حذر إعلاميون فلسطينيون وعرب من خطورة التطبيع الإعلامي مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدين ضرورة تكاتف الجهود الرسمية والشعبية لمواجهته، مطالبين بذات الوقت الإعلام العربي بضرورة تسليط الأضواء على معاناة الشعب الفلسطيني جراء انتهاكات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال ملتقى إعلامي نظمه طلبة قسم الدراسات الإنسانية والإعلام بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بالتعاون مع منتدى الإعلاميين الفلسطينيين والهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)؛ بعنوان "دور الإعلام العربي في مناهضة التطبيع"، وذلك بمشاركة عدد من الإعلاميين والحقوقيين وطلاب من دول عربية عبر تقنية الزوم.
وأوضح مدير منتدى الاعلاميين الفلسطينيين محمد ياسين أن الملتقى يأتي كثمرة للتعاون المثمر مع قسم الدارسات الإنسانية والإعلام بالكلية الجامعية، وقال: "مبادرة الطلبة لهذا الملتقى تعطينا الأمل بأننا أمام جيل إعلامي واعد يلامس قضايا الأمة، ويدرك خطورة التطبيع وأبعاده"، مؤكداً أن شراكة عدة مؤسسات لتنظيم الملتقى بمشاركة إعلاميين عرب "رسالة بضرورة توحد الجهود وتضافرها لحماية القضية الفلسطينية، والوقوف صفاً واحداً أمام موجات التطبيع التي يراد لها أن تسود".
وأضاف ياسين أن منتدى الإعلاميين بادر لحملة "إعلاميون مطبعون" لفضح التطبيع الإعلامي، مؤكداً ضرورة اصطفاف الإعلام العربي إلى جانب القضية الفلسطينية، كما الشعوب العربية مع الشعب الفلسطيني قلباً وقالباً، منتقداً الصور والزيارات التطبيعية "فهذه الصور تؤلم الشعب الفلسطيني"، داعياً إلى تشكيل حلف فلسطيني عربي لمواجهة التطبيع.
وأشاد مدير منتدى الإعلاميين بالموقف المصري الأصيل ضد تطبيع الفنان محمد رمضان، ومضى يقول: "نحن نثمن المبادرات الطيبة من الشعوب العربية المؤكدة على القضية الفلسطينية، لاسيما مبادرة الشعب الكويتي بنصب لافتات تحدد المسافة بين منازل المواطنين بالكويت والمسجد الأقصى المبارك"، مؤكداً أن "هذه المبادرات تعكس النبض الحقيقي للأمة العربية، وهذه المبادرات يجب أن تتسلط عليها الأضواء حتى ندعم صمود الشعب الفلسطيني".
بدوره، شكر المحاضر الأكاديمي سامي عكيلة ضيوف الملتقى، معبراً عن اعتزاز الكلية الجامعية بالتعاون مع منتدى الاعلاميين الفلسطينيين والهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وقال: "سعيد جداً أن هذا الملتقى يجمع مؤسسة حقوقية وأكاديمية وإعلامية على موضوع واحد، وهو رفض التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي"، مؤكداً ضرورة تكاتف الجهود لتفعيل دور الإعلام العربي في مواجهة "فايروس التطبيع".
قرار سياسي
وتناول الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي الأبعاد السياسية للتطبيع الإعلامي مع الاحتلال الإسرائيلي، وقال: "إن الإعلام والسياسة حطب للآخر، فلا توجد سياسة بدون إعلام، ولا يعيش الإعلام دون جلباب السياسة، وقال: "إن أهم قضية سياسية هي القضية الفلسطينية، ولكن الإعلام ماذا فعل بالقضية الفلسطينية؟!، لقد ميع وضيع هذه القضية"، حسب تعبيره.
وأضاف أن القرار السياسي هو من يتحكم بالمادة الإعلامية من نقل صور التطبيع، فالصورة الإعلامية تعكس القرار السياسي، والإعلام يقوم بدور المروج لهذه الصورة"، مؤكداً حاجة القضية الفلسطينية لأقلام عادلة وحقيقية وفكر واضح، مشيراً إلى محاولات تشويه القضية الفلسطينية وإضعاف الإيمان بها بصور وأشكال مختلفة.
وشدد الجليدي على ضرورة مساعدة طلبة الإعلام على تبني قضايا الأمة، لاسيما القضية الفلسطينية، مبدياً استعداده للتعاون ودعم جهود نصرة القضية الفلسطينية ومواجهة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، حاثاً الطلبة على ضرورة استثمار منصاتهم الإعلامية المختلفة للترويج لما يخدم القضية الفلسطينية في مواجهة موجات التطبيع الإعلامي.
مخاطر التطبيع
بدورها، تطرقت الإعلامية والكاتبة اللبنانية ياقوت دندشي لمخاطر التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، وقالت: "إن الاعلام قائم على المعلومات، يبث المعلومة ويسقط المعلومة ويغير المعلومة وصولا إلى صناعة المعلومة وصناعة الرأي العام، فالإعلام القوي يوجه المتابعين، وغالبا ما يكون تدريجياً على مراحل"، مبينة أن "ما يعجز عنه السلاح من فرض قبول الكيان الصهيوني ممكن أن ينجزه الاعلام.
وحذرت دندشي من الأعمال الفنية التطبيعية فهي "أكثر خطورة وخبثاً"، معللة ذلك بقولها: "الأعمال الفنية تعمل على تغير المزاج العام وتبعد الجيل الصاعد عن هموم الأمة"، مضيفة أن مجرد استضافة شخصية إسرائيلية يمثل اعتراف بوجود كيان الاحتلال، يفتح المجال لإيصال الرواية الإسرائيلية، وهذا الأمر الذي يتصف بالغزو الفكري، ويؤثر سلباً على قناعات شريحة من المشاهدين، وخاصه البسطاء".
بدوره، شدد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي على ضرورة إظهار المخاطر السياسية والاقتصادية والثقافية للتطبيع باعتباره "يتناقض مع تاريخ المنطقة العربية وثقافتها ومع الحقوق والمصالح العربية، ويأتي في سياق شطب حقوق الشعب الفلسطيني"، محذراً من اتساع موجة التطبيع "ما لم يزد الضغط على الحكومات المطبعة شعبيًا، وطالما لم تأخذ القيادة الفلسطينية موقف رسمي واضح وكاف لمواجهة ومناهضة التطبيع".
وتحدث عن أهمية استنهاض قدرات الشعب الفلسطيني، وإطلاق طاقاته حتى يستطيع مواجهة المخاطر المحدقة والمحيطة بالقضية والشعب الفلسطيني، وتفعيل الدبلوماسية الفلسطينية بما يضمن إعادة القضية الفلسطينية على سلم أولويات القضايا الدولية، وقطع الطريق أمام حملات التطبيع العربي – الإسرائيلي، واستثمار عضوية فلسطين في المنظمات الإقليمية والدولية لفضح الجرائم الإسرائيلية.
ودعا عبد العاطي لضرورة المبادرة لخطوات عملية لمواجهة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي عبر تشكيل مرصد إعلامي بما يعزز الجهد الفلسطيني لتشييد حائط صدٍّ سياسي بما يكفل تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية المشروعة.
وتخلل الملتقى نقاش بين المشاركين وضيوف الملتقى من الدول العربية، واتفق المشاركون على ضرورة تكاتف الجهود لمواجهة التطبيع الإعلامي.