زيت السمك ... والفيتامينات ... وطاسة الحليب

بقلم: علي بدوان

زيت السمك
  • بقلم علي بدوان ... عضو اتحاد الكتاب العرب

مفردات، لموادٍ حيوية للكائن الحي، حَفِلَت بها مدارس الوكالة، وكافة طلابها وتلاميذها، منذ بدء الدوام الرسمي في المدارس صبيحةِ كل يوم. يتقدمها طاسة الحليب، التي لابد من تناولها من قبل كل تلميذٍ وطالب، قبل دخول الشعب الصفية، حيث تناولها "اجباري" في المدارس، وتحت اشراف الأساتذة والإدارة.  بغض النظر عن تأفف الكثير من التلاميذ والطلاب منها، ومحاولتهم التحايل للتملص من تناولها، لكنها كانت في نهاية الأمر لابد من تناولها من قبل كلِ تلميذٍ وطالب.

أما حبوب زيت السمك، ومعها حبوب الفيتامينات، فكانت بدورها "اجبارية" للجميع، نظراً لدورها الحيوي بالمساهمة بتطور القدرات العقلية للأطفال، وهي التي تحتوي على "أحماض أوميغا 3" غير المُشبعة، الضرورية لتنمية القدرات العقلية للأطفال في مختلف مراحل نموهم العمري والجسدي، مع وجود ظاهرة "فرط النشاط".

كان مدير مدرستنا، مدرسة صرفند الإبتدائية، اللوباني محمد عطية، قاسياً جداً، في متابعة التلاميذ، والتأكد من تناول الحليب الصباحي من قبلِ كل تلميذ، حتى لو استدعى الأمر منه استخدام "العصا السحرية" التي لم تكن تفارق يده. فضلاً عن متابعة نوابه في المدرسة الأستاذ المرحوم أحمد عصفور (من عين غزال قضاء حيفا). والمرحوم الصفدي علي شما... فضلاً عن المدرسين، ومربي الشعب الصفية.  

تلك المنتوجات الحيوية، كانت أوربية الصنع، وبمصدرها، ومن المواد العينية التي تقدمها الدول المانحة للوكالة، واستمر الأمر كذلك منذ قيام الوكالة عام 1949، وحتى أوائل تسعينيات القرن الماضي عندما بدأت الميزانية العامة للوكالة تعاني من "الشح" مع ازدياد الأعباء الملقاة على عاتقها نتيجة الزيادة الطبيعية باعداد اللاجئين الفلسطينيين في الوطن الفلسطيني والشتات (سوريا + لبنان + الأردن) حيث أقاليم عمل الوكالة الخمس المعروفة (الضفة الغربية والقدس + القطاع + سوريا + لبنان + الأردن).

طاسة الحليب، وحبوب زيت السمك، والفيتامينات، مفردات لمواد حيوية، تبقى في الذاكرة الطازجة دوماً  للأجيال الأولى والثانية والثالثة والرابعة من لاجئي فلسطين في الوطن والشتات. وتبقى مرسومة ليس باعتبارها مواد حيوية للكائن الحي بقدر ماهي تعبير مادي وملموس عن حياة اللجوء والنكبة المستمرة.

تاريخ، يُكتَب ويدوّن، إنه سيرة هذا الشعب الفلسطيني العملاق، الذي سقط على رأسه كل نوائب الدهر، لكنه مازال واقفاً، وخير دليل على ذلك محنته في الأزمة السورية، حيث مازال يشق طريق الحياة وسط دمار عددٍ من مخيماته وتجمعاته، ومنها مخيم اليرموك، المخيم الأكبر من بين مخيم الداخل والشتات، يليه جباليا في قطاع غزة، ثم الوحدات في عمان، وصولاً الى عين الحلوة في لبنان قرب مدينة صيدا.

 

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت