- الشاب أسامة جودة يؤكد أن ما قام به يعكس القيم الدينية والثقافية والإنسانية التي تربى عليها
كرمت قيادة شرطة العاصمة النمساوية فيينا الشاب الفلسطيني الأصل أسامة خالد جودة بمنحه نيشان الشرطة الذهبي، تقديرا لشجاعته بعد قيامه بإنقاذ حياة ضابط نمساوي خلال الهجوم الإرهابي، الذي وقع ليل أمس الاثنين وخلف خمسة قتلى، من بينهم منفذ الهجوم، وإصابة 17 آخرين، قبل ساعات من بدء إغلاق بسبب فيروس كورونا.
ونشر خالد جودة، والد الشاب، وهو من قطاع غزة ويعيش في فيينا، عبر حسابه في "فيسبوك"، خبر حصول ابنه على التكريم من الشرطة، مع صور للشاب يحمل الوسام، قائلا: "حفظك الله ولدي، وشكراً النمسا".
وقوبل المنشور بتفاعل كبير من قبل رواد فيسبوك من كل البلدان، وخصوصا من المهاجرين العرب المقيمين في النمسا وأوروبا، والذين أثنوا على شجاعة الشاب أسامة، واعتبروه نموذجا يحتذى، مع إشارات واضحة لرفض الجرائم الإرهابية، واعتبار من يرتكبونها لا يمثلون العرب أو المسلمين.
وكتب النائب النمساوي من أصول عربية، عمر الراوي، عبر "فيسبوك": "قبل سنة تقريباً نشرت خبر العائلة الفلسطينية التي رفض عمدة المدينة إعطائها موافقة شراء بيت بحجة عدم رغبته بعائلة مسلمة في بلدته. ابن هذه العائلة الشاب الفلسطيني أسامة جودة كان أحد أبطال ليلة أمس. قام بإنقاذ الشرطي الجريح من مكان الجريمة معرضاً نفسه للخطر. بمثل هؤلاء من شبابنا نفتخر، وليس بمن تشبع بفكر إرهابي متطرف. وفقك الله يا أسامة وحفظك من كل مكروه".
وقال الراوي في تدوينة ثانية: "منفذ العملية الإرهابية يبلغ من العمر 20 سنة. من ولادة ڤيينا، وليس من اللاجئين أو القادمين الجدد. يحمل الجنسية النمساوية، وعائلته من الطائفة الألبانية من دولة مقدونيا الشمالية. الأهل لم يعرف لهم أي اتجاه متشدد. مراقب من الجهات الأمنية، وحاول السفر إلى سورية للقتال من ضمن 90 شخصا حاولوا السفر، وأوقفتهم السلطات، وتمت محاكمتهم لانضمامهم لتنظيم إرهابي. لم يصنف من قبل السلطات الأمنية بأنه يمكنه تنفيذ عملية إرهابية. لقي حتفه في اشتباك مع الشرطة. هذه عملية إرهابية على مدينة مسالمة احتضنت الثقافات و الأديان".
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية في تقرير لها إن " الشاب أسامة خالد جودة (23 عاما) الذي أنقذ حياة شرطي نمساوي من الهجوم الإرهابي الذي وقع أمس في العاصمة النمساوية فيينا، أكد في موقفه أن شعبنا الفلسطيني يصنع الحياة، وهو نقيض الإرهاب والقتل."
وجاء في تقرير الوكالة الرسمية " جودة الذي غادر مدينة جباليا في قطاع غزة وهو في عامه الرابع عشر، عايش وجعا وإرهابا مختلفا ومنظما منذ نعومة أظفاره، وهو إرهاب دولة الاحتلال بحق أبناء شعبه، التي أوغلت قتلا وظلما وحصارا."
وحسب التقرير " شكلت هذه الذكريات القاسية والمؤلمة دافعا إنسانيا وفطريا لديه، أن يكون في مواجهة إرهاب من نوع آخر يستهدف الآمنين في شوارع العاصمة فيينا، فمن تجرع الوجع والظلم لا يقبله لأحد."
وقال جودة إن قيادة شرطة فيينا منحته نيشان الشرطة الذهبي تقديرا لشجاعته في إنقاذ حياة الضابط في الهجوم الإرهابي الذي وقع الليلة الماضية، مضيفا أنه يعتز بهذا التكريم، ومؤكدا أن ما قام به يعكس القيم الدينية والثقافية والإنسانية التي تربى عليها الشعب الفلسطيني.حسب التقرير
وعن حيثيات الحدث، أوضح جودة أنه يعمل مساعدا لمدير مركز ماكدونالدز في العاصمة فيينا، وبينما كان في الخارج هو وزميله، تفاجأ بوجود مسلح يطلق النار باتجاههما من بندقية كلاشينكوف، فانبطحا أرضا، وحضر رجلا شرطة وأبلغهما عن مطلق النار، وسار معهما لإرشادهما إلى مكانه.
وتابع أنه خلال المسير أطلق المسلح الرصاص باتجاههم فأصيب شرطي وسقط عليه، وقام بالمساعدة في إسعافه بينما قام الشرطي الآخر بالتغطية عليهما، إلى أن وصلت مركبات الإسعاف والتعزيزات الأمنية .
وأكد أنه "من المهم أن يعرف الجميع أنني فلسطيني من جباليا، وأنا افتخر أنني فلسطيني، ورأيت هذه المشاهد والحالات في الحروب على قطاع غزة، ولا بد من أن يعرف الجميع من هو الفلسطيني".
والد أسامة الذي غادر قطاع غزة عام 2010، أبدى اعتزازه بما قام به نجله، وقال:" غادرت قطاع غزة عام 2010 للدراسة في أوكرانيا ومن ثم انتقلت إلى فيينا، وفي عام 2012 التحقت عائلتي بي، ولدي تسعة أبناء، ستة ذكور وثلاث إناث".
وأضاف: " كانت الحياة صعبة في البداية، واستطعنا خلال فترة وجيزة أن نتخطى صعوبات الحياة، وبدأ ابنائي بالاندماج في المجتمع والتحقوا بمعاهد وتخرجوا منها، والتحقوا بسوق العمل كما هو حال أسامة الذي حصل على شهادة دبلوم كهرباء".
وتابع الوالد: "أسامة عاش طفولة قاسية في قطاع غزة، وشهد حروبا ومجازر، واستشهد أناس من أقاربنا، ورأى الظلم بعينه، وما قام به من مساعدة وإسناد للشرطة ما هو إلا نتاج ثقافة تربينا عليها، فهي من عاداتنا وتقاليدنا وديننا وأخلاقنا".
أسامة الذي لا تغيب فلسطين عن باله لحظة، قال: "نحن كشعب فلسطيني محب للسلام، وننبذ الإرهاب مهما كان شكله ومصدره، وهذا الشعب يستحق أن تكون له دولة تعترف بها دول العالم".