تجاوزت حصيلة الوفيات الناجمة عن الإصابة بكوفيد-19 عتبة المليون شخص على مستوى العالم يوم (الثلاثاء). وما كان العالم يخشاه في بداية العام أصبح حقيقة صارخة -- وهو أن الجنس البشري في خضم واحدة من أعظم المآسي في التاريخ.
إن الخسائر البائسة التي لحقت بالبشرية جراء هذا الوباء المستشري سببها جزئيا فقط الفيروس نفسه. فقد أظهرت الأشهر التسعة الماضية أو نحو ذلك أن أولئك الذين يرفضون الحلول المستندة إلى العلم أو يقاومون تدابير المكافحة والوقاية المثبتة هم أكثر فتكا حتى في هذه الفاشية التي تحدث مرة كل قرن.
حتى الآن، مع فقدان حياة إنسان كل دقيقة بسبب كوفيد-19 في مكان ما في العالم، لا يزال بعض منكري فيروس كورونا الجديد المتصلبين وغير الملمين يصرون على عدم ارتداء أقنعة وعدم وقف التجمعات الجماعية. ويبدو أنهم متفائلون مثل بعض قادتهم، ويغضون الطرف عن الواقع الصارخ ويختارون الاعتقاد بأن الوباء مجرد أنفلونزا "لا تؤثر على أحد تقريبا".
يحتاج المواطنون العاديون إلى إرشاد مسؤول في أزمة غير مسبوقة، ولا يمكن للنصائح المهنية وحدها التغلب على الفيروس. ويعد استعداد الحكومة وكفاءتها للعمل والقيادة أمرا بالغ الأهمية للتعامل مع فيروس كورونا الجديد. وأثبتت الخطوات الحاسمة بشأن الاختبار والحجر الصحي وتوجيهات الصحة العامة، وخاصة في المرحلة المبكرة، أنها تدابير ذات فعالية لوضع التفشي تحت السيطرة.
ويمكن للمجتمع الدولي أن يتعلم من العديد من الأمثلة الناجحة في العالم التي احتوت تفشي المرض بشكل فعال، ومن بعض الإخفاقات المأساوية أيضا.
ومن المحزن أن نرى أن الدولة الأكثر تقدما من الناحية العلمية في العالم قد قدمت مثالا رهيبا من خلال تصدر العالم في إصابات ووفيات فيروس كورونا الجديد. رغم أنها تمثل 4 في المائة فقط من سكان العالم، فهي موطن لنحو 20 في المائة من وفيات الوباء العالمية.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو مدى الاستهتار الصادم بالحياة البشرية لدى من يتولى زمام الأمور في معركة أمريكا. ويحاول بعض الساسة الأمريكيين التلاعب بالمعركة الملحمية لتحقيق مكاسب سياسية، مما يعرض شعبهم للمخاطر جراء خيالات وأكاذيب مبهرجة وصفيقة.
وقال الدكتور أنتوني فاوسي، كبير خبراء الأمراض المعدية لدى الحكومة الأمريكية، لشبكة ((سي إن إن)) الأسبوع الماضي حول أحدث إحصائيات الوفيات في البلاد، إن "فكرة وفاة 200 ألف شخص وئيدة للغاية حقا، وصادمة من بعض النواحي".
ومع مرور كل يوم، تتحول المعركة ضد الوباء إلى حرب استنزاف. في الوقت الراهن، تكافح العديد من البلدان لاحتواء موجة ثانية من المرض، مع احتمال أن يؤدي موسم الأنفلونزا المقبل إلى زيادة تعقيد الوضع.
ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أنه قبل العلاجات الأفضل، والأمل بتوفر اللقاحات للمساعدة في جهود الإنقاذ، فمن الضروري ألا ندع "التعب" أو "الإجهاد" بسبب الوباء يضعف أو يسحق إرادة العالم لاحتواء العامل المسبب للمرض.
وعلى الرغم من أن الخروج الواضح من الأزمة لا يلوح في الأفق حتى الآن، فإن هناك ما يدعو إلى الأمل في تحقيق نصر نهائي، حيث تم تعلم الكثير عن الفيروس منذ بداية الوباء.
وحذرت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة من أنه "ليس مستحيلا" أن يتضاعف عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا الجديد إذا لم تعمل الدول بشكل موحد لقمع