تعيش السيدة اللبنانية هدى جعفر (60 عاما) مع عائلتها المكونة من 9 أفراد في غرفة صغيرة في الطابق الأرضي من مبنى في محلة "برج حمود" القريبة من مرفأ بيروت.
وتستخدم الأسرة مساحة صغيرة مواجهة لغرفتها لتخزين البطانيات وبعض الاحتياجات الأخرى في خزانة صغيرة ، بالإضافة إلى بعض المواد الغذائية الأساسية في ثلاجة قديمة.
ورغم صغر مكان سكن العائلة ووقوعه في الطابق الأرضي فان ذلك لم يحمه من دمار عصف الانفجار الذي هز مرفأ بيروت في 4 أغسطس الجاري. وقالت السيدة هدى جعفر لوكالة أنباء (شينخوا) " كان لدينا القدرة على إعادة بناء غرفتنا لكننا لا نستطيع تحمل تكاليف إصلاح المرحاض نظرا للتكاليف الباهظة ".
وزوج هدى معاق ولديها ابن واحد يقوم ببعض أعمال التنظيف مقابل راتب شهري قدره 900 ألف ليرة لبنانية ما يعادل 130 دولارا أمريكيا بحسب سعر السوق السوداء لصرف الدولار.
وقالت هدى "يعطيني ابني 300 ألف ليرة لبنانية شهريا لطعام الأسرة ، وهو مبلغ غير كاف نظرا لارتفاع الأسعار".
عمال ينظفون أنقاض المباني التي تضررت خلال الانفجار الذي وقع في بيروت بلبنان يوم 21 أغسطس 2020. (شينخوا)
وأبناء هدى الآخرون هن من السيدات المتزوجات أو العاطلات عن العمل وليس لديهن القدرة على تقديم أي دعم مالي للعائلة.
وكان التفجير الذي ضرب مرفأ بيروت مطلع الشهر الجاري قد أدى بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى تدمير 2000 مبنى كليا وايقاع أضرار في 38 ألف مبنى آخر في بيروت ، فيما أصبح 300 ألف شخص بلا مأوى بينهم الكثير ممن ليس لديهم القدرة على إصلاح منازلهم بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية السائدة في البلاد وفقدان عشرات الآلاف لوظائفهم.
وقد دفع ذلك العديد من الدول والمنظمات والمؤسسات إلى المساعدة وتقديم الدعم للأسر الأكثر ضعفا لإعادة الإعمار واصلاح الأضرار قبل حلول فصل الشتاء.
ومن بين المنظمات الدولية التي تعمل على دعم المواطنين اللبنانيين في جهود إعادة الإعمار مؤسسة بيسلاند وصندوق المستقبل المشترك وهما منظمتان صينيتان غير ربحيتين، حيث تعمل "بيسلاند" في مجال المساعدة على مواجهة الأزمات الإنسانية والبيئية فيما يعمل "صندوق المستقبل المشترك" على مساعدة اللاجئين.
وكانت مديرة مشروع المنظمتين للدعم تشان وي تشن قد أنشأت منصة على الإنترنت لجمع التبرعات في الصين.
وقالت تشان لوكالة أنباء (شينخوا) "من خلال منصتنا يقدم الصينيون تبرعاتهم للمساعدة في إصلاح المنازل المتضررة كما يستطلعون الوقائع والصور على حساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأكدت تشان أنها حريصة على مساعدة الفئات الأكثر ضعفا في إصلاح النوافذ الألمنيوم الزجاجية والأبواب الخشبية المحطمة.
صورة التقطت في 17 أغسطس 2020 تظهر حطام في مرفأ بيروت في لبنان. (شينخوا)
وأبدت الحرص على استخدام ميزانيتها المحدودة لحماية الناس من خلال توفير احتياجاتهم الأساسية قبل حلول فصل الشتاء البارد.
وأوضحت أنها تعمل بالتعاون مع مركز "سما" لتحديد الأشخاص المحتاجين للمساعدة والدعم في إعادة تأهيل منازلهم.
ومركز "سما" هو في الأصل مركز تعليمي يساعد في مكافحة (كوفيد-19) في مخيمات اللاجئين ويساهم في إعادة الإعمار بعد انفجار مرفأ بيروت.
وقالت مديرة مركز "سما" في بيروت قدرية حسين لـ (شينخوا) أن "تشان وي تشن كانت تزود عائلات اللاجئين السوريين بالطعام بعد تفشي (كوفيد-19) ، ولكن بعد حدوث انفجار مرفأ بيروت طلبنا منها المساعدة في إعادة تأهيل المنازل".
عمال ينظفون أنقاض المباني التي تضررت خلال الانفجار الذي وقع في بيروت بلبنان يوم 21 أغسطس 2020. (شينخوا)
وأوضحت قدرية حسين أن مركز "سما" يحاول التركيز على الاحتياجات الأساسية المهمة مع تخصيص مبلغ 700 دولار أمريكي لكل منزل متضرر.
وقالت إن إصلاح بعض المنازل يتطلب أكثر بكثير من 700 دولار بينما يتطلب البعض الآخر أموالا أقل لإصلاحها.
وأضافت بدأنا أعمال الإصلاح منذ نحو أسبوع ونأمل أن نعيد تأهيل أكثر من 15 منزلا قبل الشتاء ، حيث يجب أن ينتهي عملنا في غضون شهر واحد.
وقالت إن مركز "سما" وبالتعاون مع تشان وي تشن سيساعد في ترميم منزل هدى جعفر.
وأضافت هدى جعفر لـ (شينخوا) "أنا مسرورة لأنه سيتم إصلاح أبواب منزلي ومرافقه الصحية قبل الشتاء" ، مؤكدة انها محظوظة لأنها ستحصل على مساعدة بتأهيل سكنها قبل موسم البرد.
يذكر أن المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبتش كان قد حث يوم أمس (الجمعة) في حسابه على موقع "تويتر" المجتمع الدولي على المساعدة الفورية لإعادة تأهيل المنازل المتضررة والبنية التحتية الأساسية للمياه والكهرباء في الأحياء التي دمرها الانفجار أو سيضيع تاريخ وتراث وشخصية بيروت القديمة إلى الأبد".