قال نائب رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) السابق، يتسحاق إيلان، الملقب بـ"الغروزيني"، إن الشخص الذي خطط للعملية التفجير عند مفترق بيت ليد، شرقي نتانيا، في 22 كانون الثاني/ديسمبر عام 1995، هو "قائد الجهاد الإسلامي في غزة. وقد حافظ على بقائه في الخفاء ولم يكن أخد يعلم بوجوده. وبفضل أحد رجالنا في غزة، اكتشفنا وجوده وصفيناه بهدوء. وهذا الأمر لم ينشر من قبل أبدا. والعملية التفجيرية في ديزنغوف سنتر (في وسط تل أبيب، في 4 آذار/مارس عام 1996) كانت انتقاما لهذا الاغتيال وليس لاغتيال يحيى عياش".
وجاءت أقوال "الغروزيني" في مقابلة أجراها معه المحلل السياسي لصحيفة "معاريف" العبرية، بن كسبيت، ونشرت يوم الجمعة. وفي إجابته على سؤال عن قائد الذراع العسكري لحركة حماس، محمد ضيف، وعدم نجاح إسرائيل باغتياله حتى اليوم، قال إن ضيف "مدين بحياته مرة واحدة على الأقل لشمعون بيرس. ففي اليوم الذي اغتلنا فيه يحيى عياش، وصلت معلومات عن مكان تواجد ضيف، برفقة آخرين في غزة. وطلبنا موافقة لاغتياله من الجو، ورئيس الحكومة بيرس لم يوافق. فقد تخوف من عمليتي اغتيال كهذه في اليوم نفسه. وعندها ذهب (المسؤول في الشاباك حينها وأصبح رئيسه لاحقا آفي) ديختر إلى رئيس أركان الجيش، أمنون ليبكين شاحك، الذي أحبه بيرس كثيرا، وقال له ’إذهب إليه وأبلغه أن علينا إنزاله’. وذهب ليبكين إلى بيرس وحصل على موافقة، لكن حتى حصولنا على الموافقة كان ضيف قد غير مكانه وتبددت الفرصة".
وأشار "الغروزيني" إلى أن ضيف نجا من عدة محاولات اغتيال، "وفي إحدى المرات تواجد جميع قادة حماس في بيت واحد في غزة. وكان بإمكان قنبلة واحدة أن تنظف من أجلنا قيادة حماس لأجيال. وجرى نقاش، وتقرر في النهاية إلقاء قنبلة صغيرة وليس كبيرة، وقد خرجوا سالمين". حسب موقع "عرب 48"
وسعى "الغروزيني"، خلال المقابلة، إلى تبرير اغتيال واعتقال العديد من القياديين والناشطين الفلسطينيين، خلال الانتفاضتين خصوصا. وتطرق إلى اعتقال أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، مروان البرغوثي، ورفض مقولة إسرائيليين أن اعتقاله كان خاطئا "لأنه الفلسطيني الوحيد الذي بإمكانه التحدث معنا حول اتفاق".
واعتبر "الغروزيني" أن هذه المقولة هي "هراء. وليست لديه أي قدرة قيادية. وهذا الرجل يقبع لخمسة مؤبدات، وبحق. وأنا كنت بين الذين اعتقلوه. والبرغوثي هو شخص متطرف. والقول أنه براغماتي هو وهم. وفي اللحظة التي يخرج فيها ويتحول إلى قائد، ستختفي البراغماتية. وبالأجواء السائدة اليوم، لا يوجد قائد فلسطيني بإمكانه التنازل عن حق العودة".
وتطرق "الغروزيني" إلى رئيس حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، وقال "إنني أعرفه جيدا. لقد التقيت به في السجن. وسألني بأية لغة أريد أن أتكلم، العبرية أم العربية، وأنا فضلت العربية لأنني مررت له عدة رسائل هامة. إنه عدو لدود، وحشي، ذكي ومحنك. وكل مشروع المظاهرات عند السياج من صنعه. البالونات، الطائرات الورقية، خلال الضجيج الليلي. لقد نجح بتحقيق إنجازات غير مسبوقة لحماس من خلال استخدمات أدوات من العصر الحجري. هذا مذهل. لقد كان قائد أول خلية تحت قيادة أحمد ياسين. لقد قتل متعاونين بيديه".
واعتبر "الغروزيني" أنه ليس بالإمكان التحدث مع السنوار "في المستوى السياسي. وهو يعرفنا جيدا. فهو يقرأ ’يديعوت’ و’معاريف’، وهو خبير بالمجتمع الإسرائيلي بكافة تفاصيله. وشقيقه الأكبر، محمد السنوار، كان قائد المنطقة الجنوبية في خان يونس". وبحسبه، فإن رئيس الشاباك الأسبق، عامي أيالون، "رفض طلبي باغتيال الشقيق الأكبر".
ويبدو أن أيالون كان يعلم بأن هذا "الغروزيني" هو شخص متعطش للدماء. فقد اعتبر أنه بعد اغتيال القيادي في الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا، وجولة التصعيد التي تلت ذلك ليومين واستشهد فيها 25 فلسطينيا في القطاع، "كان ينبغي أن تقتل إسرائيل 2500 ناشط. وهكذا فقط سيسود الهدوء في غزة. هذه هي الطريقة الوحيدة... يجب احتلال غزة، مثلما فعلنا في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). لا توجد طريقة أخرى".
تطرق "الغروزيني" إلى قضية إلحنان تننباوم، الذي أسره حزب الله، وأطلق سراحه في إطار تبادل أسرى بين الحزب وإسرائيل. وقال "الغروزيني"، الذي حقق مع تننباوم أن الأمر الأهم في هذا التحقيق هو هل سلم تننباوم، الذي كان ضابطا في الجيش، أسرارا لحزب الله. وقال "الغروزيني" أنه "بعد حرب لبنان الثانية اتضح أنه من دون أدنى شك أن تننباوم لم يسلم أسرارا لحزب الله".
وانتقل "الغروزيني" إلى الحديث عن سبب رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تعيينه رئيسا للشاباك، رئيس الشاباك الذي شارفت ولايته على الانتخاء، يوفال ديسكين، أوصى أمام نتنياهو بتعيينه، رغم أن طرح اسمين آخرين.
وبحسب رواية "الغروزيني"، فإنه "في العام 2009، كنت رئيسا لشعبة تضم وحدة إحباط الإرهاب اليهودي. وفي حينه برزت ظاهرة، يعلن فيها جنود متدينون أنهم سيرفضون تنفيذ أوامر عسكرية لإخلاء مستوطنات. وقد كلفوني بمعالجة هذه الظاهرة. وقررت أن ألتقي مع الحاخام حاييم دروكان، الزعيم الروحي للصهيونية الدينية، بهدف أن أطلب منه التنديد بهذه الأقوال العلنية للجنود. وقد وافق دروكمان على التنديد، وقد ندد فعلا، لكنه قال إنه إذا جاء جندي إليه وسأله، فإنه سينصح الجندي برفض تنفيذ أمر عسكري بإخلاء مستوطنة".
وأضاف أن دروكمان احتج لاحقا على تعيين "الغروزيني" نائبا لرئيس الشاباك، وبعث برسالة احتجاج على هذا التعيين، وتحدث دروكمان حول ذلك مع صديقه نتان إيشل، وهو أقرب المستشارين لنتنياهو، للاحتجاج على تعيين "الغروزيني"، لأنه عارض أقوال الجنود المتدينين الرافضين لإخلاء مستوطنات. وشدد على أنه طالما أن اليمين في الحكم "وتريد أن تكون رئيس الشاباك، عليك ألا تتولى منصبا في الدائرة اليهودية في الشاباك".
وتطرق "الغروزيني" إلى المنظمات الإرهابية اليهودية في المستوطنات والبؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية، وبينها "شبيبة التلال". وقال إن "هذه ظاهرة خطيرة جدا. وبإمكانهم التسبب بكارثة، مثلما تسبب يغئال عمير (قاتل رئيس الحكومة الأسبق يتسحاق رابين) بكارثة لديمقراطيتنا. والإرهاب اليهودي أخطر من العربي. أنظر إلى اغتيال رئيس الحكومة، باروخ غولدشطاين (مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي)، جريمة القتل في دوما، وقتل محمد أبو خضير. وكل واحدة منها يمكن أن تتسبب بردود فعل متسلسلة رهيبة".