الضم الهادئ والتقسيم الصامت

بقلم: عماد عفانة

عماد عفانة
  • عماد عفانة

يبدو أن العدو الصهيوني بدأ يمارس التقسيم المكاني للقدس والمسجد الأقصى من خلال الاقتحامات اليومية للمستوطنين، والسماح لهم بأداء طقوس تلموذية في مناطق محددة، في حين يمنع المقدسيون من الصلاة فيها.

الأمر الذي يعتبر بلا شك فرض واقع وتطبيع عقلي للعرب والمسلمين والفلسطينيين، مع تكرار ذلك حتى يصبح هذا العمل أمراً حقيقياً واقعاً على الأرض.

كما يسجل العدو بهذه الاقتحامات رسالة استراتيجية لكنها واضحة للفلسطينيين وبقية العالم، أن لا سيادة سياسية لأحد على المسجد الأقصى والقدس، ولا سيادة دينية لا للمملكة الأردنية ولا لغيرها على المسجد الأقصى المبارك، وأنه صاحب الكلمة، وأنه هو من يقرر ما يريد، وأنه هو من يحدد أين تتجه الأوضاع  في مدينة القدس.

عودنا العدو أنه وعلى عكس العرب يعمل بخطط استراتيجية وتكتيكية متدرجة تتحلى بالصبر وطول النفس، ولا يتعامل بردود الأفعال لتمرير مخططاته وإجراءاته التهويدية في مدينة القدس، ويوظف الفرص والترهل العربي والفلسطيني لفرض الوقائع على الأرض.

ومن التكتيكات الصامتة التي يمارسها العدو لتفريغ المسجد الأقصى ومدينة القدس من كوادرها، هو مسلسل الابعاد عن القدس للرموز الدينية والوطنية والشبابية والنساء والأطفال، بهدف تعميق الخلل في الميزان الديموغرافي في القدس لصالحه.

وما يؤكد ما ذهبنا إليه هي الوثيقة التي أصدرها اتحاد حاخامات الهيكل المزعوم في منظمات الهيكل "السنهدرين" والتي تحث اليهود على اقتحام الأقصى كطريق وحيد لإعادة امجاد الهيكل والوصل أخيرا لبناء الهيكل المزعوم.

وقد وقّع على هذه الوثيقة التي تعد بمثابة فتوى دينية تجيز لأتباع هذه المدارس الدينية وجميع أتباع هؤلاء الحاخامات باقتحام الأقصى ضمن شروط الشريعة "الطهارة" الخاصة بأحكام المقدسات، ٥٨ حاخاما من كبار حاخامات التجمعات والمدارس الدينية، حيث تم تتويج هذه الوثيقة بقيام ٣٠ حاخاما باقتحام الأقصى اليوم الاثنين.

وجاء في نص الوثيقة ما يلي :

"هلم نصعد إلى جبل الرب"

"سكناه تطلبون وإلى هناك تأتون" - إحدى أهم الطرق لطلب الهيكل هي الصعود إلى جبل الهيكل. الصعود إلى جبل  الهيكل وفق 'شروط الشريعة' هي أكثر وسيلة تعبر عن طلب الهيكل، من الجهة الشخصية ومن جهة جميع شعب "إسرائيل".

"إضافة على ذلك، أهم مكان من جهة الحفاظ على فريضة اعمار الأرض ووراثتها هو جبل الهيكل. واجب علينا تحرير جميع مناطق أرضنا، وعلى رأسهم مكان هيكلنا، وإعادة ملكيتهم لإسرائيل (شعب إسرائيل). تبارك الصاعدون إلى جبل الهيكل، الذين بفضلهم تظهر للعيان سيطرتنا على جبل الهيكل وجميع أرض إسرائيل".

وقد بدأت جماعة طلاب لأجل الهيكل المتطرفة بالتنادي لتنفيذ حملة على في فترة ما قبل ذكرى خراب الهيكل من ٢٦/٧ وحتى ٣٠/٧، لجمع اكبر عدد ممكن من المشتركين في هذه الجماعة وجمع التبرعات المالية لدعم برامج وأفكار تهويد الأقصى وذلك لتنفيذ اقتحامات كبيرة ونوعية خلال ذكرى خراب الهيكل.

وأعتقد أن هذه السياسة الصهيونية الماكرة هي ذاتها ستنسحب على عملية السطو والضم لنحو 30 من مساحة الضفة المحتلة، بشكل هادئ ومتدرج بلا صخب أو ضجيج، بينما الفلسطينيون منشغلون بخلافاتهم وبالسعي لتحصيل قوت يومهم، او الوقائية والعلاج من الجائحة التي تنتشر في مدن الضفة بشكل مثير للريبة في هذا التوقيت.

عماد عفانة

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت