- أ.د. محمد أشرف البيومي
- أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعتي الإسكندرية وولاية ميشجان (سابقا)
- القاهرة في 12 يونيو 2020
أرادت قوي الهيمنة الغربية وأتباعها إقليميا، سواء الرجعية العربية أو الكيان الصهيوني، ضرب محور المقاومة وإحلال النظام السوري بنظام تابع لها. واستندت قوي العدوان إلي الحرب بالوكالة باستخدام آلاف الإرهابيين وتدريبهم وتمويلهم وتدجيجهم بالسلاح. كانت تركيا عضو الناتو، مركزا أساسيا لتسرب هؤلاء إلي الداخل السوري، كما تولت ماكنة الإعلام الغربي، خصوصاً الأمريكية إشاعة الاتهامات الباطلة ضد السلطة السورية، من استخدامها للسلاح الكيمائي وتصوير رئيسها بأنه قاتل شعبه وأن إزالته أصبحت وشيكة!
والآن تتعرض سوريا لموجة مستجدة من العدوان والتآمر لتحقيق نفس الأهداف التي فشلت قوي الهيمنة في إنجازها عن طريق العدوان الارهابي المسلح. تجيء الحرب المستجدة تحت عنوان "قانون قيصر"(مستخدمة اسم عميل يدعي قيصر كما قيل) معتمدة أساسا علي سياسات إجرامية تشمل الخنق الاقتصادي وضرب العملة المحلية وحرق المحاصيل ونهب البترول والثروات من أجل إشاعة الفوضي وتأجيج غضب المواطنين ضد السلطة السورية ومن ثم وقوع سوريا تحت الهيمنة الأمريكية.
ولا زالت ذاكرة سياسة التجويع الاقتصادي الإجرامية في العراق وموت مئات الألوف من أطفال العراق حية في أذهاننا كما أن قوي الهيمنة تستخدم حالياً نفس السياسات لفرض الهيمنة علي دول أخري تتمسك باستقلالها سواء إيران أو كوبا أوفنزويلا.
إن منع المساعدات الطبية لمواجهة وباء الكورونا يذكرنا بمنع العراق سابقاً من استيراد المواد الضرورية لتطهير مياه الشرب، مما أدي لموت الآلاف من شعبه خصوصا الأطفال كما تنبأت تقارير رسمية أمريكية قبل ذلك بسنوات، تذكرنا أيضاً بجريمة المستوطنين المحتلين بأمريكا بجريمة توزيع بطاطين ملوثة بوباء الجدري مما أدي لانتشار المرض القاتل كالنار في الهشيم والقضاء علي أعداد هائلة من سكان أمريكا الأصليين. هذه الجرائم قديمها وحديثها تأتي متناسقة مع نفس سلوك القهر والإبادة والإحتقار للمواطنين الملونين في أمريكا ذاتها وإبقائهم في أوضاع اقتصادية وصحية متردية.
فشل العدوان علي سوريا سيتبعه فشلاً آخر لمخطط "قيصر" المستجد
لقد فشلت القوي العدوانية علي مدي عدة سنوات سابقة وتحررت غالبية سوريا من العصابات الارهابية بسبب قيادة صلبة وجيش متماسك وشعب صامد وحلفاء أقوياء. كذلك سيفشل العدوان المستجد أيضاً لنفس الأسباب. لكن يجب عدم التقليل من خطورة المعركة الجديدة لكونها لا تقل ضخامة عن المعركة السابقة بل قد تفوقها فتعرض الشعب إلي مزيد من الضغوط في مأكله وصحته وحياته. هذا ليس بالأمر الهين حيث أنه يشكل اعباءً هائلة علي الحكومة ويتطلب جهدا كبيراً وتخطيطاً جديدا وصموداً أصلب كما يحتاج لمؤازرة متسعة من المثقفين العرب داخل سوريا وخارجها في مواجهة الحرب النفسية ورفع الوعي ودعم الصمود ومؤازرة السوريين معنويا علي الأقل فالمعركة التي يخوضونها ليست لمصلحة سوريا فقط إنما لمستقبل الأمة العربية. يجب أن يشعر المواطنين السوريين أنهم ليسوا وحدهم وأنه رغم مواقف الحكومات فهناك أصوات عربية مخلصة تؤازرهم.
هدف المؤامرة في سوريا ولبنان هوضرب محور المقاومة
لا يحتاج المرء بالضرورة الحصول علي وثائق دامغة للاستنتاجات التي تتضمنها هذه الملاحظات السياسية وإن كان هناك توثيقاً لنوايا قوي الإمبريالية تجاه الوطن العربي بأكمله،بما في ذلك مصر. يكفي أن تكون استنتاجاتنا متناسقة مع سياق تاريخي دامغ ووثائق سابقة وتصريحات معلنة و سلوكيات قديمة من جرائم مرتكبة والوسائل الإعلامية المصاحبة للتغطية وللتشويش وليس أقلها الاتهام الجاهز بما يسمي بنظرية المؤامرة علما بأن التآمر ليس له نظريات ولكن لا شك من تواجد تآمر صارخ من قبل قوي الهيمنة ضد مصالح الشعوب ومن المدهش أن المتآمرين أنفسهم، وبعض السذج والمتواطئين وغير المكترثين، هم من يتهمون المقاومين بتبني ما أسموه بنظرية المؤامرة لتسفيه مواقفهم!
ليس من المستغرب أن يرتفع في بيروت شعار حركة أوتبور الصربية راعية الثورات الملونة وما سمته الإدارة الأمريكية بالربيع العربي وبصراحة هذا يعكس غباء المتبنيين لهذا الشعار لكونه يفضح انتمائهم.
ملاحظة حول العثمانية الجديدة
وما دمنا ملتزمين بالتناول الشامل لقضايانا القومية، فلا بد أن تكون هناك ملاحظة علي التدخل العثماني في ليبيا. يجب ألا ننسي أبداً أن تركيا التي أدت دوراً محورياً في العدوان علي سوريا هي عضو بحلف الناتو بالإضافة إلي تحالفها ودعمها للإخوان المسلمين، وهي نفسها التي نقلت الآن الآلاف من المرتزقة من سوريا إلي ليبيا مما يشكل تهديدا للأمن القومي المصري. يؤكد هذا التطور الخطير علي ضرورة الرؤية الشاملة في التحليل السياسي فعندما حذرنا سابقا من خطورة ما يحدث في سوريا علي الأمن القومي المصري لم نكن مغالين فالطموحات العثمانية في ليبيا تهدد مصر الآن. فهل كان من المنطقي التصدي للتدخلات التركية في سوريا لحماية المصالح المصرية وهل أصبح من الضروري دعم سوريا الآن في مواجهة مؤامرة "قيصر"؟
تكثيف الجهود ومضاعفة الصمود لمواجهة عدوان "قيصر"
من أهم الأوليات الآن مواجهة الحرب النفسية التي يتعرض لها الشعب العربي في لسوريا و إبقاء روحه المعنوية مرتفعة رغم المعاناة الإضافية التي يتعرض لها، كما لا يمكن التقليل من حجم هذه المعاناة للمواطن السوري. وفي نفس الوقت لا يمكن التقليل من مخاطر الرضوخ لمخططات العدوان وكذلكً لا يمكن الإسنهانة بالنتائج الأيجابية والهائلة لهذا الصمود الهائلة لسوريا ومحيطها العربي.
لابد ان يشعر المواطن السوري من خلال التاييد المعنويمن قبل المثقفين الملتزمين أنه ليس وحده، رغم تحمله وحده عبء الحرب الاقتصادية الاجرامية التي تشنها الإدارة الأمريكية ضده. هناك من يستشعر عنائهم ويقف معهم رغم العجزعن القدرة علي المساندة الفاعلة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت