- ثائر محمد حنني الشولي
أعلن رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية , عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح) السيد الوزير حسين الشيخ , وذلك منتصف الشهر الجاري تشرين ثاني من العام ألفين وعشرين , عن عودة التنسيق الأمني والمدني وكافة العلاقات مع حكومة الإحتلال , مستنداً الى رسالة خطية تلقفتها يداه حسب زعمه , مرسلة من الجانب الإسرائيلي تفيد بإلتزام حكومته بكافة شروط السلام التي أقرتها الشرعية الدولية , متناسياً ما خلفته سياساته الإستيطانية والتهويدية في القدس والضفة من وقائع إستعمارية كارثية عبر سنوات التفاوض العجاف يصعب معها تصديق ما ورد في رسائل الإحتلال ويصعب معها المضي في ما يسمى مسيرة السلام .
مما دفع الشرعية الفلسطينية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية للتداعي في إجتماعات وحوارات في كافة مؤسساتها وأطرها وخلصت الى قرارات هامة صدرت عن مجلسيها المركزي والوطني , وتؤكد على قطع كافة العلاقات مع الجانب الصهيوني ووقف التنسيق الأمني مع أجهزته الأمنية , بل ووقف العمل بكل الإتفاقات الموقعة مع حكومة الإحتلال , بما فيها إتفاق أوسلو الشهير والذي إعترفت بموجبه منظمة التحرير بحق ما يسمى (إسرائيل) بالوجود على أجزاء كبيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ العام 1948م .
تلك القرارات الهامة والتي أكد عليها إجتماع الأمناء العامون للفصائل الوطنية الفلسطينية أيضا في الثالث من أيلول المنصرم والتي جاءت بناءً على معطيات الواقع الذي يفيد بأن الإحتلال ماض في قضم وإبتلاع الضفة الغربية وعاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة (القدس ) , وبما لا يدع مجلاً لقيام الدولة الفلسطينية المنتظرة الى جانب دولة الإحتلال المعترف بها فلسطينياً ودولياً وفق شروط التسوية السلمية خاصة الشرق الأوسط الجديد , والتي إنطلق قطارها منذ ثلاثون عاماً تقريباً ولم تفضي حتى الاّن إلا لمزيد من الجرائم المرتكبة بحق الشعب العربي الفلسطيني , ومنها جرائم الحرب والإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي الممنهج , إضافة لأعمال القتل اليومي المبرمج على الحواجز والبوابات التي شيدها الإحتلال على مداخل مدننا وقرانا ومخيمات لجوئنا بعد إتفاق أوسلو البغيض , بهدف تقييد حركة الفلسطينيين تمهيداً لحبسهم في كانتونات منفصلة تجسد نظام الأبرتايد العنصري المنوي إقامته في المنطقة بديلاً عن نهج السلام المزعوم المستند لقرارات الشرعية الدولية العاجزة.
إن ما فرضته حكومة الإحتلال من واقع إستعماري تهويدي في القدس وأكثر من نصف أراضي الضفة الغربية المحتلة لهو أكبر بكثير من بضع كلمات وثرثرات يبيح فيها السيد حسين الشيخ عن إلتزام حكومة الإحتلال اليمينية المتطرفة بشروط السلام وفق مقررات الشرعية الدولية , بينما جرافات ومجنزرات جيشها المجرم تجهز على عروبة المكان وتطال أنيابها بيوت السكان وأطراف العتبات المقدسة , كما وتؤكد هذه الحكومة كل يوم مضيها قدماً في كافة مشاريعها الإستيطانية والإستعمارية وكل سياساتها الفاشية المبنية على القمع والتنكيل والقتل والإبادة والتطهير والحصار والحبس والتجويع والقهر وسرقة المزيد من الأراضي الزراعية خاصة السكان العرب في كل أراضي فلسطين التاريخية.
بناءً على ما تقدم فإن قرار عودة التنسيق الأمني والعلاقات مع الإحتلال المفاجئ يعد خروجاً عن المخرجات الوطنية الصادرة عن كافة هيئات ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وعلى البرنامج الوطني المرحلي الذي أكد عليه الأمناء العامون للفصائل الوطنية الفلسطينية , وما قد يلحقه ذلك من ضرر واسع على العلاقات الوطنية ومسارات الحوار الوطني الحثيث نحو تحقيق الوحدة الوطنية وردم هوة الإنقسام السحيق الذي أضر كثيراً بقضية شعبنا العادلة وأضر بألقها وبريقها على المستويين الإقليمي والدولي , مما يستدعي صحوة عاجلة لكل الأحرار الوطنيين لوقف عجلة التدهور في الحالة الفلسطينية وبذل جهود غير مسبوقة في رأب الصدع ومداواة الأمر قبل فوات الأوان .
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي بيت فوريك – فلسطين المحتلة تشرين ثاني - 2020
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت