- د. طلال الشريف
لا عيب في المراجعة والتراجع ، كل العيب في الإستمرار في الطريق الخطأ.
ما يحدث في قضيتنا الفلسطينية هو تغييرات جوهرية في ثوابت وجذور وأصول تتطلب التوقف والتأمل من كل صاحب فكر فلسطيني حر لا تحدد تفكيره ولا تربطه بأي مكون هامشي أو حزبي ليرى الصورة أوضح ..
ما يحدث في قضيتنا، وتداخلاتها هو أكبر بكثير مما نراه يدور من لهو بين الفلسطينيين ومن تسطيح وتعويم المستقبل التحرري.
هذا الذي يدور بين الفلسطينيين له علاقة بمسيرة ومستقبل وإنقاذ أحزاب، وتوجهات سياسية، فشلت سابقاً في إنقاذ شعبنا، وقضيتنا، وجاري محاولة إحيائها وإضاعة الوقت، وتلك عملية خطيرة من حرف المسار الشعبي عن الفوران، وربطه بمسار غير ثوري، بإدعاء المصالحة والإنتخابات التي ما إن نصلها، إن كانت ستحدث، فلن تغير في حينها من عناصر الأزمة، التي أسستها هذه القيادات، وهذه الأحزاب العائدة من الفشل إلى الفشل، بل ستعيد تشكيل عناصر الفشل، والأزمة، لتستمر عمليات قضم الأرض، وتنفيذ الضم، وتصفية القضية، ويكون الوقت الثوري، أو، إغتنام اللحظة الثورية التي وجب إلتقاطها منذ يوم إعلان ترامب للصفقة في العام 2017 ، قد مضت بلا رجعة.
بعد 3 سنوات من طرح الصفقة، وفي ظل قيادات راهنة، افرغت، وتستمر في إفراغ "الحراك الشعبي المطلوب"، بحجة الإعداد له، وتضعه في مكمن خطر، فليس الأصل ترتيب الأحزاب بل الأصل الفعل الجماهيري الثوري تجاه الإحتلال لخلق رأي عام دولي ورفع تكلفة الإحتلال، وهناك على أرض الحرام والثورة، تتشكل القيادات التي يريدها شعبنا، وليس كما هو جاري، فالأصل هي الأرض والإنسان الثائر، وليست الاحزاب الباحثة عن مقاعد ومواقع حكم سلطوية ، وهنا يجب أن نفرق جديا بين حراك جمهور ثائر يحدد مصير قضية، وبين عمل أحزاب تبحث عن ذاتها وموقعها في الحكم، وتعيق الحراك الجماهيري الحقيقي والمطلوب دائما للإنقاذ لاستمرار الفعل الثوري.
لا تزال تتكرر نفس المواقف المزمنة في ثقافة الفلسطينيين الحزبيين البعيدة عن جوهر المطلوب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بذهابهم نحو مصالح حزبية أصغر من أن تكون أساساً للنهوض الوطني، وعلينا التوقف عن الاندفاع في هذا الطريق، وتدبر المطلوب الحقيقي ..
البوصلة هي "نحو إنقاذ ما يمكن إنقاذه من باقي الوطن، وليس نحو إنقاذ أحزاب"
كيف وما العمل؟
هذا هو السؤال المطلوب الإجابة عليه من المفكرين الأحرار ، بعمل نوعي ممكن، مهما كان مؤلماً ، ليتم البناء عليه .. فكل ما يدور الآن هو مؤلم أكثر، طابعه إنقاذ أحزاب، ومصالح ضيقة للسياسيين المأزومين والمهزومين، بعيدا عن جوهر التحدي الحقيقي، وهي الأرض الفلسطينية أولاً، والإنسان الفلسطيني ثانياً. وأداة إنقاذهما هو "الحراك الشعبي" المتآمر عليه من السياسيين الحزبيين.
أمامنا خيارين مُريّن، ونحن محشورون في الزاوية، إما أن نقبل صفقة ترامب، وإما أن تتحرك الجماهير على الأرض تعلن ثورتها على الإحتلال، وغير ذلك، من لهو، إنتخابات، إصلاح م.ت.ف، ومصالحة، لإعادة أحزاب فاشلة هي وصفة للهزيمة الكبرى والذهاب للصفقة صاغرين، وإضاعة اللحظة الثورية المواتية .. فهل يفعلها شعبنا ويترك عبث الأحزاب وما يدور بينهم من حالة غير وطنية وغير صحيحة، ويبدأ حراكه بعيدا عنهم؟؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت