- بقلم/ رامي الغف
عندما يأتي العيد تداهم الاحزان والهموم رأس الفقراء وخاصه اطفالهم، وطبعا لا اقصد الاطفال الذين ولدوا وفي فمهم معلقه من ذهب ولا الذين يلعبون بالآيبادات ويرتدون الملابس الغالية ويركبون السيارات الفارهة، وانما انا اقصد الاطفال الذين لم ينعموا بطفولتهم ولم يهنئوا بها، اولئك الذين مازالوا يحلمون بتذوق كعك العيد أو قطعه من الشوكولاته.
هنا اطفال لا يعرفون طعم الفاكهة، وليس لهم عهد بالملابس الجديدة، اتعرفون أنه يوجد اطفال لا يأكلون في اليوم الا وجبة طعام واحدة قوامها الخبز والشاي؟ فهل يعقل ان هنالك أطفال فيهم من يعمل في المزابل من اجل ان يوفر لقمة عيش اخوانه واخواته الذين يصغرونه سنا، اتعرف ايها المسؤول ان طفلا اذا بات جائعا فان صواعق الله كلها اذا وقعت على رأسك لن تشفي الغليل؟ تخيل وانت تشتري لاطفالك ملابس العيد من المولات والمحالات الكبيرة، ان عددا كبيرا من الأطفال قد رقعوا احذية العام ما قبل الماضي لكي يلبسوها في هذا العيد وقد ضاقت على اقدامهم واخذت منها مأخذا، اتعرف ايها المسؤول ان الكثير من الأطفال يكرهون العيد بل يمقتونه لانه يشعرهم بخسة مسؤولوهم وببشاعة الالم الذي يختلج صدورهم وهم يرون ابن المسؤول يرتدي افضل الملابس واجملها وهم بعد لم يستنشقوا رائحة الملبس الجديد، الا يعرف الخجل طريقا الى محياك ايها المسؤول ؟ الا تستحي من هذا الواقع المرير؟ اليس يوجد رجل رشيد وحرا ؟ ايعقل ان يمتلك الوطن كل هذه الاموال والهبات والمنح والهدايا، واطفالنا تتقاذفهم الويلات والعوز والفقر؟
اخيرا حاولوا مرة واحدة ان تمسحوا على رؤوس الاطفال والفقراء والايتام لكي تشعروا بهم وبمعاناتهم ومأساتهم ، او لا تفعلوا ذلك لكي تقابلوا رب العالمين وانتم على هذه الصورة البرزخية، قردة او ربما خنازير. فإن كل شيء أصبح يوحي لنا بالفوضى واللامبالاة من قبل المسؤولين والمؤسسات بالاطفال الفقراء الذي يعانون ويتألمون في كل عيد ومناسبة فرح بسبب عدم قدرتهم على تلبية حاجاتهم من مأكل وملبس. وكم من طفل فقير اليوم وهو لا يجد بين يديه مالا ليشتري العاب في هذا العيد، وكم من طفل فقير الآن وهو يبكي لفاقته وعوزه واحتياجه لكل شيء، وكم من طفل فقير يتمنى لو لم تلده أمه لكي لا يصل إلى هذه الحالة التعيسة!!! فأين مؤسسات ووزارات الوطن والهبات والتبرعات والمنح التي تصل لهم من كل حدب وصوب؟
حدثني احد الإخوة عن حالة والله تبكي الحجر وليس البشر أن احد معارفه رجلا فقيرا عفيف النفس ولم يمد يده لغير الله وما يكسبه من عمله البسيط والشاق، وكان هذا الشخص لديه أربعة أطفال وزوجته مصابة بمرض مزمن وهي طريحة الفراش وأكثر ما يحصل عليه يذهب للدواء، والذي حدثني يعرفه ويعرف حاله وكان يجود عليه بما يستطيع فيقول يوم وقفة عرفه تذكرته وذهبت إليه لأطمأن على حاله، فوجدته هاربا من البيت وهو يأخذ الشارع طولا وعرضا وكأنه يبحث عن شيء عزيز فقده ويعتصره الألم والحزن، فسألته من فوري يا أبو فلان خير شو مالك، يقول كأني نزلت عليه من السماء فصرخ وبكى وقال لي يا أخي أنت تعلم حالي والله لقد طلب مني احد أطفالي نوع فاكهة وطفل أخر طلب مني بأن أوفر له بنطلون جديد وإني وعدتهم باني ذاهب لأجلب لهم ما يريدون، وأنا لا املك شيكل واحدا هذا اليوم وبعد أن وعدتهم لا اعرف هل أعود لهم أم اهرب ولا أعود أم انهي حياتي ولكن الله يقف حائلا بيني وبين ذلك فقل لي ماذا افعل وأنت تعلم حالي؟ فيقول صاحبي الذي حدثني لقد هونت عليه الأمر وقلت له انك لست الوحيد على هذه الحال واتقي ربك في اهلك واذهب معي لنشتري لهم ما يريدون، وهكذا استطاع محدثي من التخفيف عن صاحبه، ولنا أن نسال كم فقير مثل صاحبنا تمر عليه أيام وهو لا يستطيع تلبية حاجات أهله وعياله ولم يجد من يسأل عنه؟
الله اكبر لماذا إذا لا يفكر المسئول أو من يحكم هذا الشعب بكسوة الفقراء واليتامى والأرامل والجرحى والمعاقين وهم ما أكثرهم في وطن خرب ودمر وحتى سلب من القيم الإنسانية النبيلة وأصبح البعض من مسؤولينا قدوة سيئة ومخزية، يفكرون بكسوة أبنائهم من أغلى المحال، ولا يفكرون بكسوة فقير أو محتاج من أبناء هذا الشعب المنهوب، فتبا لهم ولضمائرهم الميتة كم هم فاشلون وصغار. آما آن لهم أن ينصتوا لأنين الفقراء والغلابة والمسحوقين، وآما آن لهم ان يكفوا آذاننا من وعودهم ليملوا عيونهم بتحقيقها، وآما لهم أن يلتفتوا لآهات وهموم الفقراء والاطفال المساكين وتقديم العون والمساعدة لهم، بدلا من الانشغال بالصراعات السياسية، والى تحقيق الوعود التي أطلقت من خلال الخطب الرنانة والأحاديث التي كانت تعد بإنهاء معاناة الجماهير.
نعم اليوم صار الفقير اشد فقرا والمسحوق أكثر سحقا والغلبان أصبح اشد غلبا، بل باتت الهوة الساحقة التي تفصل بين الطبقات الوسطى وبين أثرياء العهد الجديد وفي أسفل القائمة هناك معدمون مسحوقون ينتظرون الفرج الذي لم يأتي وفي أعينهم بصيص من الأمل فرجاءنا أن يتحلى المسوؤلون بالشجاعة والإنصاف الكافي لتخصيص جزء من أموال الشعب إلى تلك الفئات التي اقل حظا والأكثر فقرا نعم هناك معدومون وفقراء لا يعلم بهم إلا الله، فهم أولى بالعناية من غيرهم فالدنيا فانية وكلنا غدا مسئولون ومتسائلون فمن هرب من مساءلة القانون سوف لن يجد مهربا من الحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت