس تماما. القانون يا هؤلاء سيحمي أفراد الأسرة والنساء من انحرافكم ومن تشوه وعيكم. هل يوجد رذيلة أو انحراف يوازي تعذيب وتعنيف النساء والفتيات وقتلهن، والتزويج المبكر، وأكل حقوقهن وحرمانهن من الميراث؟؟
تاسعا: يتهموننا بالردة؟ هذا ليس مستغربا على أباطرة الفكر التكفيري وصنّاع الموت. أنتم يا هؤلاء المرتدون عن الإنسانية وعن كل ما هو سوي.
عاشرا: القانون شدد العقوبات كي لا يستمر استسهال العنف ولكي لا يستمر التواطؤ والتستر على العنف, حيث نص القانون على تشديد العقوبات الواردة في قانون العقوبات النافذ بمقدار النصف على الجرائم الواردة فيه إذا وقعت هذه الجرائم من أحد أفراد الأسرة على آخر، وشدد العقوبات الى الثلثين إذا وقعت الجريمة على الاطفال أو كبار السن او ذوي الاعاقة.
لماذا لا يريدون القانون:
أولا: لا يريدون القانون لانه ينتشل الضحية من بين أنياب المعنّف أو الجاني من خلال إصدار أمر الحماية في الحالات التي تتعرض الضحية للعنف أو تكرار ممارسة ذلك، او في ظل وجود خطر محدق يهدد حياة الضحية او متوقع حدوثه، وفي ظل وجود تهديد للضحية بممارسة العنف ضدها، أو حجز حريتها.
ثانيا: لا يريدون القانون لأنه لا يتوقف تحريك الدعوى الجزائية في جرائم العنف الأسري على شكوى من الضحية. القانون ينص على حق الضحية أو أحد أفراد الأسرة أو الشهود على العنف الأسري إبلاغ مرشد الحماية، أو التقدم بالشكوى الى نيابة حماية الأسرة أو الشرطة.
ثالثا: لا يريدون القانون لأنه يعطي للمحكمة الشرعية والدينية الحق في عزل ولاية المتهم أو وصايته على الضحية في حال ثبوت ارتكابه أي من جرائم العنف الاسري المحددة بموجب أحكام هذا القرار بقانون، بطلب مستعجل يقدم من قبل الضحية. يريدون أن تبقى الضحية صامتة ومعنّفة ومستعبدة ومستكينة.
رابعا: لا يريدون القانون لأنه يجب على مقدمي الخدمات الطبية أو التعليمية أو الاجتماعية أو القانونية، من القطاعين العام أو الخاص ابلاغ مرشد الحماية أو الشرطة عند علمه بحكم عمله بوقوع أي من جرائم العنف الأسري المحددة في هذا القرار بقانون. ويعاقب كل من يمتنع عن التبليغ.
خامسا: لا يريدون القانون لأنه يعتبر أوامر الحماية بيّنة أمام المحاكم المحاكم الشرعية والدينية.
سادسا: لا يريدون القانون لانه لا يجوز إسقاط الحق الشخصي في الحالات الآتية: إذا كان عمر الضحية أقل من 18 سنة، إذا كانت الضحية من الأشخاص ذوي الإعاقة او كبار السن، وفي جرائم الجنايات.
سابعا: لا يريدون القانون لأنه يعاقب على جريمة العنف الاقتصادي والسخرة، والسيطرة على الأملاك والحقوق الإرثية. ويعاقب على جميع أشكال العنف الجسدي والنفسي والتحرش الجنسي، ويعاقب على الإكراه على الزواج، ويعاقب على التمييز.