رجحت عايدة توما، النائب العربي في "الكنيست" عن "القائمة المشتركة"، والباحث أنطوان شلحت، أن تترك الاحتجاجات الدائرة في إسرائيل آثارا بالغة على واقع المشهد السياسي، ومستقبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، منبهَين إلى أن تعثر مخطط الضم لا يعني سقوطه عن جدول الأعمال.
ولفتا خلال ندوة بعنوان "ما بين مخطط الضم والاحتجاجات: ما هو مصير حكومة نتنياهو الخامسة"، نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلي "مدار"، وأدارتها المديرة العامة لـ "مدار"، هنيدة غانم، عبر الانترنت، إلى أن الاحتجاجات لا تعني بالضرورة سقوط نتنياهو من دفة الحكم، لكنها ربما تؤشر إلى بداية النهاية لعهده.
وبينت توما أن نتنياهو يسعى إلى إيجاد واقع سياسي لا يمكن لأي قائد إسرائيلي بعده التراجع عنه، داعية إلى عدم التراخي حتى لو تراجع الحديث عن مخطط الضم.
ورأت أن هناك أربع أزمات تواجه نتنياهو، بالتالي بدأت تتصدع ثقة الجمهور بقدرته على التعاطي معها.
وبينت أن أول الأزمات تتمثل في الشق الصحي والاقتصادي المرتبط بانتشار جائحة كورونا، مضيفة "مع بروز موضوع جائحة الكورونا بتداعياته المختلفة، بدأت حكومة نتنياهو تدخل في أزمة حقيقية، خاصة أن الحكومة لم تستوعب أنه لا يمكن أن تستمر بالتعاطي مع الأزمة بالأدوات الاقتصادية القديمة التي فيها ضغط على المواطنين، والجمهور بدأ ينفذ صبره".
وتابعت: يتوقع خلال الشهور القادمة تفاقم الأزمة الصحية في اسرئيل، وأن تظهر تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بشكل أكثر جلاء.
كما لفتت إلى الأزمة القضائية الخاصة بنتنياهو ذاته، مضيفة "بداية من كانون الثاني المقبل، سيضطر نتنياهو للظهور في المحكمة 3 مرات أسبوعيا، بدأت ترتفع أصوات بضورة ألا يستمر بإدارة شؤون الدولة ويكون رئيس الحكومة".
وأشارت إلى أزمة الديمقراطية في إسرائيل، وقالت: نتنياهو استغل أزمة كورونا ليس لتثبيت حكمه فحسب، بل ولارساء حكم ديكتاتوري بكل معنى الكلمة.
وتناولت الأزمة الائتلافية التي تعاني منها الحكومة، ما يجعل من هذا الائتلاف "مهزوزا" و"ضعيفا".
وقالت: نتنياهو لم ينجح بتقديم حلول جدية للأزمتين الصحية والاقتصادية، وهو خائف ويحاول امتصاص النقمة عبر مساعدات مالية، بيد أنها رأت أن بجعبته حلين يمكن أن يلجأ إليهما، يتمثل أولهما في تفكيك الائتلاف والذهاب لحكومة ضيقة أو الذهاب باتجاه خيار الحرب.
من ناحيته، ذكر شلحت، أن الاحتجاجات سياسية بالأساس، تركز في مطالبها على تنحي نتنياهو وترفع مطالب لحكومته التي تصفها بـ "الفاسدة" و"المنقطعة عن الواقع".
وأضاف: اللهجة العامة التي تسود الاحتجاجات هي لهجة مساواتية ليبرالية، وهي تتشكل من الجيل الإسرائيلي الشاب الذي يحمل روحية جديدة، ويعاني من البطالة، وليس لديه أمل.
وقال: الاحتجاجات ستأخذ وقتا لتحقيق غاياتها وهو إسقاط نتنياهو، لكن هناك مطالب سياسية أخرى لها أيضا.
واستدرك: السؤال المطروح مع ان إسقاط نتنياهو مهمة شديدة الأهمية على المستوييين الداخلي والخارجي، لكن ما هو البديل الماثل في حال حصول ذلك؟ وما هي السياسة التي سيعتمدها هذا البديل؟.
وأردف: عند وجود أي احتجاجات في إسرائيل خاصة اجتماعية، هذا الأمر يحثنا على أن تنتعش آمال بحدوث تغيير في الداخل الإسرائيلي، لكن يصعب التكهن بمدى هذا التغيير.
وقال: أعتقد أن المراهنة فلسطينيا في الشأن السياسي على حدوث تغيير في إسرائيل من الداخل، أمر ينطوي على كثير من المخاطر، بالتالي نحن نؤيد الاحتجاجات لكن الرهان عليها يجب أن يكون مضبوطا على واقع الحال، وعدم تحميلها أكثر مما تحتمل.
وبالنسبة لمخطط الضم قال: من الواضح أن المخطط متعثر، لكن لا يمكن القول أنه سقط عن جدول أعمال الحكومة، وفي كل الاحوال يجب ألا نقلل من خطورة هذا المخطط.
وتابع: مخطط الضم سيأتي بجديد، لأن هناك فارقا بين أن تكون السيادة الإسرائيلية في حالة الأمر الواقع، وبين أن تكون عبر قانون ينص على الضم، أي الضم القانوني، اذ سيكون له انعكاسات كبيرة على صعيد السيطرة على الأملاك الفلسطينية.
وبين أن هناك عوامل إسرائيلية وأميركية وراء تعثر مخطط الضم، لكنه لم يستبعد تفعيله مستقبلا، خاصة إذا ما كانت هناك ضغوط من المستوطنين، أو تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتسريع تنفيذه لأغراض انتخابية خاصة به.
كما أشار إلى أن نتنياهو، بحاجة ماسة إلى الضم، لارثه ومستقبله السياسي، لأنه اذا قرر الذهاب لانتخابات فهو أيضا، بحاجة لتعزيز قاعدته السياسية.