- بقلم : محمـد علوش
-1-
في الفترة الأخيرة جرت جولات للحوار الثنائي بين حركة حماس وحركة فتح اللتين تتحاوران في آليات للخروج من الواقع المظلم الذي يسببه الانقسام السياسي والجغرافي بعد مضي 12 عاماً على هذا الانقسام الأسود الذي شكل على مدار السنوات السابقة التحدي الأكبر أمام الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال وقيود الإدارة الأمريكية التي تمارس سياسية الهيمنة والعنجهية والعدوان البغيض إلى جانب حكومة الاحتلال التي تحظى بدعم وغطاء غير محدود لممارس بغيها وتطرفها وإرهابها وعنصريتها على الشعب الفلسطيني .
إذن ونحن نتحدث عن الانقسام وآثاره الكارثية التي ما زالت ماثلة ومتواصلة فقد آن الأوان لجدية حقيقية من قبل الحزبين الذين قادا الساحة الفلسطينية إلى هذا الواقع المؤلم والمظلم بتوفر الإرادة السياسية وعدم السقوط في اللحظة التاريخية والإذعان لتلك الأطراف والمحاور والمساعي التي تحاول التأثير على مسار المصالحة وإفشال الجهود لأن في ذلك مصالح لتلك الأطراف التي لم تقدم لفلسطين سوى الخراب والعبث وانطلقت من مواقفها اتجاه القضية الفلسطينية لما يحقق مصالحها هنا أو هناك وخاصة مع الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بمفاوضاتها وعلاقاتها معها سراً وعلانية .
لقد ثمنا تلك اللقاءات التي تمت في أكثر في بلد وأخرها في أنقرة والدوحة والقاهرة ، ولدينا آمال بأن تكون هناك رغبة حقيقية لطي صفحة الانقسام والذهاب جدياً لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وإعادة ترتيب أوضاع الساحة الفلسطينية تحت راية الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية بعيداً عن الواقع القائم الذي أثبت أنه لا يمكن لفصيل أن يقود ويدير أوضاع جزء من الوطن هنا وجزء من الوطن هناك وهذا يتطلب مشاركة كل القوى السياسية الفلسطينية وتحقيق العمل المشترك بحيث يتحمل الجميع للمسؤولية الوطنية والنهوض بشعبنا ومؤسساته وتوحيدها وإدارتها في إطار الحرص والشفافية والمصداقية وبعيداً عن الاستحواذ والتقاسم الوظيفي .
نتمنى أن يعقد الاجتماع العام للأمناء العامون للقوى والفصائل يوم السبت وأن لا يجري تأجيله أو تعطيله بحيث تقف القيادة الفلسطينية بكافة أطيافها بشكل عملي وملموس وجاد أمام مسؤولياتها التاريخية في هذه المرحلة الصعبة والمصيرية وعدم تأجيل ما هو مطلوب من هذا الاجتماع وهو الانتخابات وموعد إجراءها وإصدار المرسوم الرئاسي المتعلق بالعملية الانتخابية كون الانتخابات مدخل ضروري لإنهاء إفرازات الانقسام وتكريس للديمقراطية التي ننشدها ونناضل من أجل تحقيقها وأيضا إعطاء المواطن الفلسطيني حقه الطبيعي والقانوني بالمشاركة في الاقتراع وانتخاب ممثلي الشعب ورئيس الدولة بشكل طوعي وحر وبدون أية تأثيرات من أي طرف ، فالعملية الديمقراطية هي الطريق الأسلم نحو توحيد الساحة ومعالجة كل ما ترتب عليه واقع الانقسام الخرابي الذي ابتليت به الساحة الفلسطينية لقدم خدمة مجانية للاحتلال الذي مارس كافة أشكال القهر والإرهاب والعدوان والتوسع الاستيطاني في ظل ما انقسام أشغل الجميع عن مسؤولياتهم وواجباتهم في مواجهة الاحتلال حيث اختلط الحابل بالنابل .
ننتظر مخرجات اجتماع قيادة الفصائل ، آملين قبل كل شيء أن يكون هناك استخلاص دروس وعبر ومراجعة لمجمل المرحلة السابقة والتحديات المستعصية التي تواجهنا وان تتوفر الإرادة السياسية والقرار للعمل الوطني المشترك وتحقيق الشراكة السياسية ويكون هناك توجهات نحو مرحلة بلا صراعات داخلية وبلا جغرافيات سياسية تؤثر على هذا الطرف أو ذلك ، وهنا يأتي القرار بالتمسك بالقرار الوطني المستقل والتحرر من قيود الجغرافيا والمال السياسي الفاسد الذي يجعل هذا أو ذاك مجرد أتباع وأدوات لخدمة أهداف ومشاريع ليست لها علاقة بفلسطين وقضيتها .
-2-
القوى السياسية والاجتماعية عليها مسؤوليات وأمامها قضايا عديدة تتطلب نضال اجتماعي متواصل وتحرك على كافة المستويات من أجل تحقيقها وعلى رأس هذه القضايا مراجعة القوانين والتشريعات المعمول بها في فلسطين ، والتأكيد على الحقوق والحريات العامة وحرية الرأي والتعبير ومراجعة السياسات التعليمية وإقرار قانون لحماية الأسرة من العنف ومواجهة العنف بكافة أشكاله وان تكون هناك برامج ولقاءات تعكس حقيقة وطبيعة تلك القوانين والاتفاقيات التي نتحدث عنها وبخاصة وان هناك أطراف عديدة تعمل على تشويه القوانين وحرفها عن حقيقتها وخاصة فيما يتعلق بمواضيع المرأة من " سيداو " إلى كافة التشريعات والتعديلات لخلق واقع جديد تحترم فيه المرأة وتنال حقوقها وتحقيق المساواة وتكريس الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة .
للأسف الشديد أخفقت القوى السياسية والاجتماعية حتى الآن في تحقيق ما تطرحه من رؤى وبرامج لحماية المجتمع وتنقيته من الشوائب والثغرات وتداعياتها الخطيرة ، حيث باتت بعض المجموعات تهاجم وتشوه وتكفر ، بل وتلاحق وتهدد بالقتل ، وقامت بإصدار بيانات حاقدة ضد المؤسسات والأطر النسوية من ناحية وتهديد بالقتل بحق مدير مركز شمس الصديق د. عمر رحال الذي تلقى تهديداً بالقتل بعد مقابلة تلفزيونية تحدث فيها عن تنمية وتطوير المجتمع وحمايته وعن المرأة الفلسطينية وحقوقها وبرامج مؤسسته في التثقيف والتوعية من المخاطر التي تتهدد المجتمع في ظل تنامي الأجندات والمشاريع التكفيرية ورفض الآخر ومحاربة الحريات والآراء الديمقراطية .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت