- عماد عفانة
لم يكن اعلان رئيس حركة حماس إسماعيل هنية يوم الخميس 4 يوني 2020، ان المقاومة لن تقبل استمرار "خطف منظمة التحرير الفلسطينية" مفاجأ الا لأولئك الذين كانوا يعتبرون منظمة التحرير بقرتهم المقدسة التي تفيض عليهم وعلى زبانيتهم حصرا من خيرات مناصبها واستثماراتها وغنائمها
الحقيقة، أن الاعلان حمل واحدا من أكثر الرسائل السياسية تأخيرا في حياة الشعب الفلسطيني، إذ طالما انتظر شعبنا المجاهد من يستعيد شرف التحرير اسما وعملا من المنظمة التي باعت شرفها يوم الغت ميثاقها وشطبت تاريخها وادانت شهداءها بين يدي الرئيس الامريكي كلنتون في قلب غزة يوم كان التصويت بالتصفيق حيث صودر حق الشعب الفلسطيني في اختيار طريقة تحرير وطنه على يد زبانية واذناب العدو الذين اعتقلوا المناضلين وحشرو كل 6 منهم في زنازين وقائي دحلان ذات المتر المربع الواحد
آن للمقاومة أن تأخذ دورها كاملا في افشال المخطط الدولي الإقليمي بالتعاون مع أطراف فلسطينية الذي بدأ بصناعة "بديل سياسي" مساند للإحتلال تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، سميت السلطة الفلسطينية التي أفرغت منظمة التحرير من مضمونها وسيطرت على مراكزها المالية
يحاول البعض التباكي على السلطة الوظيفية حتى أنهم أصابتهم القشعرة بعد فوز حماس في انتخابات يناير 2006، حيث تم تهيئة المسرح السياسي العام كي يتم احتواء حركة حماس، وتدجين المقاومة بعد اغتيال زعيم فتح ياسر عرفات.
ويسخر الكارهين من حيث الأصل والفرع لكل مقاومة حارج اطار منظمة التحرير اقلامهم لتشويه الثورة الفلسطينية منذ الانطلاقة وحتى تاريخه متناسين ان معسكرات الشوخ العسكرية في الأردن كان الملهم والنواة الصلبة للثورة الفلسطينية؛ فلا غرابة ان يظهر هنية للحديث عبر منبر جبهة العمل الاسلامي الأردنية ليهز خطاب هنية عروش الصمت ويوجه رسائل تعلن بلا أي التباس أن القادم سيجتث كل رجس شيطاني يتم العمل له في كواليس الظلام، وليبدأ هنية كرأس لتنظيم ممتد في "التهيئة" لدور جديد للمقاومة تكون فيه رأسا لرمح الأمة وليست مجرد ملحق بأذيال هياكل منظمة هرمة تصفر فيها رياح التنسيق الأمني والصفقات المشبوهة
ولأن متطلبات المرحلة هي صفر مشكلات مع المحيط العربي والإسلامي فوجه خطاب هنية إشادة بخطاب الملك عبدالله، واعتبره قاعدة مشتركة لموقف حماس مع الأردن ليعبر برسالة ليست عفوية ابدا عن "قواسم مشتركة" بين الأردن وفلسطين، بلغة التمثيل الحقيقي للقضية والشعب الفلسطيني التواق للتحرر عوضا عن السلطة الوظيفية ذات الخطاب والتوجهات غير الموثوقة
خطاب هنية،لم يكن مجرد انذار بعدم السماح باستمرار اختطاف منظمة التحرير ككيان مادي ومعنوي وصاحبة اعتراف دولي، بقدر ما كان محاولة لاستعادة شرف التحرير الذي تخلت عنه المنظمة وتدشين لخطة كفاحية مع المحيط العربي والاسلامي، تخرجهم من دورهم القديم القاصر على الدعم والاسناد المعنوي والمالي الى أخذ دورهم كاملا تجاه فلسطين كملك للأمة جمعاء ووقف على أجيال المسلمين؛ حيث لم يتبقى من فلسطين سوى بقايا وطن ولن تتحرر فلسطين التي تكالبت عليها قوى الاستكبار العالمي دون تحالف وتكاثف كل القوى كي لا ينجح العدو في انهاء مرحلة الثورة، بعدما نجح في استبدالها بالسلطبة الوظيفية
فكأن هنية يرسل رسالته الى من يهمه أمر الخلاص من واقع لخلق واقع بلا منظمة التحرير ان المقاومة استعادت وباقتدار شرف التحرير من المنظمة التي باتت بلا روح؛ وأن فلسطين لا يرتبط تحريرها بوجود المنظمة من عدمه بعد أن حولت اوسلو وملحقاتها المنظمة ومفرزاتها الى عبئ على الشعب والقضية
الجميل ان هنية أطل من منبر قومي عروبي اسلامي وتحدث بروح وطنية فلسطينية عروبية اسلامية جامعة، وقدم تصور شامل للتصويب العام، في المسار السياسي ومكانة ودور الامة الواجب في طريق التحرير.
وكان من الحنكة أن يستخدم هنية منبر اردني عروبي اسلامي اقرب الى فلسطين لإعلانه السياسي حول قضية جوهرية، فكانت رسالة لغير أهل فلسطين، ان هناك مجال واسع لمن هو مستعد لأن يكون عاملا مساعدا لمرحلة التحرير القادمة، بكل ما تحمله من أهداف سياسية وأعباء مادية.
التاريخ لا يقف عند لغويات الخطابات أي كان مضمونها، فما كان كلام هنية خطابا عبر منبر عروبي واسلامي وبروح وطنية فلسطينية فحسب بل كان دعوة لاطلاق روحية ومنطلقات جامعة فعالة للعمل من أجل فلسطين تغادر فيها الحركات والجماعات العربية والاسلامية مرحلة التنظير السياسي والدعم المعنوي والمادي الى أخذ دورها كاملا في مشوار التحرير فشرف التحرير متاحا للجميع وعبئ القيام به فرض عين على الجميع
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت