- بقلم عدنان الصباح
يوم 30 نيسان 1975م توج الشعب الفيتنامي ثورته بالنصر ودحر المستعمرين وعملائهم وبذا توجت فيتنام الربع الأخير من القرن المنصرم بانتصار كان يليق بها ومرغت بالوحل انف الامبريالية لعقود ولم تتمكن تلك الامبريالية اللعينة من التقاط أنفاسها إلا بعد أن تمكنت من المنظومة الاشتراكية وفي مقدمتها الاتحاد السوفياتي الذي خلع معطفه كليا عن أكتاف عالم الثورة وغاب عن الوجود لتبقى دول بحالها كفيتنام وكوبا وفنزويلا وشعوب وثورات وحيدة بلا اسناد حقيقي مادي او معنوي تصارع موج البحر وليتحول العالم بعدها ليس بكثير إلى عالم القطب الواحد.
لقد تعلمت الامبريالية الأمريكية جيدا من حرب فيتنام وهي لا تنسى أبدا الدروس وحتى اليوم لا زال المارينز الأمريكي يذكر هزيمته في ميناء طرابلس الليبي على يد الشعب الليبي بل ويردد ذلك كل صباح في نشيد البحرية الأمريكية ذاته الذي يردده جنود مشاة البحرية يوميا منذ أن كان بعد هزيمتهم على شواطئ طرابلس وخسارتهم لأهم واكبر سفن أسطولهم آنذاك " فيلادلفيا.
يقول نشيد مشاة البحرية " من هضاب مونتيزوما إلى شواطئ طرابلس في البر في البحر في الجو خضنا معارك الوطن
ويعلم جنود مشاة البحرية جيدا وهم ينشدون أن طرابلس تعني الهزيمة لكنهم يدركون أن من لا يذكر ولا يتعلم من هزائمه لا يمكن له أن يحقق أي نصر ولذا فهم يذكرون جنودهم دوما بالهزيمة ولا يصنعون انتصارات من الوهم ليتباهوا بها كذبا ولا أجد انه من المناسب إيراد أمثلة عن الأناشيد العربية خشية المقارنة التي لن تكون أبدا لصالح أناشيد العرب المتباهية بلا سبب على الإطلاق ومن يسمعها يعتقد أن الانتصارات لا تقف ولم تقف أبدا وان العرب لا يعرفون سوى النصر بكل تجاربهم .
السودان ارض اللاءات الثلاث " لا صلح لا اعتراف لا مفاوضات " يعترف ويعلن الصلح ويفاوض على الثمن بعدد المليارات ولبنان اسقط كلمة حدود فلسطين المحتلة من الخطاب الرسمي وهو يتحدث عن ترسيم الحدود مع اسرائيل وليس مع العدو الصهيوني الغاصب وبلا مقدمات ولا تحتاج اسرائيل أكثر من تغييب مفردات العدو الصهيوني الغاصب والدولة الغاصبة ودولة الاحتلال ودولة الكيان والكيان المسخ والمزعوم وما إلى ذلك فهي لم تعد على عجلة من أمرها مادام قد جاء الوقت الذي يدفع فيه العرب للعرب ثمن الوطن وصار ثمن لاءات الخرطوم مليارات وثمن اعمار بيروت حصر الصراع بالحدود مع " اسرائيل " فماذا إذن وأي قول يمكن أن يقال سوى أن علينا أن نعيد صياغة أناشيدنا لنذكر هزائمنا لعلنا نصحو من هبلنا وتيهنا الذي لا يشبه أبدا سوى هبل وتيه المدمنين على تناول المخدرات.
لقد تمكنت أمريكا وإسرائيل من تحقيق اختراق خطير في جبهة العرب الأخيرة واختيار لبنان للإعلان عن محادثات ترسيم الحدود وكذا اختيار نبيه بري ليعلن ذلك شخصيا وهو رأس السلطة التشريعية وحليف حزب الله لم يأت بهذا التوقيت إلا ليسكت كل اعتراض على ما يجري على الأطراف من اتفاقيات تطبيع مع الدول الأغنى لتدفع للدول الأفقر وبذا يدور التفاوض علنا مع السودان حول ثمن الصفقة ولن تخجل السودان ما دامت هناك محادثات على ارض الجنوب المقاوم وأيا كانت الاعتراضات والخلافات الشكلية فالحقيقة أن المفاوضات انطلقت ولن تتوقف ولا يرد احد لها أن تتوقف فلا يخفى على احد أن رأس السلطة في لبنان هو الحليف الأهم لحزب الله وان لا قرارات كانت ستصدر عنه إذا لم يكن حزب الله يريد لها أن تكون.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت