- بقلم : د. أماني القرم
في لحظة صمت مطبق ودون سماع صوت عيار ناري، فجأة سقط علي أبو العليا من قرية المغير شمال شرق رام الله ، الطفل الذي لم يكمل سنواته الخامسة عشر متأوّهًا من الألم في بطنه نتيجة اصابته برصاصة صغيرة لبندقية قنص تدعى (روجر/ لونج ريفل .22) .
جريمة قتل أبو العليا أثارت إدانات دولية جعلت جيش الاحتلال يبررون الحادثة بأنها "قتل بالخطأ جراء تصويب خاطئ من أحد الجنود والعيار الذي قتله لا يحتسب من الرصاص الحي وإنما يستخدم لتفريق المتظاهرين" ! هذا التبرير يثير الاشمئزاز والغضب لأنه كاذب وليس الاول من نوعه، وإنما سيناريو متكرر في كل مرة يستشهد فيها طفل فلسطيني . أي أن التبرير ببساطة دعوة للجنود الاسرائيليين للقتل الصريح دون عقاب وبغطاء دولي.
وقد أكدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في تقريرها عن الحادثة أن بندقية "روجر وأعيرتها المعدنية المغلفة مطاطيا والتي يطلق عليها اسم " توـ تو" سلاحا قاتلا وليس كما يدعي جيش الاحتلال بأنه "غير فتاك"، وما بين "قاتل" أو "غير فتاك" يتزايد عدد الاطفال القتلى واحداً تلو الآخر .
بندقية روجر الأمريكية الصنع ، الأشهر والأكثر مبيعا في الولايات المتحدة لأنها سهلة الاستخدام للمبتدئين ولا تتطلب حرفية عالية من مستخدميها يعني سلاح أسهل للقتل العمد . واسرائيل التي تتفنن في استخدام الاسلحة ضد الفلسطينيين قامت بتعديلات على البندقية لتضيف اليها كاتم صوت ومجهر وهو ما يفسر سقوط الضحايا الغافلين فجأة دون سابق إنذار ومعرفة مكان إطلاق الأعيرة النارية .
لإسكات الانتفاضة الاولى 1987 ، بحثت قوات الاحتلال عن سلاح فعال يصيب المتظاهرين الفلسطينيين أكثر قوة من العيارات المطاطية و"أقل فتكا" من العيارات الفولاذية، فكانت بندقية "روجر" هي المنشودة لهذا الهدف وكان يشترط إطلاق النار على الأرجل . لكن أثناء الانتفاضة الثانية وتحديدا في العام 2001 ساد جدل كبير في اوساط الجيش الاسرائيلي نتيجة الاستخدام الغير مبرر للقوة ضد الفلسطينيين بعد استشهاد عدد من الاطفال في غزة ، الأمر الذي أدى الى حظر هذا السلاح من قبل القاضي العام العسكري الاسرائيلي "مناحيم فينكلشتاين" بعد تحوله من وسيلة لتفريق المظاهرات الى سلاح للقتل كما ورد على لسان بعض ضباط قوات الاحتلال . وعلى الرغم من ذلك إلا أنه في العام 2009 ، نتيجة تطور العقلية الاسرائيلية نحو اليمين المتشدد وغياب الرقابة الدولية وتدهور الوضع الفلسطيني، عاد هذا السلاح للظهور في أيدي الجنود الاسرائيليين لإسكات أصوات المتظاهرين ضد جدار الفصل العنصري .
قتل ابو العليا لا يجب أن يمر بسهولة إصدار البيانات. بل إن استثمار الادانات الدولية التي رافقته ورفض الادعاءات الكاذبة بأن هذا السلاح "لا يقتل" هو أمر واجب التركيز عليه وإثارته بشتى الطرق وفي كافة المحافل لإظهار أن استمرار المسئولين الاسرائيليين في تبرير القتل العمد أدى الى سهولة استخدامه من قبل جنودهم دون داع أو مبرر سوى التسلية والاستهتار بأرواح الفلسطينيين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت