- ناجى احمد الصديق
لم يعد خافيا على احد ان المغامر الاسرئيلى بنيانين ناتنياهو قد وقر فى نفسه ان مجده الشخصي فى هذه الدنيا موصول بفلسطين دولة وشعب وانه فى ختام حياته السياسية يجب ان يعمل على ان تكون دولة فلسطين من مخلفات الماضي وشعب فلسطين فى ذمة التاريخ .
ليس من المفيد ان نتتبع حياة الرجل لاننا على يقين بان اسقاطات نفسية عنيفة هى التى تقوده الى السباحة عكس التيار لإرغام الشعب الفلسطيني على رفع الراية وان خيبات وانكسارات قد صاحبت مسيرة حياته حتى أصبح لا يرى فى كل هذا العالم غير حربه الممتدة على الشعب الفلسطيني تماما كما انه ليس من المتوقع ان يعدل ناتنياهو من رأيه فى ان شعب فلسطين ليس له إلا العيش فى كنف اسرائيل وان من يرفض هذا الأمر فالنار اولى به
مغامرات ناتنياهو فى الصراع الاسرائيلى الفلسطيني مشهورة ومعروفة فمنذ عرف الرجل طريقه الى عالم السياسة وضع نصب اعينه محو فلسطين من الوجود لان إيمانه العميق بيهودية الدولة الاسرائلية يعنى دون شك ان الشعب الفلسطيني يجب ان يبحث له عن وطن بديل لهذا ولغيره وضع كلتا يديه فى ايدى الرئيس الامريكى المثير للجدل مثله تماما دونالد ترامب ووجد الرجلان فى تحالفهما معا ما كان يبحثان عنه على طول مسيرتهم السياسية الا وهو المجد الشخصي ليس الا
أول ما بدأ به ناتنياهو هو حرب الإبادة التى شنها على الشعب الفلسطيني فى غزة ورأى العالم بأسره كيف دك الطيران الحربي الاسرائيلى منازل المواطنين العزل فى غزة فوق رؤوسهم غير عابئ ولا هياب من خرقه لقواعد القانون الانسانى الدولى الذى يحرم هدم المنازل وقتل المواطنين العزل فلم يعد لديه ادنى حرمة لدم الفلسطينين كما لم يتبق له ادنى اعتبار للقانون
سرعان ما عرف ناتنياهو أن الحرب والقتل والدمارلم تمثل هاجسا فى يوم لدى الشعب الفلسطيني فالشعب الفلسطيني قد اعتاد هذه الأشياء منذ اليوم الأول للاحتلال وما كان يمر يوم واحد دون ان يقتل فيه فلسطيني او تصادر فيه ارض بل أصبح الكر والفر بين الفصائل الفلسطينية المسلحة وجيش الاحتلال من الأمور المألوفة لمرتادى منصات الاخبار فعرف المغامر ناتنياهوان ليس له الا الولوج من باب آخر غير باب القتل لبناء مجد ظل يكدح فى تحقيقه دون كلل باب يوجع الفلسطينيين دون ان يقتلهم ولكنه باب به مخاطر واشواك لانه يمر من خلال تجاهل القانون الدولي والشرعية الدولية والمجتمع الدولي والحق ان ناتنياهو لا يهمه من كل ذلك الا رضاء حليفه دونالد ترامب والذى كان – ولسخرية القدر – أكثر منه تشوقا لبناء مجده حتى وان كان ذلك على حساب القانون وفوق جماجم الخصوم
عكف الرجلان على الطاولة بعد ان جمعهم القدر بالصفات المشتركة بينهم ينسجان بأيديهما خيوط مؤامرة طويلة الأمد صعبة الأهداف شائكة التعقيدات حتى خرجا أخيرا على العالم بما أسموه صفقة القرن شاركهم فيها العرب والفرنجة وعاونهم عليها القريب والبعيد وساعدهم فى نشرها المسلم والكافر وفعل ترامب كل ما يستطيع لإرضاء الأقربين قبل الأبعدين على تبنى هذه الصفقة لأنها فى رأيه ورأى حليفه هى اقصر الطرق لمحو ما يسمى بدولة فلسطين واذابة ما يسمى بالشعب الفلسطيني
منذ ذلك الوقت أخذت مغامرات ناتنياهو تزداد وتتسع فبدأ بإعلان القدس عاصمة أبدية لاسرائيل وهى خطوة ضد المنطق وضد التاريخ وضد القانون وضد المجتمع الدولي ولم يكن يغيب عن باله كل ذلك ولكنه مضى إلى حيث تسوقه تهويمات مجده الزائف ووجد من يقف بجانبه بالترهيب تارة وبالترغيب تارة اخرى يساعده ويسانده خله الوفي دونالد ترامب دون يطرف لاى منهما جفن وهما يضربان بالقانون الدولى عرض الحائط عن علم وقصد وليس عن جهل عمى
لم يكن العالم بأسره يمثل شئ عند ناتنياهو ولم تكن الإدانات والبيانات الا أشواك تعترض مسيره لبرهه فما تلبث ان تزول بعامل الوقت وتصبح الحقيقة الباذخة هى تمرير ما فعله رغم القانون ورغم الشرعية ورغم الإدانة والشجب والتنديد لهذا فان مغامراته تزداد وتتنوع لان يعلم ان لا سلطة حقيقية تقف فى وجهه وان لا قوة رادعة تعطل مسيره وان عالم اليوم فيه من الخنوع ما يكفى لتمرير مشروعاته الصادمة للعدالة والحرية .
لم يجروء احد قبل ترامب على انتهاك صارخ للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال وذلك بنقل السفارة الأمريكية الى القدس كما لم يجروء احد على وضع الشرعية الدولية فى سلة المهملات مثل ما فعل بنيامين ناتنياهو بعزمه ضم أراضى الضفة الغربية الى السيادة الاسرائلية واذا كان العالم كله وقف متفرجا على دونالد ترامب فان العالم كله قد وقف منددا ومواجها لنتنياهو فمن الأردن الى دول الخليج ومن بريطانيا وفرنسا الى الاتحاد الاوربى ومن الصين الى روسيا بل وحتى فى داخل اسرائيل هنالك من يتخوف من خطة الضم دعك من الخطاب المتشدد من السلطة الفلسطينية الفصائل المسلحة على السواء فى ثمن يريد ان يدفعه ناتنياهو بتمرير خطة الضم هذه واى هدف يريد ان يحققه خلاف ربط اسمه بمحو فلسطين من الخارطة
هل يرقص المغامر ناتنياهو رقصة الموت بإصراره على خطة الضم أم انه يرى الان كما كان يرى دائما ان العالم اليوم هو عالم الأقوياء وانه لا مكان لمن يتشدقون بالقانون فيه فالقوة وحدها هى التى تحدد المصير وعلى الضعفاء ان يبحثوا عن عالم اخر يعيشون ... نهاية الامر فنتائج ما يسعى اليه نتنياهو محدودة جدا اما ان ينتصر وتعم الفوضى واما ينهزم ويقف القانون شامخا كما يأمل كل أحرار العالم.
محامى - السودان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت