"فلويد الأميركي" و"حنون الفلسطيني"...صورتان متشابهتان وجريمة واحدة

فلويد الأميركي وحنون الفلسطيني

في 25 مايو/أيار الماضي، توفي المواطن الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد، في مينيابوليس بولاية مينيسوتا، بعدما ضغط رجل شرطة بركبته على عنقه قرابة تسع دقائق وهو مثبت على الأرض.

صور الحادثة ومقطع فيديو لفلويد وهو يصرخ "لا أستطيع التنفس"، انتشرت كالنار في الهشيم عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي، مما أثار احتجاجات واسعة في الولايات المتحدة وجميع أنحاء العالم، تنديدًا بالعنصرية وإجرام الشرطة الأميركية، ومطالبةً بالعدالة.

يوم الثلاثاء، الأول من أيلول، تكرر ما جرى مع فلويد، بعد أن اعتدت قوات الاحتلال على المواطن خيري حنون (61 عامًا) خلال قمعها لوقفة احتجاجية ضد الاستيلاء على أراضي قرى جبارة والراس وشوفة شرق طولكرم، لغرض إقامة منطقة صناعية استيطانية عليها. وبلطف من الله، نجا حنون من الاعتداء بعد أن أصيب برضوض في مختلف أنحاء جسده.

صورتان متشابهتان، لفلويد الأميركي وحنون الفلسطيني، مع اختلاف الزمان والمكان، لكن الجريمة واحدة، والعنصرية واحدة في غياب العدالة.

وقال حنون لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا": "ما اقترفه جندي الاحتلال بحقي قمة في الإجرام، صب جام حقده بوحشية عليّ، لم يراع أنني كبير في السن، ضغط بقدمه بكل قسوة على رأسي ورقبتي".

وأضاف: "حاولت أن أقاومه ولكن بلحظة شعرت أن الأرض تدور، وتذكرت على الفور ما حصل مع الأميركي جورج فلويد الذي لقي حتفه بنفس الطريقة من شرطي أميركي حاقد". وتابع: ما جرى يثبت أن دولة الاحتلال والولايات المتحدة وجهان لعنصرية واحدة.

وحنون من بلدة عنبتا، متزوج ولديه خمسة أبناء، مناضل وأسير محرر قضى أكثر من 8 سنوات من عمره في سجون الاحتلال، وناشط في الفعاليات المناهضة للجدار والإستيطان، وعضو لجنة التنسيق الفصائلي في محافظة طولكرم.

وأكد حنون أن مشاركته في كل فعالية وطنية ينطلق من انتمائه لفلسطين وقضيتها، وتمسكه بالنضال حتى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وسارع أصدقاء حنون على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بنشر صور الاعتداء عليه، معبّرين عن تضامنهم معه وتقديرهم لنضاله ودفاعه عن الأرض.

وكتب أحدهم أن حنون "أبلغ رسالة لكل المطبعين ولكل الانهزاميين والمتآمرين"، وآخر كتب: "الرفيق والصديق المناضل خيري حنون تحية لك أيها البطل. إن هامتك أكبر من جبروتهم وأكبر من طائراتهم التي دنست أرض العرب ...أنت قامة وطنية مناضلة وأسير محرر..تتحرك في كل المواقع النضالية لتعزيز دور المقاومة الشعبية من أقصى الضفة الى أدناها...اسم وعباية فلاح وكوفية فلسطيني أصبحت تزعجهم وتقلقهم...هذه الركلات والهجوم الوحشي عليك هو وصمة عار على جبين كل المتهالكين".

فلويد الأميركي وحنون الفلسطيني


 

وكتب أحد المشاركين بالوقفة: "وأنت تمشي ببطئ نحو مصيرك بعد وجبة من الغاز والدخان والرصاص، تجد من يحفّزك بصوته الذي أبى إلا أن يكون عالياً (يا مستوطن ليلك زائل) العم الفاضل والمناضل خيري حنون أبو ناصر جندي المواجهة الباسل الذي لا يكل ولا يمل، حزام المواجهه والخط الأول .. دائماً كان يردد: العصا بيد صاحب الحق ستكسر رؤوسكم وقيودكم وأسلحتكم وقهركم، ولن تثني عزيمتنا جرائمكم".

وأصيب خلال الوقفة عشرات المواطنين بالاختناق والرضوض جراء تعرضهم للضرب بأعقاب البنادق واستنشاقهم الغاز المسيل للدموع، كما اعتدت قوات الاحتلال على المصورين والصحفيين خلال تغطيتهم للحدث ومنعتهم من التصوير تحت تهديد السلاح.

وجاءت هذه الفعالية بدعوة من فصائل العمل الوطني، وفعاليات طولكرم، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ولجان المقاومة الشعبية.

وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، رفض شعبنا لكافة المشاريع الاستيطانية والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية من قبل الاحتلال.

وقال: "سنسعى من أجل تفعيل كل أشكال المقاومة الشعبية ضد الاحتلال في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقطع الطريق على استفادة الاحتلال من الموقف الأميركي المعادي لحقوق شعبنا في إطار ما يسمى صفقة القرن، وأيضا سياسة التطبيع الإماراتية التي شكّلت طعنة وخيانة للقضية الفلسطينية وقضايا الأمة".

بدوره، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والإستيطان الوزير وليد عساف إن إرادة الفلسطيني المتمسك بأرضه ستنتصر على جميع جرائم الاحتلال والمستوطنين باستهداف الأرض تحت حجج وذرائع واهية، محذّرًا من خطورة المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الذي بدأت سلطات الاحتلال بتنفيذه في المنطقة تحت مسمى المنطقة الصناعية، ووصفه بأنه الأكبر والأخطر في محافظة طولكرم منذ احتلالها في عام 1967.

وما جرى مع حنون اليوم، يأتي ضمن مسلسل من الجرائم العنصرية والفاشية التي اقترفتها قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه بحق أبناء شعبنا، آخرها جريمة قتل الشاب المقدسي إياد الحلاق، الذي أعدم بالرصاص بدم بارد قرب مدرسته، علماً أنّه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقبلها إعدام الشاب عبد الفتاح الشريف في الخليل، وحرق الطفل محمد أبو خضير في القدس، وقتل عائلة دوابشة في دوما، واستشهاد الطفل محمد الدرة في غزة أمام الكاميرا، والذي لا تزال صرخاته تصدح في ضمائر الإنسانية جمعاء، في انتظار أن يصحو العالم ويفتح عينيه ويضغط لرفع الحصانة عن إسرائيل وجرائمها المنظمة فورا ومحاسبتها، ووقف التعامل معها كدولة فوق القانون.

المصدر: - طولكرم - عماد فريج