رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية، في وقت متأخر من يوم الخميس 23.7.2020، التماس مركز عدالة ضد مصلحة السجون ووزارتي الأمن الداخلي والصحة، الذي طالب بتطبيق تعليمات وزارة الصحة بخصوص المحافظة على التباعد الاجتماعي في أوساط الأسرى الفلسطينيين في سجن الجلبوع، بذريعة أن الأسرى في كل زنزانة يعاملون كما العائلة أو الساكنين سوية وعليه تعليمات وزارة الصحة بشأن التباعد الاجتماعي لا تنطبق عليهم.
وأكد الالتماس الذي قدمته المحامية ميسانة موراني من مركز عدالة أن الظروف بسجن الجلبوع لا تتوافق بالحد الأدنى مع معايير وزارة الصحة لمكافحة انتشار فيروس كورونا. حيث يتشارك كل ستة أسرى زنزانة بمساحة 22 متر مربع (تشمل المطبخ والحمام والمرحاض) وينامون بثلاثة "أبراج" من الأسرة التي يفصل بين السرير الأسفل للأعلى مسافة لا تتعدى 80 سم. ولا تسمح هذه الظروف للأسرى بالحفاظ على أي تباعد اجتماعي وتجعلهم أكثر عرضة لمخاطر فيروس كورونا. وعليه، طالب الالتماس بتقليل عدد الأسرى في الزنازين ليتسنى لهم الحفاظ على التباعد الاجتماعي.
تجدر الإشارة الى أنّ الظروف بزنازين الأسرى لا تتوافق مع المعايير التي أقرتها المحكمة العليا ذاتها، والتي تقضي بتخصيص مساحة 4.5 متر مربع لكل سجين وأسير.
وتبنت المحكمة العليا ادعاء النيابة العامة الذي قالت فيه إن التباعد الاجتماعي لا يسري على أفراد العائلة الواحدة أو على من يسكنون سويًا كالأسرى. بهذا تجاهلت المحكمة اعتراف النيابة ومصلحة السجون بضرورة تخفيف الاكتظاظ في السجون وقيامها بعدة خطوات بهذا الاتجاه والتي اقتصرت على السجناء الجنائيين، وأدتّ الى إطلاق سراح نحو ألفٍ منهم، بينما لم تقم بأي خطوات لتقليل الاكتظاظ في أقسام الأسرى الفلسطينيين.
عولت المحكمة رفضها للالتماس أيضًا على العدد المنخفض للإصابات بالفيروس بين الأسرى. متجاهلة الخطر النابع للعدوى من السجانين اللذين هم عرضة للعدوى بسبب احتكاكهم بالمجتمع بالخارج وبالأسرى في ذات الوقت، إذ يدخلون 5 مرات يوميًا إلى الزنازين للعد والتفتيش.
وبحسب بيانات مصلحة السجون التي عُرضت في الجلسة التي عقدت نهاية الأسبوع المنصرم، اتضح أنه خلال الشهر الأخير أصيب 30 من طواقم السجون بفيروس كورونا بالإضافة إلى 5 سجناء واثنان من الأسرى. كما ويقبع 489 من طواقم السجون و10 أسرى و48 سجينًا جنائيًا في الحجر الصحي.
وقالت المحامية ميسانة موراني في تعقيبها على هذا القرار، إن "قرار المحكمة العليا عمليًا يعفي إسرائيل من مسؤوليتها بالحفاظ على حياة وصحة الأسرى الفلسطينيين ويعرضهم للخطر. الادعاء أنّ الأسرى مثلهم مثل الساكنين سوية أو العائلة التي لا يجب أن تحافظ على التباعد الاجتماعي ادعاء مجحف ويتجاهل مسؤولية سلطات السجن لظروف السجن وهو مناف لتوصيات الأجسام الدولية المختصة بالصحة وحقوق الإنسان، كما أنّه منافٍ لممارسات سلطات السجون حول العالم، بل حتى لممارسات سلطة السجون الإسرائيلية بما يتعلق بالسجناء الجنائيين".
وتابعت: "من الجدير بالذكير أنّ هذا القرار يتوج سلسلة من القرارات التي رفضت من خلالها المحكمة الإسرائيلية التدخل بسياسات سلطات السجون من أجل الحفاظ على حقوق الأسرى في فترة أزمة كورونا"