- بقلم :أ.محمد حسن أحمد
يوافق اليوم الذكرى السنوية الـ53 لنكسة 1967 حيث وسعت حكومة الاحتلال تمددها لتحتل قطاع غزة والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان في عدوان سافر لكيان هو رأس حربة متقدمة للاستعمار الحديث برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ، هذا هو العدوان الثالث لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات بدعم قوى الاستعمار للانقضاض على مقدرات الأمة العربية والإسلامية التي أصبحت ساحة يلتهمها الطامعون في ظل تشتت عربي وإسلامي ، فسيطرت "إسرائيل "على المصادر النفطية في سيناء وعلى الموارد المائية في الضفة الغربية والمرتفعات السورية ما مكنها من زيادة عمليات الهجرة والاستيطان في الأراضي العربية المحتلة وأما على الجانب الجيوستراتيجي فقد استطاع حكومة الاحتلال من إقامة حدود عند موانع أرضية قناة السويس، ونهر الأردن، مرتفعات الجولان، وازداد بذلك العمق الاستراتيجي للاحتلال وبسط كامل سيطرته على مدينة القدس التي احتلت شطرها الغربي عام 1948، ومن النكسة وما تلاها من حرب الاستنزاف والتي تزامن استمرارها عندما كانت معركة الكرامة التي كسرت شوكة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر في مارس 1968على أيدي مقاتلي الثورة الفلسطينية والجيش الأردني ، وعلى الجبهة المصرية تستمر حرب الاستنزاف واستشهاد الرئيس المصري جمال عبد الناصر في 1970، ليواصل مسيرته الرئيس أنور السادات وصولاً إلى حرب أكتوبر المجيدة ، والتي كانت امتداداً للإرادة العربية التي بدأت ملامحها من معركة الكرامة ، فالأمة العربية والإسلامية لديها إمكانات وقدرات تمكنها من فرض إرادتها في العالم وليس في الإقليم ، ولكن التشتت والفرقة والتبعية التي يسعى الاستعمار لإدامتها ويحكم حلقاتها هي سيدة الموقف بين أمة مجيدة حتى كتابة هذه السطور ، وما الربيع العربي إلا شاهد على ما حدث ويحدث من انهيارات في الأنظمة العربية وخلق حالة استنزاف في كل قطر عربي ، فما زالت سايكس بيكو ووعد بلفور في عقلية الاستعمار ورأس حربته الاحتلال الإسرائيلي من أجل خلق تقسيمات المقسم من أمة العرب وترابها الوطني ، وما إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ سياسة الضم للأغوار إلا تساوقا مع الفكر الاستراتيجي للاستعمار ، ولكن ما يجب أن يكون حاضرا في أذهان الأمة العربية والإسلامية أن قوة الاستعمار مهما بلغت وتساوق معها بعض ضعاف النفوس على الصعيد الرسمي لن تحقق ما تسعى إليه ، وشواهد التاريخ حاضرة أمامنا كيف أحدثت معركة الكرامة تحولا في مسيرة الصراع ومن ثم حرب اكتوبر 1973 وتحطيم خط بارليف الحصين ، وكيف كان الصمود الفلسطيني في بيروت 1982 ، بمعنى أن شحذ الهمم والطاقات لأمة العرب يجب أن تكون هي العنوان إيمانا من أن أصحاب الحق هم الثابتون وهم المنتصرون مهما كانت شدة الهجمة الاستعمارية ، وأن الغزاة إلى زوال مهما بلغت قوتهم وتحالفاتهم وحربهم النفسية ضد العرب ،فالأرض لن تقبل إلا أهلها ، وستنتصر الإرادة الوطنية على الغزاة والمحتلين ، وفي هذا المقام لا بد أن نستحضر انتصارات الإرادة العربية ، وما قرار السلطة الوطنية بوقف كل أشكال التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي إلا خطوة في الاتجاه الصحيح ، ليعلم الغزاة والمحتلون أن القضايا العربية ليس لقمة سائغة للاستعمار ، وأن الكرامة العربية والحقوق العربية الوطنية لن تقبل المساومة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت