- د. طلال الشريف
راحت السكرة وإجت الفكرة.
وجاء دور تطبيع جديد، المغرب ، وهل سننتظر دوري كرة التطبيع لنندب حظنا في كل مرة، ولا نعمل سوى الكلام، واظهار عدم الرضا، والوقائع على الأرض تتعمق والعلاقات والسفارات والتجارة والانفتاح يسري كالنار في الهشيم ، ونحن مازلنا نتأمل موتمرا دوليا منذ طرحت فكرته منذ عقود، ولم ولن يحدث.
السياسة كالتاريخ لا ترحم، والفراغ لا ينتظر، وقراءة الواقع ليس للندب والتمني، بل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إذا أدركنا التغييرات في الحالة العربية والدولية.
صحيح نحن أصحاب القضية، ويجب أن نتمسك بحقوقنا حتى آخر رمق، ولكن يجب أن تكون لنا رؤية دقيقة للقادم المختلف تماما عن أن فلسطين القضية المركزية، وهي فعلا لم تعد كذلك، فالسياسة في أيامنا وصراعنا وقضيتنا أصبحت مرتبطة بالأمر الواقع.
الصراع في أصله عربي صهيوني، وليس فلسطيني إسرائيلي، وليس صراعا طبقيا أو دينيا، بل هو صراع مع استعمار استيطاني على أرض عربية تقع في قلب وجغرافيا العرب، وأين حطوا العرب حطينا، رضينا أم لم نرض، والعرب تغيروا في وجهتهم، وقرروا تغيير العلاقات مع إسرائيل، فماذا نفعل؟ وماذا يتبقى بعد العلاقات والتحالفات القادمة حتما، عسكريا وأمنيا واقتصاديا، فنحن في واقع جديد، ولا مهرب منه، بقولنا هو تطبيع حكومات وأنظمة حكم، ولن تطاوعهم شعوبهم كما التطبيع القديم حين صمدت الشعوب ولم تطبع، لا الخارطة السياسية تتغير بشكل كبير وعميق في المستقبل القريب، فماذا يفعل الفلسطينيون ؟ وما العمل؟
نحن في وضع غير مسبوق وفريد من نوعه، وعلينا امتلاك الرؤية كي لا نجد أنفسنا خارج الحالة العربية الإسرائيلية الجديدة رغم المآساة الكبرى التي تضربنا كشعب محتل، تصادر أرضه، ويفقد غطاؤه العربي، وينزع أخطر أسس الصراع مع المشروع الصهيوني _العربي، كي لا نصاب بلوثة غير مرتجعة وتذهب ريحنا.
هل لدينا هامش للعمل دون إضاعة الوقت فيمن طبع وفيمن تبقى؟
الكل سيطبع وتحالفات وعلاقات أكبر وأوسع من واقع صعب ومما كنا نتصور.
ها نحن على الأقل داخليا والذي بالأحرى هو واجبنا وفعلنا، ننتظر مصالحة وطنية وانتخابات، لشد عزم ارادتنا المنقسمة، وللأسف الزمن مضى طويلا وكلاهما أي الانتخابات أو المصالحة لم تأت، وعلى ما يبدو لن تأتي.
قلنا أن الأخطر في موضوع صفقة ترامب التي أصبحت واقعا بعد التطبيع، رضينا أم لم نرض، وهي مرجعية حكومة بايدن، ومرجعية باقي وسطاء السلام في المستقبل، وأن لا بايدن، ولا غيره، يستطيع سحب اعترافهم بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبالتالي ما يهمنا الآن أن لا تبقى صفقة ترامب دون تعديل على مساحة الأرض كما هي الخطة، وهذا يحتاج منا عمل "للإشتباك مع الصفقة" ببرنامج نضالي يخوضه الفلسطينيون جميعا وبمساعدة العرب أيضا رغم ما يجري، وبمساعدة العالم والاصدقاء دون انتظار وإضاعة الوقت، وندب الحظ.
إذا نفذنا اشتباكا مع صفقة ترامب باستراتيجية مدعومة بانتخابات وتجديد شرعيات ودعم شعبي للقرار الفلسطيني، فهذا جيد.
واذا لم تتوفر تلك الاستراتيجية سريعا، فيجب أن نتصرف، وكأن، العرب جميعا طبعوا، وفتحوا علاقاتهم مع إسرائيل، ولا ننتظر أو نواصل الإكتئاب والإحباط ونمارس الشجب وحبة حبة لكل طبة، وكأننا نبرئ أنفسنا بأننا نقوم بواجبنا، فهذا ليس عمل سياسي يوازي الخطر المحدق.
الآن نحن أمام الواقع الذي فيه العرب مطبعين جميعا، وهذا كله معروف للصغير والكبير بأنه مقدمات لحالة ضاغطة على شعبنا في اتجاه حل ترامب لتصبح كل الخطة أمرا واقعا .. ولذلك علينا أن نجيب على سؤال ما العمل؟
الأهم من وجهة نظري، هو خوض معركة تعديل أو تقليص نسبة الأراضي المصادرة أو المتبادلة إلى الحد الأدنى وليس كما في خريطة ترامب، وهذا "ممكن"، إذا أحسنا الإدارة والضغط واستخدام كل الاوراق التي نملكها، ومعنا أيضا العرب رغم تطبيعهم.
هذه هي المعركة الحقيقية الآن؟
قديش بنقدر احنا والعرب المطبعين من تغييرها وتثبيت حقنا فيها، سيكون، مكسبا، وذكاءا، قبل أن تتفاقم أوضاعنا، ويأتي من يقول لنا نحن مضطرين لقبول الصفقة، وهذا ما أتوقعه.
إذاً على الجميع الفلسطيني أن يخوض معركة تقليص مساحة الأرض، هذا هو الواقع المطلوب المواجهة فيه، لأن قيادات السلطة والأحزاب لم يفعلوا أي مقاومة شعبية أو عسكرية كما إدعوا حتى الآن، ويبدو أنهم لن يفعلوا.
انتظار انتخابات وتجديد شرعيات طويلا خطأ ولن تحدث، وأصبحت بمثابة هروب، واضاعة وقت، وحتى المؤتمر الدولي المطروح أيام الخير لم يحدث، ولن يحدث، وإن حدث للأسف، ستكون مرجعيته خطة ترامب ، ونشرب خازوقا دوليا بهذا المؤتمر، ونندم على ترك معركة تعديل نسبة الأراضي المصادرة، في خطة ترامب بعد ضياع الوقت.
أكرر باختصار شديد، التحدي الآن، كيف يقوم الشعب الفلسطيني بتقليص مساحة ارض خطة ترامب؟؟ بدل إضاعة الوقت كل شوية، مين طبع ومين عليه الدور؟؟ وهل في مصالحة وانتخابات والا ما في؟؟
نحتاج تيار كبير يتبنى إدارة المعركة لينتج آلية لتقليص مساحة الأرض في الصفقة وهذا ممكن بالعمل الجاد، سواء .. بضغط انتفاضة .. أو جماعات ضغط عربية خاصة المطبعين على الاحتلال في كل المجالات .. تبلور تيار فلسطيني عربي دولي ضاغط ..استنفار المبدعين والخبراء .. أو تغيير القيادات .. أو كل ذلك ..
الواضح من قراءة الواقع الجديد بأننا نحتاج عمل فلسطيني نوعي غير مسبوق ومدرك للحالة الشرق أوسطية الجديدة القادمة ..
ناس بتستثمر في أندية رياضية وناس بترفع عن بلادها الحصار وقوائم الإرهاب وناس بتستعيد صحرائها الغربية وناس وناس ... إلخ.
السؤال، هل نسعى لتقليل خسائر مصادرة أراضينا في صفقة ترامب قبل فوات الأوان وكيف؟؟!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت