لبنان هو الاّخر ومرةً أخرى يحترق

بقلم: ثائر محمد حنني الشولي

ثائر محمد حنني الشولي
  • بقلم : ثائر محمد حنني الشولي

 يعدُ إنفجار مرفأ بيروت المزلزل في الرابع من هذا الشهر(اّب) الأقوى والأعنف منذ قنبلة هورشيما ونجازاكي النووية في حروب القرن الماضي..ومنذ قنابل يوم القيامة (المواّب) التي ألقيت على بغداد في القرن الحالي عام /2003/م ,والتي راح ضحيتها عشرات الاّلاف من الشهداء الذين صهرت أجسادهم ومركباتهم العسكرية, وكانت سبباً رئيسياً في سرعة إحتلال بغداد وإسقاط نظامها الوطني التقدمي , مما يعزز الشك ويدفعنا جازمين للإعتقاد أن إنفجار بيروت الهائل سيكون له هو الاّخر تداعياته وإرهاصاته في مختلف الزوايا والتي حتماً ستنعكس سلباً على كل مجريات الأمور في القطر اللبناني الشقيق, وقد تعيده مرةً أخرى لشبح الحرب الطائفية المدمرة التي إندلعت هناك في منتصف سبعينيات القرن المنصرم وتلحقه بسلسلة العواصم العربية المحترقة من بغداد الى دمشق فصنعاء وطرابلس.
 وبالنظر لهول الإنفجار وحجم إنعكاساته الكارثية وما يجري في المحيط العربي والفلسطيني من حرائق مشابهة أوقدتها الصهيونية وربيبتها الولايات المتحدة ..لابد هنا من الوقوف بجدية عند الأسباب الحقيقية وراء الإنفجار , مع عدم إهمال العامل المحلي المتمثل بالفساد الحاكم للبلد , وحيث إختلطت الأوراق وبات هناك مصالح مشتركة بين العدو المحلي الفاسد والعدو الخارجي الذي إعتدنا على جرائم مماثلة له بحق أبناء الامة العربية بهدف التورية والتغطية على المجرم الحقيقي من أجل عدم إثارة الشارع والمجتمع ومنعاً للإنجرار الى مربعات ومعارك لا يرغب فيها الطرفين نزولاً عند إجنداتهم الأنانية وحساباتهم الضيقة , وهذا ما يفسر بالضبط حالة الصمت المريعة وعدم إيفاء الحكومة اللبنانية حتى هذه اللحظات بتعهداتها كشف الحقائق ونتائج التحقيق أولاً بأول والتي ستوجه فيها حتماً أصابع الإتهام للعدو الصهيوني المتمرس في العمل الإرهابي من العيار الثقيل وبهذا الحجم الذي أحرق بيروت وأدمى شعبها..وحيث شوهد طيرانه يجول في الأجواء قبل التفجير بلحظات.
 إن مسلسل الحرائق المشتعلة تباعاً في العواصم العربية منذ سقوط بغداد في قبضة الإحتلال الأمريكي وما لحق ذلك من تكثيف الجهود الرامية لتصفية القضية الفلسطينية برعاية أمريكية وبريطانية عبر مشروع الفوضى الخلاقة الذي إبتدعته العقلية الصهيونية المسيطرة على مصدر القرار في واشنطن كوصفة ناجعة لهلاك العرب وتدمير كل مقومات العروبة الى الحد الذي يجعل من الأمة كالشاة المذبوحة يتقاسم لحمها دول الجوار على أن تبقى الحصة الأكبر فيها للصهيونية العالمية ومعها القوى الإمبريالية الإستعمارية.
لقد بات واضحاً وجلياً وإزاء قتامة المشهد العربي وسواد ليله الذي لا يبشر خيراً بمستقبل أبنائنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة أنه لا منجاة لنا ولأمتنا التي تصارع الموت إلا بخوض معركة المصير العربي المشترك ..معركة الشعب وجماهير الأمة قاطبة في مواجهة التحديات الجسام بعد نبذ كل ما يفرقنا ويضلل مسيرتنا النضالية .. والعمل بطاقة خارقة لوضع البرامج والخطط النضالية للمرحلة القادمة بالإستناد لمبادئ الوحدة ودحر مشاريع التقسيم وكل أشكال الإستعمار والإحتلال والإستغلال والإستبداد والرجعية العربية وصولاً نحو دولة عربية حرة وديمقراطية تكفل العيش الرغيد لكل مواطنيها بالقفز عن الطائفية والقطرية الضيقة والعشائرية وكل ما يفرق أبناء الأمة ... وبما يضمن أيضاً للجميع العيش بأمن وإستقرار وسلام في ظل دولة العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص التي من خلالها نستنهض طاقات الأمة وإبداعاتها على طريق النهوض والتحرر والتقدم والإزدهار ..وعلى طريق وضع الأمة في مكانها الطبيعي رائدةً طليعية بين الأمم وهذا جل ما يخشاه أعدائنا .

بيت فوريك – فلسطين المحتلة اّب - 2020

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت