"أبو على مصطفى" حاضر رغم الغياب

بقلم: محمد العبد الله

أبو علي مصطفى
  • محمد العبد الله*

"إننا أمام ذكرى أليمة وحزينة، ولكننا بالمقابل أمام ذكرى رجل، كرّس جلّ حياته للنضال من أجل شعبه، من أجل وطنه وقضيته، من أجل الفقراء والمحرومين، ومن أجل الحق والعدالة والكرامة الوطنية. إننا أمام رجل كرس جُلَ حياته ، لوضع القيم والمُثل السياسية والفكرية والأخلاقية والإنسانية موضع التنفيذ. أبو علي الفلسطيني القومي العربي الأممي بدأ مسيرته محارباً من أجل تحرير وطنه من الاحتلال الصهيوني، واستشهد محارباً على أرض الوطن".

جورج حبش (الحكيم) مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في الذكرى الأولى لاستشهاد الرفيق أبو علي مصطفى.

       لم تكن الكلمات التي نطق بها الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" لقد عدنا لنقاوم وندافع عن شعبنا وحقوقنا، ولم نأت لنساوم" انشائية أو استعراضية بسبب حرارة الاستقبال الذي كان  بانتظاره من رفاقه ومحبيه ،رفاق الدرب في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني وهو العائد لوطنه عام 1999بناء على قرار التنظيم / الحزب الذي ساهم بتأسيسه وببناء اللبنات الأولى لوجوده. كان القائد الثوري يُعلن لشعبه ولرفاقه وللقوى السياسية، وقبل كل هؤلاء، للغزاة المحتلين، أن الرجوع لأرض الوطن يعني المقاومة والدفاع عن الشعب والقضية الوطنية. لهذا، كان القائد الفدائي والعقل العسكري والتنظيمي المُجَرب، يعرف تماماً ماينتظره ، وهو القائل قبل ساعتين من استشهاده " شارون يُريد اصطيادي ولكن، كيف ومتى؟ لا أدري!".

    منذ أن أصبح مصطفى علي الزبري "مواليد 1938"، فتى في بلدته "عرابة " في منطقة جنين ، انخرط في النضالات الوطنية والنشاطات الاجتماعية. وقد التحق في سن مبكرة في " حركة القوميين العرب " ليتدرج في صفوفها ويساهم بنضالاتها، ويتحمل قيادة وتنفيذ العديد من المهام الاستثنائية في ظروف العمل السري داخل الضفة الغربية والأردن مما أدى لاعتقاله لسنوات. جاءت نتائج نكبة عام 1967 لتحث الخطى داخل الحركة ، وتحديداً في " إقليم فلسطين " للإعداد للمقاومة المسلحة وفرز " الشباب " للتشكيلات الفدائية التي حملت أسماء " شباب الثأر " و" أبطال العودة " ومن ثم " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " التي ساهمت في تأسيسها أيضاً " جبهة التحرير الفلسطينية " التي غادرتها بعد عدة أشهر لتحمل اسم " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ".وهنا، كان في مقدمة الصفوف " أبو علي " الذي امتلك رؤية سياسية وقدرات عسكرية تعززت في دورة عسكرية التحق بها في مصر الناصرية ، ليتأهل لموقع المسؤول العسكري الأول للجبهة .

   مابين النضال العسكري والتنظيمي والسياسي تنقل القائد ، ليكون بجانب رفيقه الدكتور جورج حبش، الساعد الأيمن ونائبه لسنوات إلى أن استلم الأمانة العامة في مؤتمر الجبهة الشعبية عام 2000 بعد إصرار "الحكيم" على عدم ترشحه كأمين عام وإصراره على التخلي عن كل المسؤوليات التنظيمية بالجبهة .

   تسعة عشر عاماً مرت على ذلك اليوم الذي قصفت فيه طائرات جيش العدو المكتب، وتحديداً، الغرفة التي كان فيها القائد، الذي لم يتحمل كيان العدو: جيشاً وأجهزة استخبارت وجود الرجل الذي استنتج بالوعي والممارسة الدروس المستفادة مماكتبه المناضل الأممي فرانز فانون "إن الإستعمار لا يرفع يده الا إذا جعلت السكين في رقبته " وهذا ماعمل عليه القائد الثوري طوال حياته السياسية والنضالية : أن يرفع المُستعمر الإستيطاني يديه.

بارتقاء " أبو علي مصطفى " سجل التاريخ الكفاحي لشعبنا أنه أول أمين عام لتنظيم سياسي ثوري تروي دماؤه النازفة تراب الوطن الذي نبتت فيه البذور التي زرعها القائد،  لتُزهر وتُثمر أفكاراً وثوريين/ ات وبنادق، الذين قال عنهم القائد الشهيد "هذا الجيل كبر ونما وأصبحت له تجربته الخاصة، ليس من موقع التناقض مع تجربتنا، ولكن من موقع الإغناء".

 البصيرة الثورية والغوص في عمق الحركة الشعبية وفرا لأبي علي مصطفى القدرة على استشراف المستقبل، وكأنه كان يعلم أن جيل غسان وعدي أبو جمل ومهند الحلبي وباسل الأعرج والمئات من أبناء هذا الشعب سيتابعون المسيرة حتى التحرير الشامل لفلسطين.

 *كاتب فلسطيني

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت