- د. فايز أبو شمالة
ليس شرطاً أن ينضم عمران خان رئيس الباكستان إلى حركة الإخوان المسلمين كي يجدد كراهيته للاحتلال الإسرائيلي، يكفي عمران خان أن يكون مسلماً نظيفاً خالياً من فايروس التعاون مع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، ليلتقي مع الإخوان المسلمين على رفض الضغوط السعودية والإماراتية للتطبيع مع الإسرائيليين
المشترك بين عمران خان رئيس الباكستان وحركة الإخوان المسلمين هو عدم الاعتراف بإسرائيل، وعدم الإقرار بشرعيتها، لذلك وقعت العقوبات الأمريكية والسعودية على باكستان مثلما وقعت عقوبات هيئة كبار العلماء في السعودية على حركة الإخوان المسلمين، وتم وصفها بالإرهاب، لا لذنب لحركة الإخوان سوى عدم الاعتراف بإسرائيل، ومحاربة التطبيع.
الترحيب الإسرائيلي ببيان هيئة كبار العلماء في السعودية فضح اللقاء الروحي والوجداني والسياسي بين من ينسبون أنفسهم إلى كبار العلماء المسلمين في السعودية، وبين من ينسبون أنفسهم إلى كبار العلماء اليهود في إسرائيل، والقاسم المشترك بين الطرفين محاربة كل من يرفض الاعتراف بإسرائيل، ومعاداة كل من يرفض تسمية المسجد الأقصى بجبل الهيكل اليهودي، وتشويه سيرة كل من يعترض على الاستيطان في أرض إسرائيل الكبرى، وهذا هو منطلق التوافق بين كل من إسرائيل والسعودية والإمارات، وهذا هو القاسم المشترك الذي أفرز معادة الإخوان المسلمين من جهة، وأفرز معاداة دولة باكستان من جهة أخرى، لتكون النتيجة توافق باكستاني مع الإخوان المسلمين على رفض الاعتراف بإسرائيل، ورفض التطبيع معها، كقاسم مشترك تلتقي على روافده أمواج العمل الإنساني والإسلامي.
سيواصل حلف السعودية إسرائيل حشد قواه الاقتصادية والإعلامية والعسكرية ضد من يعاديه، وسيسعى هذا الحلف إلى مواصلة فرض العقوبات على إيران، وعلى رجال المقاومة في غزة، وسيواصل فرض العقوبات على باكستان، وستواصل السعودية تهديدها بطرد ملايين الباكستانيين العاملين في دول الخليج، بهدف الضغط على باكستان كي تطبع مع إسرائيل.
الحلف السعودي الإماراتي الإسرائيلي لا يحارب الإخوان المسلمين وحدهم، ولا يحارب دولة باكستان فقط، حلف إسرائيل يحارب ماليزيا وتركيا وإيران، ويحارب الشعوب العربية كلها، ويحارب كل إنسان يرفض الخنوع للأطماع الإسرائيلية، حلف إسرائيل قسم المنطقة كلها إلى أحبة إسرائيل أو أعدائها، وهذا الانقسام جاء لخير، فالانقسام يؤكد على شمولية المعركة مع الصهاينة، ويصحح الخطأ التاريخي الذي قزم الصراع الأيديولوجي وجعله نزاعاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وجعل من منظمة التحرير نداً للصهيونية العالمية، وفصل ما بين القضية الفلسطينية وعمقها العربي والإسلامي.
الحلف السعودي الإماراتي الإسرائيلي وضع النقاط السياسية على حروف الصراع القائم على مستقبل المنطقة، وعلى مستقبل أمة تقف على رأسها باكستان وإيران وتركيا وكل شعوب المنطقة الرافضة للانكسار، والباحثة عن مستقبل الأجيال رغم أنف حلف المذلة والضلال.
لقد فضح بيان كبار علماء السعودية حقيقة النظام السعودي الذي رفض مقاطعة البضائع الفرنسية نصرة لماكرون، ويحض على التطبيع ليشد من عضد نتانياهو، كي يقتل المزيد من العرب الفلسطينيين، ليسهل علية تهويد القدس، وضم الضفة الغربية، وهذا ما يرفضه كل مسلم وعربي، وهذا ما أدركه عمران خان رئيس الباكستان الذي رفض إغراءات التطبيع مع الصهاينة، وأدرك خطر الخنوع للمؤامرة الصهيونية التي طلاها العملاء بعسل المساعدات.
ملحوظة: لمواجهة الضائقة الاقتصادية الناجمة عن الضغوط السعودية والإماراتية، بدأ عمران خان إجراءات تقشّفِيّة قاسية، لقد أنهى خدمات 500 عامل كانوا يخدمون في قصر رئيس الوزراء، واكتفى بسيارة واحدة، واستغنى عن الطائرة الرئاسية، وعاش في بيت متواضع.
وظل يردد مع ذكر الله: لا للتطبيع مع الصهاينة!
فهل يقدر على ذلك ملوك ورؤساء العرب؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت