- جهاد حرب
مثل اجتماع الأمناء العامون خطوة في الاتجاه الصحيح، وإن كانت متأخرة، على المسار الوطني لتوحيد كلمة الفلسطينيين في عملية المواجهة مع الاحتلال ورفض الخطة الأمريكية والتصدي للانحدار العربي بالهرولة نحو التطبيع مع الاحتلال كاتفاقية الإمارات العربية المتحدة.
هذا الاجتماع الفلسطيني الخالص دون رعاية عربية أو دولية كانت مناسبة لإدراك القيادة الفلسطينية "قيادة الفصائل المختلفة" لاستقلالية القرار الفلسطيني الذي قضى من أجله آلاف الفلسطينيين في الوطن المحتل وفي المنافي. يبدو أن هذه القيادة تدرك اليوم أكثر من ذي قبل معنى "يا وحدنا" بتخلي أنظمة العرب ليس فقط عن الدعم بل حتى تقديم القروض لأبناء جلدتهم؛ هذا لا يعني عدم الإيمان بالجبهة العربية الشعبية المساندة بل المطلوب مد التعاون والشراكة معها بتعزيز العلاقة مع القوى الاجتماعية والسياسية والثقافية كإحدى عناصر القوة الفلسطينية.
مما لا شك فيه أن استعادة الوحدة الوطنية تعد عنصر القوة الرئيسي للفلسطينيين لمواجهة التحديات الانية الثلاثة؛ محاولات الضم والتطبيع خطة ترامب، بالإضافة الى حالة الانهيار العربي وتخلي الأنظمة العربية عن منهج المبادرة العربية للسلام القائم على التوالي في الخطوات؛ إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية أولا ومن ثم إقامة علاقات مع اسرائيل ثانيا، بقلبه على عقب؛ أي بتمكين إسرائيل بالتطبيع دون ضمان إنهاء الاحتلال.
عكست نتائج اجتماع الأمناء العامين توقعات المواطنين غير المتفائلة بهذا الاجتماع حيث قلب المجتمعون الآية الواجبة في مثل هكذا اجتماعات أو مؤتمرات؛ فبدلا من إقرار السياسات والتفاهمات وتتويج الحوارات بدا أن الاجتماع قاعة لإلقاء الخطب والمواقف المعروفة مسبقا، نعلمها علم اليقين، ولم تحدث مفاجئات أو تغييرات دراماتيكية أو جوهرية في مواقف الفصائل الفلسطينية.
ومع ذلك فإن مجرد الانعقاد تعد مسألة هامة وهي تحتاج لاستكمال الخطوات التي انبثقت عن هذا اللقاء في المسارات الثلاث خلال الأسابيع الخمسة القادمة؛ الاستراتيجية الكفاحية، وإنهاء الانقسام، والاتفاق على الرؤية السياسية "البرنامج السياسي". دون ذلك فإن الاجتماع يعد قفزة في الهواء تترجم غياب الإرادة سياسية لإنهاء حالة الانقسام البغيض على رأي الخطابات المشبعة بالحنين للماضي البعيد.
فعلى الرغم من تغييب مسألة إجراء الانتخابات العامة عن جدول الخطب الكلامية في اجتماع الأمناء العامين إلا أن مسار انهاء الانقسام محمول على تبني إجراء الانتخابات العامة أو على الأقل الانتخابات التشريعية خاصة أن الفرقاء قد اتفقوا سابقا عليها وبالطريقة التي اقترحها الأستاذ محمد بركة وكنا دعونا اليها سابقا. في ظني أنها المدخل الأنسب لإنهاء الانقسام بحيث يتمخض عنها مجلسا تشريعيا موحدا تنشأ عنه حكومة وطنية موسعة على أساس نتائج الانتخابات، أو حكومة ضيقة، مجبرة على توحيد المؤسسات بحكم وظيفتها الأساسية ووفق معايير يضعها المجلس التشريعي المنتخب، الذي يحوز على الشرعية الشعبية، في قانون آمر تحاسب الحكومة عليه. كما أن المجلس التشريعي يبقى خاضعا لمساءلة الجمهور الذي تأخذ منظمات المجتمع المدني دورا أساسيا وحاسما في مساءلته.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت