- عبد الله الحمارنه
مختص بشؤون الاستيطان الاسرائيلي
مع بقاء رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو في سدة الحكم، لا يمكن اغفال الإرث التاريخي لإدارة الرئيس باراك اوباما، وتأثيره على قضية العلاقة مع دولة الاحتلال خصوصا فيما يتعلق بقضية الاستيطان الاسرائيلي.
يضغط رئيس وزراء الاحتلال باتجاه تسريع عمليات اعطاء موافقات للاستيطان في الضفة الغربية نظرًا لعدم تأكده من انه يمكن ان يمرر مشاريع استيطانيه في فترة ولاية الرئيس بايدن، معبرًا بذلك عن شكوك المستوى السياسي في دولة الاحتلال بوجود علاقه طبيعيه مع هذه الإدارة خلال الفترة القادمة.
ذهب عدد من المحللين السياسيين في دولة الاحتلال ان الحدث الذي وقع في فترة حكم الرئيس باراك أوباما وأثار أزمة دبلوماسية، سيكون حاضرًا بقوة في تحديد شكل العلاقة مع بايدن. أعلنت دولة الاحتلال في حينها عن بناء وحدات استيطانيه أثناء تواجد نائب الرئيس بايدن في حينه في دوله الاحتلال مما تسبب بأزمة دبلوماسية سببت توترًا كبيرًا في العلاقة مع أوباما، وصلت الى عدم استخدام أمريكا للفيتو لحماية دولة الاحتلال من قرار أمي ضدها.
تشكل الأشهر القليلة القادمة اختبارا رئيسًا للعلاقة بين بايدن ونتنياهو، اذا سعى نتنياهو في الفترة القادمة لاستثمار ما بقي من ولاية الرئيس ترمب للدفع بمشاريع استيطانية كبيرة لفرض أمر واقع يلزم الادارة الأمريكية القادمة التعامل معه على اعتبار انه حدث وانتهى، يكون قد اشترى عداوة الرجل منذ البداية.
ما يعزز مخاوف دولة الاحتلال من اندلاع مواجهة دبلوماسية مع إدارة الرئيس جو بايدن هو رغبه الاخير بإخراج ايران من سلم اولوياته - للتركيز على قضايا داخلية - عبر إعادة التفاوض معها حول الاتفاق النووي الذي اسحب منه ترمب سابقا، مما يعزز فرص تركيز الإدارة القادمة على ملف الاستيطان بشكل خاص لأنه شكل المحور للصراع مع الفلسطينيين، خصوصًا حل الدولتين.
يشير مارتن إنديك، وهو مفاوض سلام أمريكي سابق خلال إدارات كلينتون وأوباما، إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يعد "مصلحة حيوية" لواشنطن، وأنه لا يتوقع أن يشكل أولوية لبايدن.
لكن يمكن ان تنحرف الأمور الي مسار آخر، فبحكم الموقع السابق لبايدن في إدارة الرئيس اوباما، فهو يعرف المنطقة بشكل جيد، لكن مع عدم وجود الاستيطان او اسرائيل بشكل عام على سلم اولوياته، فانه لن تحدث أي أزمة بخصوص قضية الاستيطان.
سيسعى نتنياهو جاهدا للاستفادة من هذه النقطة، ولن يقوم بافتعال أزمة مع ادارة جو بايدن، وقد يقدم على ايقاف او تجميد الاستيطان في الفترة القادمة تجنبا لاي ازمات تفقده تثبيت وضعه السياسي داخل أو خارج دولة الاحتلال.
هناك عوامل اخرى تلعب دورا هاما في قضيه الاستيطان في الفترة القادمة من اهمها شكل العلاقة مع دول التطبيع العربيه، ومدى استعداد دولة الاحتلال لتجميد جزء من عمليات الاستيطان او ان صح التعبير مبادلة الحركة النشطة للاستيطان بالتطبيع المستمر لاستجلاب دول أخرى لخط التطبيع، وهو مصلحة عليا لتشكيل حلف ضد إيران، كذلك اعطاء نتنياهو افضلية في أي انتخابات قادمة على الاعتبار انه جلب استقرارا لدولة الاحتلال في المنطقة.
تخشى دوله الاحتلال ايضا تكرار سيناريو الذي حدث مع اداره الرئيس السابق اوباما عبر خروج موقف دولي ضد الاستيطان بموافقه اداره الرئيس جو بايدن، ومن ثم تأكيد الإدارة الأمريكية على تأييدها لحل الدولتين وايقاف عمليات الضم الضفة الغربية، وغور الاردن، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية مما يضع نتنياهو أمام اختبار حقيقي.
من المتوقع أن يعاد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية الى استعادة الفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات التي كانت تأتي على هيئة مساعدات لإبقاء السلطة الفلسطينية قويه في مواجهه التحديات الضفة الغربية.
كما ستخسر دولة الاحتلال حال وجود مواجهه دبلوماسية بين نتنياهو واداره الرئيس جو بايدن جزء لا يستهان به من الدعم الامريكي لها بشكل عام في جميع الملفات، وهي فرصة لتشكيل جبهه دوليه للضغط على دوله الاحتلال لايقاف الاستيطان، وهو ما لا تريده في الوقت الحالي خصوصا بوجود عمليه التطبيع في المنطقة.
في النهاية، لا يبدو أن دولة الاحتلال ستقدم على خطوات كبيره في قضيه الاستيطان على الأقل في الفترة القريبة القادمة، لأنها تتطلع بترقب الى طبيعة التحركات الأمريكية في الملف الايراني، وهو ما اعتبره السياسيين في دولة الاحتلال الملف الاول على سلم اهتمامهم.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت