بعد ثلاث سنوات من إعلان العراق طرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تواجه مدينة الموصل المدمرة كبرى مدن الشمال العراقي، تحديات مزدوجة تتمثل في بذل أقصى الجهود لتوفير الخدمات الصحية الأساسية في ظل مواجهة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
ويقول خبراء في الصحة إن النظام الصحي الهش يكافح من أجل تلبية الاحتياجات الصحية الأساسية للسكان، وهو غير قادر على التعامل مع أزمة مثل كوفيد-19.
وشهدت الموصل معارك شرسة أدت إلى تدمير المدينة القديمة في الجانب الغربي منها ولاتزال آثار الدمار موجودة حتى الآن.
تحدي التحديات
زادت أزمة كورونا من التحديات الصحية في الموصل، مركز محافظة نينوى وثاني أكبر مدن العراق، حيث لايزال السكان بحاجة الى احتياجات صحية هائلة بعد معارك ضارية خلال سنتي 2016 و2017.
وأمام هذه الصعوبات ووسط تفشي العدوى وعدم وجود مؤسسات صحية فعالة وتوفر الأجهزة الطبية لتقديم الخدمات للمرضى، لم يكن هناك سوى طريق واحد أمام الكوادر الطبية العاملة في الميدان لتقديم الخدمات الطبية، وهو تحدي التحديات.
وأكد الدكتور كابيل شارما منسق مشروع منظمة أطباء بلا حدود في مستشفى نابلس الميداني، التي تضم 89 سريرا، أنهم يتحدون التحديات من أجل تقديم الخدمات الطبية للسكان المحليين.
وقال كابيل لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "هناك الكثير من الاحتياجات فضلا عن عدم توفر الرعاية الصحية الأولية للسكان، وفوق هذا لدينا كوفيد-19 الذي يهدد النظام الصحي الهش".
وأضاف "بالتأكيد هذا التحدي لا يواجهنا وحدنا، بل أعتقد أن جميع العاملين في النظام الصحي والمستشفيات والذين يقدمون الرعاية الصحية يشعرون بذلك".
من جهته، أكد الدكتور فلاح حسن الطائي مدير عام صحة محافظة نينوى استمرار "الجيش الأبيض" في المحافظة بالتصدي لكورونا رغم قلة الامكانيات المتوفرة لديها.
وكشف عن وجود تحدي آخر يتطلب تعاون الجميع بما فيهم المجتمع الدولي، وهو إعادة النازحين إلى منازلهم، وهذا يتطلب إعادة اعمار المؤسسات الصحية وتوفير الخدمات الرئيسية.
وكان لدى محافظة نينوى قبل احتلالها من التنظيم المتطرف في يونيو 2014، نحو أربعة آلاف سيارة اسعاف، أما الآن فلديها 235 سيارة اسعاف وبعضها غير صالح للعمل، فضلا عن عدم توفر السيارات المخصصة لنقل النفايات لدى دائرة صحة المحافظة.
قلق من الوضع الصحي
يبدي سكان الموصل قلقهم من خطورة الوضع الصحي بسبب تفشي كورونا ما يزيد من جراحهم المثقلة نتيجة جرائم التنظيم المتطرف قبل أن تطرده القوات العراقية في العاشر من يوليو 2017 من المحافظة التي شهدت دمارا لنظامها الصحي خلال المعارك.
وقال عبدالرزاق محمد (58 سنة) الذي حضر إلى المدينة القديمة بالجانب الغربي للموصل لتفقد مطعمه الذي دمر خلال المعارك مع التنظيم الارهابي، ان "هناك الكثير من الناس أصيبوا بكوفيد-19، ومنهم بعض أصدقائي، والسبب في ذلك وجود الازدحامات في الاسواق وعدم لبس الكمامة".
وانتقد محمد عدم التزام المواطنين بالتعليمات الصحية قائلا "الناس غير ملتزمة بلبس الكمامات كونهم ضجروا لعدم وجود علاج لكورونا حتى الان، والوضع سيء ولا توجد معالجة".
وأشار الى أن اصدقاءه الذين أصيبوا بالمرض لم يذهبوا إلى المستشفى لعدم وجود علاج وفضلوا البقاء بالمنزل.
وأثناء التجوال في مدينة الموصل، كان قليل من الناس يلبسون الكمامات، فيما العديد من السيارات مزدحمة بالناس وهم يشاركون بحفلات الزواج وغير مرتدين للكمامات.
ويلخص عبدالرحمن ذنون معاون منسق مشروع مستشفى نابلس غربي الموصل الذي تديره منظمة أطباء بلا حدود، الوضع الصحي في عموم الموصل قائلا "إن المدينة بحاجة إلى جميع أنواع الخدمات الصحية، ابتداء من الصحة الأولية إلى الخدمة الصحية المتخصصة".
وأضاف ذنون أن "65 بالمائة من المؤسسات الصحية دمرت كليا أو جزئيا بسبب المعارك، وعملية إعادة اعمارها تستغرق الكثير من الوقت، والعراق يعاني من العديد من الازمات".
وحتى يوم الاثنين الماضي بلغ عدد الاصابات بكوفيد-19 في نينوى 19623 فيما بلغ عدد الوفيات 452، وفقا لمدير عام صحة المحافظة.
ويحذر الخبراء من أن خطر الإصابة بفيروس كوفيد-19 يزداد مع دخول الشتاء البارد، وهذا يزيد من قلق السكان.
وحسب آخر احصائية أعلنتها وزارة الصحة العراقية يوم أمس بلغ عدد الاصابات في عموم البلاد 568138 توفي منهم 12477 فيما لايزال 57597 يتلقون العلاج.