- جواد العقاد
صدرت الرواية عن دار فضاءات للنشر والتوزيع عام (2011م) وتقع في (138)صفحة من القطع المتوسط موزعة على أحد عشر فصلًا يحمل كل منها عنوانًا يُعبر عن مضمونه مباشرًا أو رمزيًا نحو: " لقاء يليق بالجهات، نوايا ساخنة.."
وتترابط هذه الفصول ترابًطا عضويًا بحيثُ يستحيل الاستغناء عن بعضها أو ترتيبها على نحو آخر، فكل فصل يخدم مجرى الأحداث ونموها، أما البناء الروائي يقترب من بناء القصة بحيث يعتمد على وحدة المكان والحبكة ومحدودية الشخصيات ويفترق عنها في تنوع الأحداث لاسيما أن تقنية الاسترجاع كانت ركيزة أساسية في بناء الرواية.
وتحكي الرواية قصة شاعر متسكع وهارب من ضياعه ذهب مع معجبة له إلى بيتها، وتدور أحداث شيقة وغريبة أحيانًا في ذلك البيت الذي تمثل كل زاوية فيه سرًا، بحيث له سبعة أبواب واحد منها مفتوح فقط وفي هذا إشارة إلى أن الحياة أحيانًا تترك لنا خيارًا وحيدًا.
وبالتأمل في الرواية نجد أن لها مستويات متعددة للقراءة من العنوان إلى آخر فصل وهذا يفتحُ للقارئ آفاق رحبة على التأويل، فالسماء الأُولى هي تخلص "الشاعر بطل الرواية" من الضياع والتيه ومن ثم الانتقال إلى الجهة السابعة تلك الجهة المعنوية التي وجدها في المرأة المعجبة، وهي وجدت ضالتها في شاعرها، لم يكن شاعرها وهذا كل ما في الأمر وإنما كان أيضًا جهة سابعة لها هربت إليها من نفسها المتعبة من الخيانة والوحدة والخطايا، في لحظة ما شعر البطلان بخيانة هذه الجهة فهي لم تعد تقوى على استيعاب نفسها أو من آوى إليها، لهذا وقفت المرأة نادمة وحائرة أمام انكساراتها وخطاياها في " الغرفة البيضاء" التي يمكن اعتبارها السماء الأولى أو مدخل لها، وكان الشاعر في هذه اللحظة يتأملها وكأنها تجلي ضياعه وتسكعه الليلي.
الرواية بمجملها قائمة على الرمزية وإن كانت أحداثها واضحة إلا أن كل منها يحمل تأويلات متعددة، وإن القراءة الأولى تقول إنها رواية مغامرات عاطفية وأحيانًا جنسية إلا أن البنية العميقة للرواية تحيلنا إلى فهم مغاير تمامًا وهو أنها رواية مكتظة بالقلق الوجودي ويتجلى هذا المعنى العميق في العنوان قبل النص.
كما أن الشاعر تعمد عدم ذكر أسماء الشخصيات في إشارة إلى عدم أهمية من هو الآخر اجتماعيًا وثقافيًا ودينيًا وغير ذلك من الاعتبارات فالمهم من هو روحيًا. أما لغة الرواية فهي طاعنة في الشاعرية لدرجة الشعور بأن كثيرًا من مقاطعها تصلح لأن تكون قصائد وفي الوضع الطبيعي الرواية لا تحتمل هذا الكم من الشاعرية إلا أن هذه الرواية لها مبرراتها؛ فالراوي وهو بطل الرواية شاعر والأحداث كلها على لسانه ناهيك عن أن موضوع الرواية، بحسب التأويلين، تلزمه لغة جميلة شفافة.
ختامًا: إن رواية سماء أولى.. جهة سابعة تمثل النص الروائي العميق القادر على حمل رسائل واضحة يفهمها القارئ العادي وأُخرى عميقة يتأولها القارئ المتمرس، وقد استطاع الكاتب التعبير عن أفكاره العاطفية والوجودية بلغة شعرية وتقنيات رمزية تنسجم مع جو الرواية.
جواد العقاد
[email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت