وسط سجالات وانقسام حاد داخل البرلمان المشهد التونسي على صفيح حروب الإقليم وصراع المحاور

بقلم: فؤاد محجوب

  • فؤاد محجوب

جو عاصف وخلافات ومشادات وتبادل اتهامات سادت الاجتماع الاستثنائي للبرلمان التونسي الذي عقد (3/6) بطلب من «الحزب الدستوري الحر» التي أودعت لائحة بالبرلمان يوم 4 أيار /مايو الماضى ، للمطالبة بعقد جلسة عامة للنظر في مشروع لائحة بكتابة مجلس نواب الشعب، تهدف إلى «إعلان رفض البرلمان للتدخل الخارجي في الشقيقة ليبيا ومناهضته لتشكيل قاعدة لوجستية داخل التراب التونسي قصد تسهيل تنفيذ هذا التدخل». وطالبت كتلة الحزب بعرض هذه اللائحة على الجلسة العامة للتداول والمصادقة.

كما اعتبرت الكتلة وتضم (16 نائبا)، أن رئيس البرلمان راشد الغنوشي يقوم «بتحركات خارجية مثيرة للجدل خاصة مع تركيا» وكذلك بسبب اتصاله برئيس حكومة الوفاق الليبي فايز السراج. وطالبت كتلة الدستوري الحر بـ«مساءلة» رئيس البرلمان حول هذه الموضوع. وفي نهاية الجلسة صوت 92 نائبا إلى جانب اللائحة  التي قدمها الحزب وأيدها عدد من الأحزاب الأخرى، ويلزمها تأييد 98 نائبا (من أصل 217) كي تعتمد من قبل المجلس.

وعلى الرغم من انتهاء الجلسة بهذه النتيجة إلا أن المراقبين رأوا في هذا الختام بداية لتجاذبات ستتسع في المشهد السياسي والحزبي التونسي، وأن تفاعلات كثير على الصعيدين الشعبي والسياسي قادمة على الطريق مع وصول العلاقات بين عدد من الأحزاب إلى درجة التأزم.

اتهامات للأخوان

وقالت رئيسة الحزب الدستوري الحر في جلسة البرلمان، عبير موسي، لرئيس البرلمان راشد الغنوشي«لا يشرفنا أن تكون على رأس البرلمان التونسي». وأضافت «قياداتكم إخوانية ومصنفة إرهابية عالمياً، النهضة الإخوانية أكبر خطر على تونس»، وتابعت«كذبت على التونسيين أكثر من مرة»، وقالت إن «تنظيم الإخوان بث الفتنة في تونس وأعاد سياسات الاغتيالات».

وقالت سامية عبو، عن الكتلة الديمقراطية الشريك في التحالف الحكومي، في مداخلتها وهي تتحدث للغنوشي «إنك تتصرف كرجل دين حاكم بأمره وليس كرجل دولة مدنية يفترض أن يكون ديمقراطيا، وأنك فشلت في أن تتحول إلى رجل دولة»، ما اعتبره المتابعون دليلا إضافيا على توتر العلاقة بين مكونات التحالف الحاكم.

وكان أعضاء كتلة «الدستوري» نفذوا  اعتصاما بالمبنى الفرعي للبرلمان يوم 13 أيار /مايو الماضي ، بسبب عدم الاستجابة لطلب الكتلة من قبل مكتب المجلس، وقد تم فض الاعتصام يوم 23 من الشهر ذاته، إثر قرار المكتب الاستجابة للنقاط السبع الواردة في بيان الاعتصام، لاسيما عقد الجلسة العامة والنظر في اللائحة التي طرحوها على الجلسة العامة للتداول والمصادقة طبق مقتضيات الفصل 141 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب.

وينص الفصل 141 من النظام الداخلي لمجلس النواب التونسى أنه «يمكن لكل رئيس كتلة بمجلس نواب الشعب التقدم بلائحة لمناقشتها والمصادقة عليها في الجلسة العامة للمجلس بهدف إعلان موقف حول موضوع وحيد على أن لا يتعلق محتوى اللائحة بإحدى اللوائح المنظمة بالنظام الداخلي».

للابتعاد عن المحاور

• كما دعت أربع كتل نيابية أخرى وهي «قلب تونس» و«الإصلاح» و«تحيا تونس» و«المستقبل»، رئاسة مجلس النواب في بيان مشترك، إلى «احترام الأعراف الدبلوماسية وتجنب التداخل في الصلاحيات مع بقية السلط وعدم الزج بالمجلس في سياسة المحاور، انسجاما مع ثوابت الدبلوماسية التونسية»، مطالبة بعرض المسألة على أول جلسة عامة مقبلة، للتداول في شأنها من قبل النواب.

ووجهت كتلة الحزب الدستوري الحر، وثيقة إلى الكتل البرلمانية «المدنية»، تتضمن مقترح خارطة طريق «لإنجاز الإصلاحات الكبرى المطلوبة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بعد تكوين أغلبية برلمانية مدنية وسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب»، وفق ما جاء فيها.

وقامت الكتلة، حسب نص الوثيقة التي حملت توقيع رئيستها، عبير موسي، بإرسالها إلى رؤساء كتل الأحزاب المدنية والنواب المستقلين، »لإبداء الرأي والتفاعل». وتضمنت الوثيقة نقاطا، دعت ما أسمتها «القوى المدنية»، بإمضاء العريضة التي يتم التوقيع عليها حاليا، «لسحب الثقة من راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان وانتخاب رئيس جديد من القوى المدنية».

وطالبت بـ«إبعاد أعضاء الديوان ورئيسه الذين جثموا على مفاصل الإدارة وحوّلوا المجلس إلى فرع لتنظيمهم السياسي وانتداب كفاءات إدارية عليا»، حسب ما جاء في الوثيقة.

• من جهتها أصدرت سبعة أحزاب سياسية تونسية (التيّار الشعبي وحزب العمال وحركة تونس إلى الأمام والحزب الاشتراكي والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي وحزب القطب وحركة البعث) في 20 أيار /مايو الماضى بيانا مشتركا عبرت فيه عن «ادانتها» للاتصال الهاتفي، الذّي أجراه قبل يوم (19 مايو)، رئيس مجلس النواب ، راشد الغنوشي، مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، معتبرة ذلك «تجاوزا لمؤسسات الدولة وتوريطا لها في النزاع الليبي إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها».

 «اتحاد الشغل»

من جهته دعا الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له «رئيس الجمهورية ونوّاب الشعب الوطنيين إلى تقديم مبادرة قانونية تمنع أي طرف مهما كان موقعه وقوّته من جرّ تونس إلى الاصطفاف وراء الأحلاف في ليبيا ، مطالبا السلطات التونسية وخصوصا رئيس الجمهورية ، باتّخاذ كلّ الإجراءات الأمنية والحمائية والسيادية لحماية حدودنا ومنع تنقّل الإرهابيين من ليبيا وإليها» .

وأكد الاتحاد أنه «سيتجند مع كل القوى الوطنية للتصدي بكل الأشكال لاستخدام تراب بلادنا منطلقا للتدخل الأمريكي أو التركي أو غيره في ليبيا مشيرا الى أنه سيسخر كلّ قواه وكافّة أشكال الضغط لمنع جرّ تونس إلى مستنقع المحاور».

وكانت المكالمة الهاتفية التي جمعت رئيس البرلمان راشد الغنوشي برئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا فائز السراج يوم 19 أيار /مايو الماضى و تهنئته باستعادة قاعدة الوطية معبرا عن «ارتياحه» لعودة القاعدة القريبة من حدود تونس إلى حكومة الوفاق، أثارت جدلا وانتقادات واسعة من قبل عدة منظمات و أحزاب اعتبرتها اقحاما لتونس في صراع المحاور في ليبيا.

مجلة الحرية الفلسطينية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت