هل ستسقط هيبة السعودية الوهابية السلفية على يد محمد بن سليمان ؟

بقلم: أشرف صالح

أشرف صالح
  • اشرف صالح

نشرت وسائل إعلام عبرية  تفيد بأن المملكة العربية  السعودية أزالت من منهجها الدراسي نصوصاً قرآنية تحض على كراهية اليهود , وبغض النظر عن مدى مصداقية هذا الخبر , فإن ثبوت صحة هذا الخبر يعتبر كارثة بالمعنى الديني والعقدي , لأن النصوص القرآنية هي كلام الله ولا يجوز اللعب فيها مهماً كانت الدوافع والأسباب , ربما يرى من يسمون أنفسهم بالمستشرقين والتنويريين والمبشرين والوسطيين وما شابه , بأن بعض الآيات القرآنية وخاصة "آيات الحرابة" تحض على قتل الغير مسلم , ويرون ذلك لأنهم بالأصل يقرأون القرآن بهدف إنتقاده ومهاجمته , وليس بهدف فهمه الصحيح , و بعيداً عن التدقيق في اللغة والسياق وسبب النزول والعلل وغير ذلك , فكل هم هؤلاء المستشرقين والتنويريين والمبشرين هو أن يثبتو للبشرية أن القرآن يحض على القتل والعنف , ويأتي ذلك ضمن مشروع التبشير ونشر المسيحية على أكبر مساحة من العالم , وخاصة عبر القنوات الفضائية المسيحية والتي كل همها أن تهاجم الإسلام وتشكك في رسالة سدينا محمد صلى الله عليه وسلم .

منذ ظهور العالم الشيخ "محمد بن عبد الوهاب" في القرن الثامن عشر , وتبنية لمدرسة شيخ الإسلام "إبن تيمية" ونشره للدعوة السلفية والتي تعرف بالوهابية نسبة له , والتي تعتمد على فهم القرآن والسنة بفهم سلف الأمة , توغل الفكر الوهابي السلفي في بلاد الحجاز , ومروراً  بأهل هذه البلاد وحكامها , ووصولاً الى "آل سعود" الذين إعتمدوا  الفكر الوهابي حتى أصبح المدرسة الدينية المعتمدة في  دولة السعودية منذ نشأتها عام 1932 الى زمننا هذاوقد ساهم الفكر الوهابي في صناعة هيبة السعودية وجعلها منارة السلف الصالح في فهم الدين والسنة النبوية المشرفة , وتمثل ذلك في تطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة الحدود , وفرض النظام الإسلامي في الشارع السعودي بواسطة المؤسسات الحكومية وقوة القانون وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , حتى باتت السعودية عاصمة السنة في العالم الإسلامي ولها مكانتها وهيبتها الدينية , وذلك بفضل تمسكها بالفكر الوهابي  والذي سار على نهج السلف الصالح .

لم يسلم الفكر الوهابي من مهاجمة الأعداء كونه فكر صريح وصارم ولا يجامل أحداً , فالأعداء كثر , فالشيعة الذين يشتمون "عمر وأبو بكر وعثمان وعائشة ومعاوية" يعتبرون الفكر الوهابي السلفي في الممكلة السعودية هو عدوهم الأول والأكبر , ويحاربونه بكل الوسائل , حتى وصل الأمر الى محاولات  الحوثيين في اليمن , هدم "الكعبة" بواسطة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرةأما ما يسمون أنفسهم بالتنويريين والوسطيين  فهم منشورين في العلم , فهم يهاجمون الفكر الوهابي بطريقة ناعمة , وذلك من خلال إظهار أن تطبيق الشريعة والنصوص القرآنية حرفياً , فيها ظلم كبير على من هم غير مسلمين , وقد صورو هذا الهجوم على القرآن من خلال مصطلح "إسلام فوبيا" مستغلين بذلك أخطاء السلفية الجهادية أمثال "داعش والقاعدة" وغيرها , والذي أصبح فزاعة لكل من هو غير مسلم بحسب مروجين هذا المصطلح , ولم يقتصر الهجوم على الفكر الوهابي السلفي على الشيعة والتنويريين فقط , إنما يزداد شيئاً فشيئاً على يد فئة من المسيحيين الذين يهاجمون الإسلام ليلاً نهاراً , ويشككون في رسالة سيدنا محمد صلى الله عيه وسلم , ويعتمد هؤلاء المسيحيين على مراكز القوة في العالم وصناع القرار , مثل الرؤساء والسياسيين ووسائل الإعلام المؤثرة وغيرها من مراكز قوى .

لقد إشتدت  المعركة ضد الفكر الوهابي منذ تولي ترامب عرش الولايات المتحدة الأمريكية , ولكن المعركة بطريقة مختلفة تماماً عن معارك ترامب المباشرة , فهذه المرة إختار ترامب ولي العهد السعودي "محمد بن سليمان" كي يجعله حقل تجارب لتحويل المملكة السعودية الى مجرد دولة عادية تنادي بالحريات والعولمة  والإنفتاح وغيرها من المصطلحات الغربية المعادية للإسلام والشريعة , فمنذ تولي ترامب الحكم بدأ "محمد بن سليمان" بالتصريحات المعادية للمؤسسة الوهابية وشيوخها , وأشهر هذه التصريحات عندما صرح لصحيفة "واشنطن بوست" بأن الوهابية في السعودية هي خطأ تاريخي يجب التراجع عنه , وأن الفكر الوهابي جاء بدعم غربي ضد التمدد السوفييتي الشيوعي في المنطقة العربية , وبعد هذه التصريحات تفاجأ العالم بالتغيرات الجذرية على المملكة السعودية , مثل فتح المجال للإنفتاح في المجتمع السعودي شيئاً فشيئاً , حتى باتت القوانين والمراسيم الملكية الجديدة تنفي وجود شيوخ ومؤسسات الدينية الوهابية في المملكة , وكل هذا بالفعل لم يأتي من فراغ , إنما هناك تأثير مباشر من قوى خارجية بقيادة ترامب  على عقلية أصحاب القرار  السياسي في السعودية والذين يدورون  في محور ولي العهد محمد بن  سليمان .

والسؤال المهم والذي ينتظر إجابته الكثيرون , وخاصة في زمن التوجه الى الحروب العقدية , وهو , هل ستسقط هيبة السعودية الوهابية السلفية على يد محمد بن سليمان ؟؟ والإجابة من وجهة نظري أنها ستسقط تدريجياً إذا إستمرت على هذا الحال , وإذا بقيت المؤسسة الدينية الوهابية وشيوخها صامتين على هذا الإنفتاح الذي يقوده ولي العهد محمد بن سليمان بإيعاز من ترامب ومن سيخلفوه في الحكم , ومن يقفون وراءهم من أصحاب نفوذ كل هدفهم إظهار الإسلام بصورة غير صحيحة .

كاتب صحفي 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت