- شريف حسني الشريف
نشاطات مجتمعية و نسائية لمواجهة العنف
بداية لا يمكن غض النظر عن حراك «طالعات» النسويّ السياسيّ، الّذي انطلق من فلسطين موجها مواقف حادة تجاه الأنساق والبنى السياسية والاجتماعية المؤسساتية، التي عفا عليها الزمن. و توج لحظة انطلاقه في أيلول (سبتمبر) 2019، بمجموعة تظاهرات متزامنة في مدن مختلفة، احتجاجا على جرائم مريعة ارتُكبت بحقّ 28 امرأة فلسطينية منذ مطلع العام الماضي، وتحت شعار «لا وجود لوطن حرّ بلا نساء حرّة»، يستمرّ الحراك في تنظيم الاحتجاجات. حيث يسعى إلى مراكمة تجربة تغيير مجتمعية، من أجل التحرّر الوطني، يشمل العيش في مجتمع عادل وآمن لجميع أفراده. ويعمل على مواجهة أجندات تأجيل قضايا التعنيف، وتصويرها على أنّها حالات فردية.
- فقد نظّمت جمعية الثقافة العربية، في شهر شباط من العام الحالي سلسلة ورشات للطلاب الجامعيين الحاصلين على منحة روضة بشارة عطا الله، حول «حقوق وأمان النساء» مركزة على محاربة كافة أشكال الاستغلال والقمع وتجلياته على المستويات كافة. من خلال فهم علاقات القوّة والهيمنة السائدة في المجتمع، وكشف كافة أشكال الاستغلال، وفهم التقاطعات المركبة. وقضايا الاعتداءات الجنسيّة والعنف المبني على النوع الاجتماعي، والتسلط الذكوري في المجتمع. وتفكيك المنظومات الاجتماعيّة الكامنة وراءه.
- وحذرت جمعية «كيان» من تزايد العنف ضد النساء، والفئات المهمشة في المجتمع، في ظل إجراءات الطّوارئ الّتي اتّخذت للحدّ من انتشار فيروس كورونا المستجدّ، مندّدة في بيان لها 16/4/2020 بعدم اتّخاذ أيّ خطوة على مستوى الدولة أو أي سلطة محليّة للحد من الظاهرة. وأوضح البيان أنّه إلى جانب زيادة العنف، وبروز ظاهرة النساء المعيلات الأحاديّات اللواتي يعانين من ضيق اقتصادي، كذلك الأمر بالنسبة لعاملات التنظيف في البيوت، وأعلنت استعدادها لمساعدة هذه الفئات. و أطلقت حملة في 20/4/2020، لدعم النساء اللواتي يعانين من التعنيف المنزلي . وخاطبت المرأة أنه حتى لو فقدت الشعور بالأمان، لا تفقدي الأمل.
- ووجهت جمعة «نساء ضد العنف» في شهر نيسان/2020، رسالة عاجلة إلى رؤساء السلطات المحلية العربيّة للحفاظ على حياة النساء وحمايتهن، في ظل أزمة انتشار وباء كورونا، وظروف الحجر الصحي. بعد ارتفاع عدد التوجهات لمراكز المساعدة، بالإضافة إلى ازدياد عدد النساء المتواجدات في ملاجئ النساء المعنّفات، والتوصية باستمرار عمل كافة العاملين والعاملات الاجتماعيين حسب القانون في المجلس المحلي، والاعتراف بهم كعمّال ضروريين وحيويّين لتخطي هذه الأزمة.
- و أطلقت مؤسسة السوار ــ حركة نسوية عربية ــ الإثنين 1/6/2020، برنامج مراسلة على موقعها الخاص، لتلقي توجهات من نساء وفتيات حول تعرضهن لأشكال مختلفة من العنف، ووجهت السوار رسالة للنساء مفادها صوتك شرعي ومهم، وقصتك ممكن أن تكون قصة أي واحدة منا، من حقك أن تكوني آمنة، في كل مكان.
- فيما انطلقت حملة «إحنا صوتك» لدعوة المجتمع الفلسطينيّ لوقف العنف المتفاقم ضد النساء. ردّا على الارتفاع الحاد في الحالات المبلّغ عنها خلال فترة العزل والتباعد التي فرضتها كورونا. و الحملة هي أول نشاط لفضا. وهو ائتلاف نسوي عابر للحدود الجغرافية والسياسيّة، يضم 21 مؤسّسة نسويّة فلسطينيّة وحقوقيّة، تعمل في الضفة الغربيّة، وقطاع غزة والداخل الفلسطيني والقدس. وتؤكد الحملة حق النساء في العيش بأمان، وأن العنف الذكوري الذي تواجهه المرأة الفلسطينيّة لكونها امرأة، يتشابك مع العنف الاستعماريّ الذي يعمل على قمعها لكونها فلسطينيّة.
- كما عقدت جمعيتا «السوار و« نساء ضد العنف»، في شهر حزيران /2020 مؤتمرا رقميا بعنوان
« نسويات نحو الإتاحة»، تناول مختلف جوانب ظاهرة العنف، والعنف ضد النساء، بما يشمل الاعتداءات الجنسية ضد النّساء ذوات الإعاقة. لتأكيد أهمية النضال النسوي من أجل تحدي كافة المعيقات المجتمعية الذكورية والسياسية التي تعاني منها النساء الفلسطينيات، والنساء صاحبات الإعاقة في مجتمعنا الفلسطيني تحديدا. و بعثت جمعية «نساء ضد العنف» برسالة إلى رئيس اللجنة الخاصة بمكافحة العنف والجريمة في البلدات العربية، النائب د. منصور عباس، بخصوص الجلسة التي عقدت بمبادرته يوم 14 حزيران/2020 مع المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، وتناولت دور الشرطة والنيابة في التعامل مع قضايا العنف في المجتمع العربي. وأصدرت بيانا، تستنكر فيه غياب التمثيل النسائي في الاجتماع، وعدم دعوة أي من الجمعيات النسوية لحضور الاجتماع .و توجت جمعية «كيان»، الحملة التي أطلقتها ضمن تحالف يضم 21 جمعية ومؤسسة نسوية وحقوقية فلسطينية في فلسطين التاريخية، لمناهضة العنف ضد المرأة، والتثقيف للحقوق والتشريعات للحد من الظاهرة التي اتسعت في ظل جائحة كورونا، وحالة الطوارئ المعلنة، التي عمقت تهميش خدمات الدعم والإرشاد والمرافقة والحماية، للنساء اللواتي يتواجدن في دائرة العنف .
- وأطلقت جمعية »نساء ضد العنف« بتاريخ 7/9/2020 خدمة الدردشة) Wavo Chat معك بكل كلمة) عبر موقعها الإلكتروني لتلقي توجهات ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية، لتوفير الدعم، والإصغاء والاستشارة للنساء والفتيات اللواتي يحتجن لمنصة دردشة آمنة ومهنية وسرية، للتفريغ عن الأعباء النفسية في ظل العنف الذي يتعرضن فيه.
الحلول:
ظاهرة العنف التي تعصف بالشعب الفلسطيني وخاصة في الـ 48 بحاجة لعمل جامع وشمولي، والتوحد ضمن فضاء مجتمعي يؤكد وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة قضاياه، و أن هموم المرأة الفلسطينية في كافة أماكن تواجدها واحدة، والحث على الحراك المطلبي للنهوض بمكانة المرأة، باعتبار أنها شريك في المعاناة والكفاح والنضال، وليست مجرد عبء يثقل كاهل حامله، وذلك من خلال:
- رفع الصوت عاليا ضد العنف، ودعم المؤسسات النسوية ضمن مشاريع تثقيفية وتربوية وتوعوية، من خلال التنسيق بين الجمعيات وتبادل الخبرات بين المؤسسات.
- تأكيد المسؤولية المجتمعية الفردية والجماعية في محاربة جرائم العنف ضد النساء، وأهمية تقديم الدعم المعنوي والنفسي للنساء والفتيات ضحايا العنف. و معارضة الخطابات الاقصائية.
- وضع خطط لمناهضة العنف ضد النساء، للحد من العنف في المجتمع، ولتعزيز مكانة المرأة الفلسطينية، من خلال خطة عمل وإستراتيجية موحدة، وإقامة تشبيك وتعاون بين مكونات الحالة الفلسطينية في الـ 48، واعتماد خطط تربوية وتعليمية في المدارس.
- تحمل مؤسسات المجتمع المدني لتحديات واقع العنف الذي تعيشه المرأة، وعدم التنصل من هذه المسؤولية.
- ضرورة تعزيز الوعي للتخلص من كافّة القيم والسلوكيّات التي تشرّع العنف ضدّ المرأة وضرورة بلورة إرادة سياسيّة جامعة للقضاء عليه.
- اقصاء الثقافة المجتمعية التي تتسامح مع العنف المسلط على النساء، وتفعيل التشريعات والقوانين التي تجرّم العنف ضد النساء وتقدم الدعم للمرأة والعائلة.
- مناهضة العنف الأسري والتأكيد على إلغاء النظرة المجتمعية لتقاسم الأدوار في العائلة، واعتبار المرأة شريك أساسي في البناء والتطوير.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت