توجه مركز "شمس" بعبارات التضامن للنساء الفلسطينيات القابعات تحت وطأة العنف المزدوج: الاستعماري - الذكوري في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي يأتي هذا العام في ظروف خاصة تزداد فيها صعوبة أوضاع النساء. إذ عززت جائحة كوفيد - 19 العنف ضدهن وضاعفت مستوياته نظراً لما ترافق معها من إجراءات عزل وتباعد اجتماعي، ففي الوقت الذي ناشدت فيه الحكومة المواطنين/ات الالتزام في المنازل باعتبارها الأماكن الأكثر أمناً في مواجهة الوباء، تجاهلت السلطات أن هذه البيوت نفسها هي الأكثر رعباً لعديد من النساء الفلسطينيات. حسب ما ذكر المركز
وقال مركز "شمس" في بيان له ، مع الضغوط النفسية تسببت هذه السياسات في رفع نسبة العنف المنزلي ضد النساء. كما زادت الجائحة من الأعباء الاقتصادية على النساء العاملات وبالذات في المستعمرات "الإسرائيلية" ورياض الأطفال والقطاعات السياحية، كما تسببت في تعقيد ظروف الأسر التي ترأسها نساء والتي بلغت حوالي 11% من الأسر في العام 2020 وفق الجهاز المركزي للإحصاء. فقد خلقت الجائحة مهددات إضافية على المستوى النفسي ضد النساء، إذ ترافقت مع تزايد الشعور العام بالقلق والوحدة والعزلة والاكتئاب. وبشكل خاص فقد ضاعفت الجائحة الأعباء المنزلية التي فرضها المجتمع الذكوري على النساء من أعمال منزلية خاصة مع تعطيل القطاع الوظيفي والتعليمي.
كما رصد مركز "شمس" بشكل خاص تزايد خطابات الكراهية ضد النساء في الحيز الرقمي والتنميط الساخر لأدوارهن. وخطر تقطع السبل بالنساء عن المؤسسات الرسمية والمدنية التي توفر لهن الدعم والإرشاد النفسي والقانوني نتيجة الإغلاق. فضلاً عن تهميش النساء وتقليص أدوارهن عن المشاركة في الشأن العام خلال حالة الطوارئ المعلنة بسبب الجائحة مثل لجان الطوارئ.
وذكر مركز "شمس" أن هذا العام كان سيء على النساء الفلسطينيات بكل المقاييس، إذ وصلت معدلات العنف ضد النساء إلى مستويات مهولة، ففي الوقت الذي أشارت فيه بيانات مسح العنف الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن محافظة الخليل من أعلى محافظات الضفة الغربية انتشاراً للعنف من قبل الازواج ضد النساء المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهن الزواج في العمر (18-64) سنة، والتي بلغت 37% تليها محافظة جنين بنسبة 27%، وأقلها محافظة القدس 11%. وعلى مستوى محافظات قطاع غزة فقد شكلت محافظتي خانيونس وغزة أعلى نسب انتشاراً لعنف الأزواج ضد النساء المتزوجات حالياً أو اللواتي سبق لهن الزواج فبلغت 41%، و40% على التوالي، وكانت أقلها محافظة دير البلح بنسبة 30% ، رصد مركز "شمس" ارتفاع ملحوظ في معدل الجريمة وفي مقدمتها جرائم قتل النساء، والتي تزداد بشاعة كماً ونوعا، إذ بلغ عدد النساء الفلسطينيات اللواتي قتلن منذ بدء العام وحتى تاريخه () في الضفة الغربية وقطاع غزة.
كما وحذر مركز "شمس" من ترسخ الثقافة المجتمعية الذكورية القامعة للنساء والعنيفة ضدهن والتمييزية في المجتمع الفلسطيني مع تصاعد خطابات الكراهية الصادرة عن القوى الإسلاموية الأصولية، والتي تستفيد من ضعف النظام السياسي والخلل الجوهري الكامن فيه والمتمثل بغياب البرلمان صاحب الاختصاص الرقابي والتشريعي الأصيل منذ 14 عام وتعطيل الانتخابات ومراوحة الوعود بإجرائها مكانها. حسب المركز
وقال المركز "حيث تستند هذه الثقافة الذكورية العنيفة على جذور ومغذيات هي العادات والتقاليد والعرف المجتمعي والتفسيرات الدينية المتشددة وتملأ الفراغ الذي تركته القوى السياسية التقدمية. تزداد خطورة هجوم الكراهية والتكفير المنظم من قبل قوى الإسلام السياسي وبالذات (حزب التحرير الإسلامي) الأصولي بتحالفهم مع القوى العشائرية ذات النفوذ الواسع في الشارع الفلسطيني."كماقال
وقال مركز "شمس" أن النظام السياسي الفلسطيني وعلى الرغم من وثيقة إعلان الاستقلال ومن القانون الأساسي ومن الحديث عن حلم الدولة المدنية ذات المؤسسات الدستورية والتي يسود فيها القانون على الجميع، يمارس رعاية لقوى محافظة هي جزء من مرحلة ما قبل الحداثة والدولة، الأمر الذي يعني غياب الإرادة السياسية نحو المدنية ويعبر عن هشاشة وضعف وتخبط النظام السياسي الذي يجب أن يكون محتكراً للقضاء والعنف المشروع والحكم. وسواء قام النظام السياسي الفلسطيني بذلك عن وعي أو بدون وعي، إلا أن ممارساته على مدار الـ 14 عام الأخيرة أضعفت القوى المدنية وساهمت في تقوية القوى الأصولية.كما قال
وقال المركز إنه وبالرغم من تصاعد ضغط المجتمع المدني لمواءمة اتفاقية "سيداو" التي انضمت إليها السلطة الفلسطينية ونشرها في الجريدة الرسمية وإقرار قانون حماية الأسرة من العنف الموضوع على طاولة الحكومة منذ سنوات طويلة وتحديد سن الزواج جدياً ودون استثناءات وساعة تحولت للأصل عند ثمانية عشر عام، ع تزايد جرائم القتل ضد النساء، والعنف ضدهن، وضد بقية مكونات الأسرة، إلا أن النظام السياسي لم يستجب لهذه النداءات. بل وقف صامتاً أمام ما صدر من خطابات تمييزية وتحريضية وخطابات كراهية من القوى التقليدية تحرض بالإغلاق والمقاطعة للمؤسسات المدنية وعنف لفظي ضد هذه المؤسسات وضد العاملين فيها وصلت حد التهديد بالقتل عبر المنصات الرقمية. امتدت خطابات الكراهية إلى المؤسسات الإعلامية والقضاء النظامي في تحدٍ للنظام السياسي الذي انضم للاتفاقيات الدولية، والذي اكتفى بممارسة حالة انسحاب سلبية على نحو مريب أمام الهجوم الأصولي على المجتمع المدني على خلفية مناهضة العنف ضد المرأة.