- جهاد حرب
تحظى الانتخابات الامريكية باهتمام بالغ لدى المواطنين الفلسطينيين هذه المرة أكثر من من أي مرة سابقة، فهي لم تقتصر على اهتمام السياسيين واتباعهم أو تناقش في أروقة ودهاليز المؤسسة السياسية الفلسطينية أو في صالونات وردهات النخبة. بل باتت حديث الشارع العام ولدى الكبار والصغار.
قد يعود ذلك إلى تأثير هذه الانتخابات على الحياة السياسية ومستقبل العملية السياسية في الشرق الأوسط بالنظر إلى رؤية المرشحين في هذه الانتخابات وبرامجهما المستقبلية من جهة، وإلى ثقل الأوضاع الاقتصادية الداخلية المتأزمة إثر مجمل السياسات التي اتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السنوات الثلاث الاخيرة سواء بوقف المساعدات الامريكية المباشرة أو غير المباشرة والضغط على الدول المانحة وبخاصة العربية منها لوقف تقديم هذه المساعدات للسلطة الفلسطينية، ومنح الحكومة الإسرائيلية ضوءً اخضراً بل مساندتها بانتهاك القانون الدولي وإلغاء أسس وقواعد العملية السياسية أي للخلاص من ثقل الأزمة المالية في حال فوز المرشح بايدن من جهة ثانية.
وقد يعود السبب أيضا من جهة ثالثة إلى الاهتمام البالغ الذي تمنحه وسائل الإعلام لانتخابات أهم دولة مركزية في النظام العالمي وما تفرزه من تأثيرات عليه، أو إلى ما تشهده هذه الانتخابات من انقسامات ليست فقط سياسية بين المرشحين جو بايدن أ ودونالد ترامب أو بين الحزبين اللذان يمثلهما بل رؤية أمريكا لنفسها والهوية التي تمثلها هي للبيض فقط أم لمختلف الأعراق وقبول الثقافات المتعددة من جهة رابعة.
في ظني، وأغلب الظن ليس إثماً، يعود هذا الاهتمام الشعبي بهذه الانتخابات التي تجرى على بُعد آلاف الأميال إلى الشوق البالغ لدى المواطنين الفلسطينيين لحصول مثل هكذا انتخابات في فلسطين لغياب هذا المشهد عن أعينهم أو مشاركتهم فيه، وهي فرصة ليتذكر السياسيون في بلادنا أن الديمقراطية تقويهم وتمنحهم الشرعية حتى في ظل الانقسام، لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وأن الانتخابات حق للمواطنين يمارسونه حتى في ظل تشكيك السياسيين بنزاهة العملية، كما يفعل ترامب اليوم، وفي الأزمات والحروب لأنه ليس حقا دستوريا فقط بل حقا مقدسا مبرما في العقد الاجتماعي، أصل حكاية الحكم والولاية والصلاحيات والتحكم، دونه يفرط العقد وتعود الأوضاع لما قبل التنظيم أو الأدوات الشرعية القادرة على تجاوز التحديات والانقسامات المدعومة برضا المواطنين مصدر السلطات.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت